تزايد مشقة البحث عن وظيفة في بريطانيا

06 يونيو 2023
الوظائف الشاغرة انخفضت إلى أدنى مستوى لها منذ 18 شهراً بنهاية مارس/آذار (Getty)
+ الخط -

تتزايد مشقة البحث عن وظيفة في بريطانيا ليس فقط من قبل خريجي الجامعهات وإنما تشمل أيضا كبار السن الذين قرروا العودة إلى العمل تحت ضغط الأعباء المعيشية، بينما تظهر البيانات الرسمية انخفاضاً مستمراً في الوظائف الشاغرة وتنامياً في معدل البطالة وسط حالة عدم اليقين الاقتصادي.

تواصلت "العربي الجديد" مع عدد من خريجي الجامعات الباحثين عن وظائف. قالت لويز 22 عاماً، إنها بدأت بالتقدم إلى وظائف قبل انتهاء العام الدراسي الأخير لها، لكنه لم تتلق سوى ردود سلبية، ما دفعها إلى التقدم لدى شركات التوظيف التي تؤمّن لها الحصول على وظيفة مناسبة لاختصاصها ولو بمرتب أقل بكثير مما يجب أن تتقاضى، حيث تأخذ شركة التوظيف مقابل تدريبها وحصولها على الوظيفة الجزء الأكبر من راتبها لمدة عامين.

أما دانييلا فتقول إنها تعمل حالياً بدوام جزئي بينما تكمل سنتها الجامعية الأخيرة، وتسعى للحصول على وظيفة بدوام كامل ضمن اختصاصها منذ أشهر. وهي أيضاً تواجه عقبات أبرزها المنافسة الشديدة بين خريجي الجامعات الذين يتهافتون على الوظائف.

وبشأن إمكانية لجوئها لشركات التوظيف، تقول دانييلا إنها ترفض هذه الفكرة في الوقت الحالي وتفضل أن تبذل جهداً أكبر ولو تطلب الأمر المزيد من الوقت، لأنها لا تريد أن تعمل بمرتب لا يتماشى مع ما تقدمه أو أن ترتبط بعقد مع هذه الشركات لعامين كاملين.

ولا تقتصر رحلة البحث عن عمل على الخريجين وإنما تشمل شرائح ممن فقدوا وظائفهم بسبب تراكمات جائحة كورونا والصعوبات الاقتصادية الناجمة عن الحرب الروسية في أوكرانيا، والتي دفعت كذلك بعض كبار السن إلى العودة للعمل لتدبير النفقات اللازمة لمواجهة الأعباء المالية التي زادت بفعل ارتفاع التضخم.

يقول ديفي الذي يبدو في الستينات إنه بعد عقود من العمل أصيب بكورونا خلال الجائحة واستقال من وظيفته قبل وصوله إلى سن التقاعد. ويضيف :"اليوم بعد أن عادت الحياة إلى طبيعتها أشعر برغبة في العودة إلى العمل، لكن يبدو أن العثور على وظيفة بالمرتب ذاته مسألة صعبة لم أكن أتوقعها، لذلك أفكر في بدء عمل صغير ومستقل".

والأمر نفسه يتكرر مع آندي، ولو بطريقة أخرى حيث طُلب منه التقاعد قبل سنوات من بلوغه سن التقاعد. ويقول إنه استسلم للأمر كونه يعاني من مشاكل صحية ونفسية ولا يريد أن توتره قضية البحث عن وظيفة جديدة خصوصاً أن الشركة التي يعمل لديها دفعت له مبلغاً كافيا لإقالته.

بيد أنه يلفت إلى أنه قد يكون أحد اولئك الذين بإمكانهم البقاء من دون عمل حتى بلوغ سن التقاعد كونه جمع مبلغاً من المال يتيح له الاستمرار بمستوى معيشة جيد، بينما هناك أشخاص يعرفهم تأثرت حياتهم الإجتماعية والاقتصادية والنفسية أيضاً، بشكل كبير عقب التخلّي عنهم، كونهم لا يملكون ما يكفي لنهج المستوى المعيشي ذاته الذي اعتادوا عليه لعقود من الزمن، مع توقف رواتبهم فجأة.

وترسم أحدث البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني الشهر الماضي، صورة مقلقة فيما يتعلق بمعدل البطالة، حيث تشير الأرقام التي تشمل الأشهر الثلاثة الأولى من العام، إلى ارتفاع غير متوقع إلى 3.9% مقايل 3.8% في الربع الأخير من العام الماضي، مسجلاً بذلك أعلى مستوى له منذ الأشهر الثلاثة حتى يناير/ كانون الثاني 2022.

في المقابل انخفضت الوظائف الشاغرة إلى أدنى مستوى لها منذ 18 شهراً، مسجلة 1.08 مليون وظيفة منخفضة بنحو 55 ألف وظيفة على أساس ربع سنوي، وهو الانخفاض العاشر على التوالي.

وقال مكتب الإحصاء الوطني إن هذا يعكس حالة "عدم اليقين من جانب الصناعات، حيث يواصل المشاركون في الاستطلاع الاستشهاد بالضغوط الاقتصادية كعامل في كبح عمليات التوظيف". وفي علامة أخرى على ضعف الوضع في سوق الوظائف، أظهرت أرقام نظام الدفع "باي" أول انخفاض في عدد العمال على كشوف المرتبات منذ فبراير/ شباط 2021، بانخفاض بلغ 136 ألفاً، إلى 29.8 مليون شخص.

ودفعت الضغوط التي تواجهها القطاعات العمالية، اتحاد النقابات العمالية إلى دقّ ناقوس الخطر في منتصف مايو/أيار الماض، والإعراب عن قلقه بشأن العمّال الذين تأثّروا للغاية من ارتفاع التضخم والانخفاض الملحوظ في القيمة الحقيقة للأجور.

وتُسجل بريطانيا معدل تضخم هو الأعلى في غرب أوروبا على الرغم من انخفاضه إلى ما دون 10% على أساس سنوي في إبريل/ نيسان الماضي، مسجلا 8.7%، وفق بيانات مكتب الإحصاء الوطني الصادرة، نهاية مايو/أيار، مقابل 10.1% في مارس/ آذار، و10.4% في فبراير/ شباط. وتظهر بيانات الأشهر الأخيرة تراجعاً متتالياً عن أعلى مستوى للتضخم في 41 عاماً الذي سجله في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عند 11.1%.

ورغم تباطؤ معدل التضخم، إلا أن مؤشر أسعار المواد الغذائية لا يزال مرتفعاً كثيراً على أساس سنوي وينخفض ببطء شديد، إذ قدره مكتب الإحصاء الوطني بنسبة 19.1% في مارس/ آذار، حيث سجل أكبر زيادة منذ أغسطس/ آب 1977.

المساهمون