يشهد اليمن تطورات متلاحقة في قطاع النقل البحري بعد الكشف عن حزمة من القرارات التي شملت تسهيلات وامتيازات للمستوردين عبر الموانئ الخاضعة لإدارة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، بالتوازي مع تسهيلات أخرى تشمل ميناء الحديدة شمال غرب البلاد في انتظار التوافق النهائي على تجديد الهدنة التي ستتيح إعادة فتح الميناء أمام الحركة الملاحية التجارية.
وتضمنت القرارات كما ورد في مذكرة حكومية خاصة اطلعت عليها "العربي الجديد"، إيقاف تفتيش السفن التجارية المتجهة إلى اليمن، والسماح باستيراد كافة أنواع السلع دون قيود باستثناء السلع الممنوعة بحسب القوانين اليمنية، إضافة إلى تعليق الزيادة المستحدثة في رسوم الصناديق ووقف الجبايات التي كان يتم تحصيلها بالمخالفة بالتنسيق مع السلطات المحلية.
وكان "العربي الجديد"، أول من كشف في إبريل/ نيسان من عام 2021، عن قيود مفروضة على الموانئ الحكومية من قبل التحالف، منها عملية التفتيش للسفن التجارية المتجهة إلى اليمن والتي كانت تشمل ميناء عدن في موانئ جدة وجيبوتي ودبي، وليس كما كان معروفا للجميع اقتصار عملية التفتيش في جيبوتي لسفن الوقود المتجهة إلى ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين.
إضافة إلى قرارات أخرى تشمل حظر استيراد نحو 200 سلعة إلى اليمن، منها مواد خام ومستلزمات خاصة بالقطاع الصناعي بحجة ارتباطها بالتصنيع العسكري.
فتح الموانئ ونفى رئيس مجلس إدارة موانئ عدن الحكومية محمد علوي أمزربه، لـ"العربي الجديد"، أن تكون هذه القرارات والتسهيلات والتي تشمل شركات الشحن التجاري نتيجة إعادة فتح ميناء الحديدة والمخاوف من تسببه في تراجع الحركة التجارية في الموانئ العاملة بمناطق الحكومة اليمنية التي قامت في العام 2018، بتحويل حركة الشحن التجارية من ميناء الحديدة إلى ميناء عدن.
وأكد أمزربه أن الهدنة تشمل فتح الموانئ والمطارات اليمنية كاملة ووقف عملية تفتيش السفن من قبل التحالف في ميناء جدة أو ميناء جيبوتي ورفع الأصناف الممنوعة من المواد التي تدخل في الصناعات، في حين تأتي مثل هذه التسهيلات والامتيازات بهدف تعزيز بيئة عمل مناسبة وجاذبة لكل المتعاملين عبر المنافذ البحرية والبرية والجوية ومنها بشكل خاص ميناء عدن، عبر خلق مقومات عمل جاذبة ومشجعة ومحفزة للنشاط والحركة التجارية.
في السياق، استقبل ميناء عدن جنوب اليمن يوم السبت 8 أبريل/ نيسان أول سفينة تجارية دون أن تخضع للتفتيش من قبل التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، إذ يأتي ذلك وفق مصادر ملاحية حكومية ضمن تفاهمات قادتها المملكة في الآونة الأخيرة في إطار الجهود الرامية للتوصل إلى وقف الحرب التي مضى عليها أكثر من 8 سنوات.
وبحسب مصادر في محطة الحاويات بميناء عدن فإن المحطة استقبلت سفينة الحاويات "بلو نيل" تحمل نحو 500 سلعة متنوعة من البضائع، ضمن إجراء التفتيش المباشر في الموانئ اليمنية الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية بعدما ظلت السفن منذ اندلاع الحرب في العام 2015 تخضع للتفتيش في موانئ جدة وجيبوتي من قبل التحالف العربي، مؤكدة أن هذا الإجراء يعني عودة نظام دخول ومغادرة السفن بشكل مباشر كما كان قبل بدء الحرب في اليمن عام 2015.
بدورها دعت قيادة ميناء عدن الوكلاء الملاحيين لتعميم ذلك على ملاك ومشغلي السفن والراغبين في ارتياد الميناء للحصول على الخدمات مثل التموين بالوقود والمياه والمواد الغذائية والصيانة وتبادل أطقم البحارة.
واعتبر رئيس الغرفة التجارية والصناعية بعدن أبوبكر باعبيد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، ما تضمنه القرار من تسهيلات وامتيازات مهم جداً أسعد جميع التجار في مؤشر على عودة عدن لعملها الحقيقي والإيجابي في توفير بيئة مؤاتيه للأنشطة التجارية والاقتصادية وللمدينة نفسها.
ورأى باعبيد أن ما صدر من الجهات المعنية يعد أول قرار منذ أربع سنوات يصب في مصلحة البلد والعمل التجاري والاقتصادي. تطوير العمل الجمركي واتخذت الجهات والدوائر الحكومية المعنية مصفوفة إجراءات لتنفيذ القرارات الخاصة بالشحن التجاري إلى الموانئ الحكومية تهدف إلى رفع وتيرة أعمال الشحن والتفريغ، وتكثيف النوبات وإعداد وتجهيز وسائل العمل والمعدات لضمان ذلك، والتنسيق مع الجمارك والجهات المختصة في الموانئ والمنافذ لتسهيل تنفيذ القرارات ودخول كافة أنواع السلع.
بالمقابل، يدرس اليمن العديد من المقترحات المتاحة لتطوير منظومة العمل الجمركية في ظل ما يتم تنفيذه من إجراءات وخطط إصلاحية كان من ضمنها رفع سعر تعرفة الدولار الجمركي، وذلك بهدف وضع حد للاختلالات والهدر التي تعاني منها هذه القطاعات الإيرادية وتردي منظومة العمل فيها. إذ تأتي الاستفادة من التجربة المصرية في مقدمة التجارب والنماذج الموضوعة على طاولة الحكومة اليمنية التي أوفدت مسؤولين وفنيين في مصلحة الجمارك اليمنية لزيارة القاهرة للاطلاع على التجربة المصرية ودراسة إمكانية الاستفادة منها في العمل الجمركي.
وقال مصدر مسؤول مطلع في مصلحة الجمارك الحكومية، لـ"العربي الجديد"، إن مصر تعتبر إلى جانب الصين ودبي من أهم الوجهات التي يعتمد عليها اليمن بشكل كبير في الاستيراد، لذا فإن من الأهمية الاستفادة من تجربتهم في هذا المجال لتطوير العمل الجمركي وتوحيد منظومة النافذة الجمركية في اليمن.
توحيد قنوات الإيرادات وأكد الباحث الاقتصادي علي قايد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن كل هذه الخطوات سببها الضغط الذي تتعرض له الحكومة اليمنية من صندوق النقد الدولي لتوحيد قنوات الإيرادات العامة ونوافذ المنظومة الجبائية بالأخص النافذة الجمركية، واعتماد سعر الصرف السائد في السوق في احتساب الإيرادات الجمركية، وتسريع عجلة إصلاح إدارة الموارد العامة للدولة لأجل تعزير الحوكمة الرشيدة، والاستخدام الأمثل للموارد النادرة.
وشدد مصدر حكومي مسؤول، فضل عدم الإشارة إلى هويته، لـ"العربي الجديد"، على أن هناك العديد من الإجراءات والخطط التي تهدف إلى تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص وحل الإشكاليات العالقة في بعض القطاعات العامة كالقطاع الجمركي، وذلك بهدف تقديم التسهيلات اللازمة للقطاع الخاص وحمايته باعتباره شريكاً رئيساً في التنمية والإصلاح الاقتصادي الشامل.
وأشار في هذا الجانب إلى إقرار عدد من السياسات لتبسيط الإجراءات في المنافذ السيادية، ومكافحة التهريب ومنع تحصيل أي رسوم غير قانونية.