تعثر سوق العقارات التجارية الأميركية يهدد البنوك الألمانية

17 فبراير 2024
العقارات التجارية الخاوية في أميركا صداع في رأس النظام المالي العالمي (Getty)
+ الخط -

انعكست أزمة تعثر العقارات التجارية في الولايات المتحدة على العديد من البنوك الأوروبية، مع تعرضها لضغوط متزايدة بسبب محافظها العقارية في سوق رأس المال الأكبر في العالم، بعد ارتفاع تكلفة المخاطر والتوقعات السلبية المرتبطة بالقطاع بصورة ملحوظة.

ومنحت البنوك الأوروبية قروضا بقيمة 1.4 تريليون يورو (1.5 تريليون دولار أميركي) لقطاع العقارات والبناء التجاري بأميركا، الأمر الذي أثار مؤخراً مخاوف المستثمرين من شركات التمويل العقاري والبنوك في أوروبا، وسط ترقب لاضطرار تلك المؤسسات إلى تحمل خسائر التخلف عن سداد القروض.

ومع تفاقم المشكلة، والتراجع المستمر لأسعار العقارات التجارية في بلاد العم سام، انصب التركيز في المقام الأول على البنوك الألمانية، حيث ذكر موقع صحيفة "ميركور"، مساء الجمعة، أن وكالة التصنيف "ستاندرد أند بورز" قامت بتخفيض الجدارة الائتمانية لـ"دويتشه بفاندبريف بنك" من 3 بي إلى سالب 3 بي. ويعني هذا التصنيف أن الجدارة الائتمانية طويلة الأجل لممول العقارات التجارية لا تبتعد سوى خطوة واحدة عن مستوى "غير المرغوب فيه"، حتى أن سعر سهمه تراجع بصورة ملحوظة، بعد عدة خسائر متتالية على مدى الأسابيع الماضية.

ويشارك "بفاندبريف بنك" بشكل كبيرفي سوق العقارات التجارية الأميركية التي تعاني من الأزمات الشديدة، حيث يستحوذ القطاع على 16% من محفظته الاستثمارية البالغة قيمتها 30.5 مليار يورو، تذهب 4.9 مليارات يورو منها إلى السوق الأميركية.

وفي السياق، أشار الموقع الإلكتروني لمجلة الأعمال كابيتال، إلى أن وضع "بفاندبريف بنك" كممول عقاري يمنعه من تحرير نفسه من قيود السوق، موضحاً أن الأزمة ستؤثر أيضا على العديد من المؤسسات الائتمانية الألمانية الأخرى، التي استثمرت في العقارات التجارية الأميركية.

وقال الموقع إن مؤسسات، من بينها "دويتشه بنك"، و"يوني كريديت"، و"آريال بنك"، و"لاندس بنك"، تعد أيضا من كبار الممولين العقاريين التجاريين هناك، حتى أن "دويتشه بنك" وحده أقرض ما مجموعه 17 مليار يورو لسوق العقارات التجارية الأميركية المتعثرة.

وفقا لبيانات الهيئة المصرفية الأوروبية، يتأثر العديد من المؤسسات المالية الألمانية بشدة بالمخاوف من حدوث تباطؤ عالمي، مع وجود قروض عقارية تجارية لديها بنحو 285 مليار يورو، حيث يستحوذ المقرضون الألمان على ما يقرب من خمس القروض المقدمة من بنوك الاتحاد الأوروبي، والتي تأتي في مقدمتها البنوك الفرنسية والهولندية.

وأمام هذا الواقع، حاول "بفاندبريف بنك" مؤخرا تهدئة مخاوف المستثمرين من خلال التأكيد على زيادة مخصصات المخاطر، حيث أفاد متحدث باسمه، أمس الجمعة لموقع كابيتال، بأن نسبة تغطية السيولة لدى البنك بلغت 212% نهاية العام الماضي، أي 112 نقطة مئوية أعلى من التي يتطلبها القانون التنظيمي. وأكد البنك تمتعه برأس مال كاف، وسيولة قادرة على النجاة من الأزمة العقارية، مضيفاً: "بشكل عام نتوقع أن تصل أسعار العقارات التجارية إلى أدنى مستوياتها خلال النصف الثاني من العام 2024".

وفي السياق، قال رئيس هيئة الرقابة المالية الألمانية مارك برانسون، خلال فعالية أقيمت مؤخراً في فرانكفورت، إن الهيئة تراقب عن كثب مجموعة البنوك التي لديها استثمارات كبيرة في سوق العقارات التجارية في الولايات المتحدة.

ونقل موقع "كابيتال" عن مشرفين مصرفيين في البنك المركزي الأوروبي، قولهم إن احتمال حدوث خسائر مصرفية "منخفض للغاية"، رغم تأكيدهم على أن الوضع صعب. وقال هؤلاء: "قد يثقل كاهل البنوك المتضررة لفترة أطول، ويعتمد تأثر البنوك على المدى الذي يمكن أن تنهار إليه السوق".

ويأمل العديد من الشركات العقارية والبنوك في ألمانيا في حدوث تحول منتصف العام، بينما يتوقع آخرون أن تتفاقم الأزمة بحلول عام 2025. 

ويعاني قطاع العقارات التجارية في ألمانيا والولايات المتحدة من ارتفاع أسعار الفائدة، وصعوبات في توفير إعادة التمويل، وزيادة تكاليف البناء، فضلاً عن ارتفاع معدلات الشواغر، بالتزامن مع تقليص الشركات للمساحات المستأجرة، وهو ما سبب أزمة واضحة لشركات القطاع، وتسبب في تعثر بعضها.

وتسببت جائحة كورونا في تفضيل الكثيرين من موظفي الشركات العمل من منازلهم، ولو لعدد محدد من أيام الأسبوع، الأمر الذي لم يتغير بعد تراجع معدلات الإصابة بالفيروس، حيث سعد به الموظفون، ورحبت به الشركات الراغبة في تقليص تكاليف الإيجار لديها.

(اليورو = 1.08 دولار أميركي)

المساهمون