تعثر محاولات فتح معبر رأس جدير بين تونس وليبيا

25 يونيو 2024
وقف المعبر أثر سلبا على التجارة التونسية (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- محاولات إعادة فتح معبر رأس جدير الحدودي بين تونس وليبيا تواجه تعثرات مستمرة، رغم الاتفاق الأمني الموقع لاستئناف حركة الأشخاص والعربات، ولم يتم الافتتاح الكامل كما كان مخططًا له.
- الأوضاع الأمنية والخلافات الداخلية في ليبيا، بالإضافة إلى استبعاد بلدية "زوارة" من الاتفاق، تعيق فتح المعبر وتؤدي إلى تأجيلات متكررة، مما يعكس هشاشة الاتفاق الأمني.
- إغلاق المعبر يؤثر سلبًا على الاقتصاد والمجتمع المحلي في المناطق الحدودية، حيث تعتمد الأسر على التجارة الموازية وتهريب البضائع، والاتفاق الأمني لم يعالج قضايا التبادل التجاري بشكل كافٍ.

لا تزال محاولات فتح معبر رأس جدير الحدودي بين تونس وليبيا متعثرة، رغم توقيع سلطات البلدين اتفاقا أمنيا يقضي بإعادة فتح المعبر أمام حركة الأشخاص والعربات بعد ثلاثة أشهر من الإغلاق. وللمرة الثالثة على التوالي، يتعّذر فتح المعبر الذي كان يفترض أن يعود إلى سالف نشاطه أمس الاثنين، وفق روزنامة أعلنت عنها السلطات الليبية، حيث جرى الإعلان عن تأجيل فتحه من دون ذكر الأسباب. 

وفي 12 يونيو/ حزيران الحالي، أعلنت وزارة الداخلية الليبية إعادة فتح معبر رأس جدير الحدودي جزئياً أمام الحالات الإنسانية والمستعجلة والطارئة والدبلوماسية. وأفاد بيان نشرته وزارة الداخلية على صفحتها الرسمية على "فيسبوك" بأن الافتتاح الكلي لهذا المعبر أمام مواطني البلدين في الـ20 من الشهر الحالي، قبل أن يؤجَّل الموعد إلى يوم 24، لتتعذر مجددا إعادة الحركة بين البلدين إلى وضعها السابق. 

ومنذ 19 مارس/آذار الماضي، أغلقت السلطات الليبية المعبر الرئيسي بين البلدين بقرار أحادي عقب اشتباكات مسلحة بين قوات مسلحة ليبية، بينما سُمح للتونسيين في ليبيا بالعبور وتحويل جزء من حركة الأفراد نحو معبر الذهيبة/ وازن.

وفسّر رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان مصطفى عبد الكبير تعثّر استئناف حركة العبور ببوابة رأس جدير الحدودية بهشاشة الاتفاق الأمني الذي جرى توقيعه بين البلدين، مؤكدا أن الإشكال الأمني الذي يحول دون استئناف نشاط المعبر يتعلق بدولة ليبيا وليس بتونس. 

الخلافات الليبية حالت دون فتح معبر رأس جدير

وأفاد عبد الكبير في تصريح لـ"العربي الجديد" بأن الخلافات الليبية الداخلية حالت دون حل الأزمة، مرجحا أن يكون السبب الرئيسي استبعاد الاتفاق بلدية "زوارة" الليبية التي تعود لها مهمة التصرف في المعبر منذ عشرات السنوات. وأكد المتحدث أن تأجيل فتح معبر رأس جدير الحدودي كان مُنتظَرًا، منذ الإعلان عن تاريخ فتح المعبر الذي كان مقررا أمس. 

وشدد في السياق ذاته على أهمية شمول الاتفاق الجوانب الأمنية والتجارية وكل الإشكاليات التي تعترض مصالح الجمارك والأمن، من بينها تشابه الأسماء، وتسجيل السيارات، والاعتداءات المتكررة على التونسيين في ليبيا، وبعض التضييقات على الليبيين في تونس. ويقع معبر رأس جدير في مدينة بن قردان في محافظة مدنين جنوب شرقي تونس، ويبعد نحو 30 كيلومترا عن مركز المدينة، وقرابة 180 كيلومتراً عن العاصمة الليبية طرابلس. 

ومنذ إقفاله، حُوّلت حركة العربات والسلع نحو معبر الذهيبة/ وازن بمحافظة تطاوين، كما قامت الجمارك التونسية بمنح شاحنات التصدير رخصاً استثنائية لتحويل مسلكها البري. خلال شهر مايو/ أيار الماضي، سجل معبر ذهيبة/ وازن مرور أكثر من 70 ألف سيارة وحوالي 150 ألف مسافرا بالاتجاهين وستة آلاف شاحنة.

ويعتبر رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان أن اتفاق 12 يونيو/ حزيران كان مبهما ولم يتضمن بنودا بشأن التبادل التجاري، ولا سيما الذي ينفذه صغار التجار ممن يمثلون 70% من التونسيين الذين يدخلون ليبيا في إطار ما وصفه بـ"تجارة الحقيبة". وقال: "تعيش عشرات المدن الحدودية طيلة عقود من التبادل التجاري عبر المعبر، وتقنين التبادل التجاري سيحافظ على كبار التجار لكنه سيقضي على صغارهم". 

وتتشكل التجارة غير الرسمية، بحسب دراسة لمعهد كارنيغي للشرق الأوسط صدرت عام 2022، من هيكل هرمي يتكوّن من خمسة آلاف إلى ستة آلاف شخص يعملون مباشرة في التجارة البينية غير الرسمية. وكانت دراسة سابقة للبنك الدولي قدرت حجم كميات المحروقات المهربة عبر الحدود الليبية التونسية بنحو 495 مليون ليتر، ما يمثل أكثر من 17% من استهلاك المحروقات في البلاد.

ويرى المصدر نفسه أن سلطات تونس جانبت الصواب في توقيع اتفاق أمني هش، مطالبا بتدارك الوضع والضغط دبلوماسيا لحث ليبيا على حل أزمة المعبر بشكل نهائي في أقرب الآجال. وتسيّر عبر معبر رأس جدير حركة تجارية موازية تمثل مصدر دخل رئيسيا لآلاف الأسر في الجنوب التونسي والتي تعيش من تجارة البنزين والسلع الإلكترونية والغذائية التي تُورد بطرق غير نظامية.

وتوزّع البضاعة المهربة في جل محافظات الجنوب التونسي لتصل حتى إلى محافظات الوسط التي تبعد أكثر من 250 كيلومتراً عن منطقة بن قردان، منطقة التزود الرئيسية.

المساهمون