يثير توسع التعاملات بالنقد (الكاش) في أسواق المغرب قلق المصارف بسبب حرمانها من سيولة مهمة يمكن أن تساعدها على توفير قروض لتمويل الاقتصاد والاستجابة للأسر والشركات.
ففي شهر إبريل/ نيسان ارتفعت قيمة النقد المتداول 900 مليون دولار مقارنة بالمستوى الذي بلغه في مارس/ آذار، بينما تراجعت الودائع المصرفية من حيث القيمة بـ1.23 مليار دولار، وفقاً لبيانات البنك المركزي.
وتفيد البيانات ذاتها بأن مستوى الكاش المتداول في إبريل زاد بنسبة 12.2 في المائة، أي بحوالي 4 مليارات دولار، قياسا بالمستوى المسجل في الشهر نفسه من العام الماضي.
ويشير الاقتصادي علي بوطيبة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن التمسك بالتعامل بالكاش ظاهرة ثابتة في سلوك الأسر والتجار بالمغرب، غير أنه يرى أن التضخم البالغ 7.1 في المائة يؤجج هذه الظاهرة.
ويضيف أن الأسر تفضل إجراء بعض المعاملات بالكاش، مثلاً في مناسبة عيد الأضحى، علما أن رقم معاملات بيع الأضاحي يصل إلى حوالي مليار دولار.
ويؤكد على أن لجوء الإدارة الجبائية في بعض الأحيان إلى الحسابات المصرفية لبعض الملزمين الجبائيين من أجل استخلاص مستحقاتها، قد يدفع البعض إلى عدم إيداع جزء من أموالهم لدى المصارف، ما يؤدي إلى رفع حجم الكاش في السوق.
وتتجلى أهمية تحويلات المغتربين وعائدات السياحة في تغذية النقد المتداول. ويتوقع بنك المغرب أن ترتفع تحويلات المغتربين في العام الحالي بنسبة بنسبة 3.5 في المائة لتستقر في حدود 11.5 مليار دولار، فيما ستزيد إيرادات السياحة بنسبة تناهز 15 في المائة، لتقفز إلى 10.8 مليارات دولار.
ويرى إنيغو موري، مؤسس المنظمة غير الحكومية "ريميساس" التي تُعنى بتحويلات المغتربين، أن تلك الأموال التي يوجهها المغاربة إلى أسرهم يتم سحبها من قبل هذه الأخيرة، ولا تنتهي في المصارف، على اعتبار أن تلك الأسر تؤمن بها معاشها.
ويؤكد في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه يفترض خفض كلفة تلك التحويلات مع تشجيع الأسر على فتح حسابات كي تودع فيها، بما يساهم في خفض تداول الكاش، الذي قد لا تحيط به البيانات الرسمية للتحويلات.
ويؤكد محمد العربي، نائب رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن الأسعار ليست حاسمة في انتشار التعامل بالكاش، ويعتقد أن العديد من الأشخاص يفضلون الاحتفاظ بالكاش بمنازلهم بدل وضعه لدى المصارف، حيث يسعون إلى أن يكون متاحا من أجل إنجاز بعض مشترياتهم أو مواجهة مصاريف طارئة.