تشكيك بمنحة السعودية لتعويض مزارعي سورية

10 يوليو 2019
الحرائق التهمت مساحات زراعية شاسعة (فرانس برس)
+ الخط -

تلفّ الشكوك نية السعودية تعويض أصحاب الحقول السورية الذين علت الخيبة وجوههم بعد موجة حرائق مزروعات القمح والشعير الشهر الماضي، التي طاولت مناطق شمال شرقي سورية وشمالها الغربي، ووصلت شرارتها إلى السويداء وريف دمشق جنوباً. 

مسؤول هيئة الاقتصاد والزراعة في المجلس التنفيذي التابع لـ"الإدارة الذاتية"، سلمان بارودو، أفاد بأن النيران التهمت أكثر من 382 ألف دونم شمال شرقي سورية فقط، بخسارة فاقت 17 مليار ليرة سورية (الدولار يعادل نحو 600 ليرة)، وتزيد الخسائر جراء الحرائق بعموم سورية، عن 80 ألف طن شعير و55 ألف طن قمح، بقيمة تقديرية تناهز 19 مليار ليرة.

جاءت تصريحات المسؤولين في حكومة بشار الأسد، بعد انتهاء الحصاد وبدء تسليم الحبوب، لتغيّر من المزاج العام للفلاحين وحتى للشعب السوري الذي يعاني من ندرة القمح وشح وارتفاع سعر الخبز منذ سنوات.
ووفق تقديرات المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا) فإن الحسكة تنتظر إنتاجاً يقارب مليوني طن من القمح والشعير مزروعة في أكثر من 908 آلاف هكتار، ولم تأت الحرائق بحسب مسح: إيكاردا" الذي أجرته مع هيئة الاستشعار عن بعد، سوى على 35147.5 هكتارا، أي ما نسبته 3.86% من المساحة المزروعة بالقمح والشعير في سورية لموسم 2019.

ولم يبتعد مدير مؤسسة الحبوب في الحكومة السورية المعارضة، حسان محمد بتقديراته عن أرقام "إيكاردا" إذ أكد لـ"العربي الجديد" أن الإنتاج المتوقع من القمح فقط لهذا الموسم، يصل إلى نحو 2.5 مليون طن، وهو الأعلى منذ ما قبل الثورة السورية عام 2011، يضاف له نحو 1.5 مليون طن شعير كحد أدنى، وهو يفوق الاستهلاك السوري سواء للأعلاف أو لاستخدامه بالصناعات الغذائية.

والتهمت الحرائق، وفق دراسة أجرتها المؤسسة، نحو 55 هكتارا ما عدا الحرائق الصغيرة وكمية الإنتاج المتوقع الذي أكلته النيران بنحو 165 ألف طن بسعر 41.2 مليون دولار.

وتشير مصادر إلى أن حكومة نظام الأسد في طريقها الى ضمان مخزون البلاد من القمح لمدة عام، إذ تم الإعلان عن استلام أكثر من 600 ألف طن حتى الآن وتوقعات باستلام مليون طن خلال أسابيع قليلة قادمة، بعد أن خصصت 400 مليار ليرة لشراء القمح ووضعت سعرا هو الأفضل بالنسبة للمزارع، بخاصة أنه يحصل على ثمن قمحه فوراً بطريقة آمنة من المصرف الزراعي الذي تعمل فروعه على مدار الأسبوع.
تعويض سعودي مشكوك

إلى ذلك، نشرت صفحة "شرق الفرات نيوز" على "فيسبوك"، نقلاً عن شيخ عشيرة العكيدات سليمان الخلف، أن "الأخ ثامر السبهان وزير الدولة في وزارة الخارجية السعودية، أكد مشكوراً خلال لقائنا به أنهم سلموا الإدارة الذاتية وقوات قسد 100 مليون دولار لتعويض الفلاحين المتضررين من الحرائق وأبناء العشائر العربية في الرقة ودير الزور ومناطق من الحسكة، ونحن بدورنا طلبنا من أبناء عشيرتنا تقديم لائحة بأسماء المتضررين ليتم تعويضهم بأقرب فرصة".

لكن الناطق باسم مجلس القبائل والعشائر، مضر الأسعد، يؤكد لـ"العربي الجديد" أن زيارة السبهان كانت لحشد تأييد العشائر لمليشيا "قسد" وذهبت أموال السعودية لشراء ولاءات شيوخ ووجهاء القبائل لصالح التنظيم الكردي "بي يي دي".

ويضيف الأسعد لـ"العربي الجديد": "للأسف لم يصل إلى المزارعين المتضررة حقولهم، سوى جزء من التكاليف، أو ما دفعوه على حقولهم المحروقة، وهناك فارق كبير بين تكاليف الإنتاج الزراعي وثمنه فيما لو لم يحرق، في حين تم منح الأموال للقيادات العسكرية والإدارة الذاتية، كتعويض لهم على حرائق الحقول، رغم أنهم- "بي يي دي"- المتهم الأول بحرق المحاصيل الزراعية".
وكانت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية، قد أعلنت سابقاً أنها ستعوّض المتضررين جراء حرائق المحاصيل الزراعية من خلال جمع التبرعات. وقالت عقب اجتماع مع المجالس التنفيذية للإدارات الذاتية المدنية في شمال سورية وشرقها، إن "مصدر التعويض سيكون عبر تبرع موظفي الإدارة الذاتية بشكل طوعي بمبلغ 1000 ليرة من رواتبهم".

وكان الموظفون أكثر من عبّروا عن غضبهم إزاء هذا القرار، معتبرين أنه سيكون "إجبارياً" لا طوعياً، وقال واحد منهم، إنه "قرار خاطئ ومجحف وغير واقعي، كون غالبية الموظفين هم أيضاً فلاحون احترقت أراضيهم".
المساهمون