تشهد ليبيا تزايداً في حالات الاختلاس داخل المصارف التجارية، عبر اختراق حسابات العملاء والقيام بتحويلات مالية أو سحب أموال بمستندات وهمية، الأمر الذي أثار قلق المودعين ودفع النيابة العامة إلى الاستنفار.
وأمرت النيابة العامة في ليبيا، أمس الإثنين، بإحالة أحد مديري المصرف التجاري الوطني وموظفين آخرين إلى القضاء، بتهمة اختلاس 558 ألف دينار (ما يعادل 100 ألف دولار)، وذلك بالنفاذ غير المشروع إلى 40 حساباً تخص زبائن في فرع المصرف بمدينة العزيزية جنوب العاصمة طرابلس.
ووفق التحقيقات أجرى المتهمون عمليات مصرفية على الحسابات تمثلت في سحوبات نقدية باستعمال صكوك مصرفية غير مدرجة في بيانات حسابات الزبائن، وتحويلات مصرفية داخلية دون طلب من مديري الحسابات المفتوحة طرف المصرف. وتأتي هذه الواقعة، بعدما شهد مصرف الصحاري، اختلاس نحو 1.3 مليون دينار.
وقال المحلل المصرفي عادل الكيلاني لـ"العربي الجديد"، إن حالات الاختلاس داخل المصارف تظهر أن هناك خللا كبيرا في الرقابة الداخلية للمصارف التجارية، واستهتارا واضحا بحساسية هذا القطاع. وأضاف: "أين دور تقارير المُراجع الخارجي المقدمة للجمعيات العامة للمصارف التجارية؟".
تلاعب في الحسابات
بدوره، أكد المحلل الاقتصادي، علي الماقوري، أن ظاهرة سرقة حسابات العملاء انتشرت في الفترة الأخيرة نتيجة تراجع مستوى أداء المصارف التجارية في البلاد، وتوقف المنظومة المصرفية بين الشرق والغرب، فضلا عن أن مصارف المناطق النائية تعمل بالنظام التقليدي الورقي، لذلك يسهل التلاعب في الحسابات بها.
وقال إن ظاهرة الاختلاس داخل المصارف انتشرت في عام 2015 لفترات محدودة ثم اختفت، ولكنها عادت خلال هذا العام من خلال سرقة أموال العملاء وهي ظاهرة تهدد القطاع المصرفي.
في السياق، قال المواطن مفتاح القنطراري من منطقة مزدة وسط الجزء الغربي من ليبيا، إن "حسابه في مصرف شمال أفريقيا فرع مزدة تبخر، حيث جرت سرقة أمواله ليصبح الرصيد صفراً، بينما كان فيه ما يقرب من 20 ألف دينار"، مشيرا إلى أن فرع المصرف توقف عن العمل بسبب تزايد في سرقة أموال العملاء.
وحذر ديوان المحاسبة، أكبر جهة رقابية في الدولة، في تقرير حديث له، من أن أكبر المخاطر التي تهدد الاقتصاد الوطني، هي تزايد معدلات الجريمة الاقتصادية في العديد من المصارف التجارية، وهي بمثابة جريمة منظمة تمارس من قبل مجموعات من خارج القطاع وداخله تستفيد من الثغرات الناشئة عن ضعف النظم المصرفية.
وفي عام 2020، حذرت مجموعة الأزمات الدولية، وهي منظمة دولية غير حكومية، من أن الأزمة المصرفية المهملة في ليبيا وصلت إلى ذروتها، مما يغذي احتمالات حدوث انهيار مالي وحرب اقتصادية. ويبلغ عدد المصارف في ليبيا 19 مصرفاً، بينها سبعة مصارف حكومية.