استمع إلى الملخص
- استفادت شركات إدارة الأصول الكبرى مثل بلاك روك من هذه التدفقات، حيث سجلت رسوم إدارة قياسية وارتفعت أسهمها، بينما شهدت صناديق السندات عامًا قويًا بفضل خفض أسعار الفائدة.
- نمت صناديق الاستثمار المدارة بفعالية بنسبة 30%، مستفيدة من استراتيجيات معقدة وجذبت مليارات الدولارات، مع توجه المتقاعدين إلى صناديق "حلوى البومرز" لتقليل المخاطر.
في عام 2024، ضخ المستثمرون أكثر من تريليون دولار في صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) القائمة في الولايات المتحدة، محطمين بذلك الرقم القياسي السابق الذي حُقق قبل ثلاث سنوات، فيما اعتبر إضافة قوية إلى الآمال المعقودة في "وول ستريت" بأن يكون العام المقبل أكثر ازدهارًا للمستثمرين.
وشهد العام الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة انتعاشًا ملحوظًا في التدفقات على صناديق الاستثمار مقارنة بالعام السابق، الأمر الذي عكس توجهًا واضحًا نحو الأصول الأميركية، حيث ارتفع مؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة تقارب 25%، قبل يومين من انتهاء العام. وأشار المحللون إلى أن الاتجاهات طويلة الأمد لعبت دورًا أيضًا، حيث واصل المستثمرون تحويل أموالهم من صناديق الاستثمار المشتركة إلى صناديق الاستثمار المتداولة في البورصات الأميركية ETFs بسبب المزايا الضريبية وسهولة التداول.
ومع تلك التدفقات، بلغ إجمالي الأصول في صناديق ETFs القائمة في الولايات المتحدة رقمًا قياسيًّا جديداً، يناهز 10.6 تريليونات دولار في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني، وفقًا لبيانات ETFGI الشهرية، بزيادة تجاوزت 30% منذ بداية عام 2024. وقال براين هارتيغان، رئيس وحدة صناديق الاستثمار المتداولة والاستثمارات الموجهة في شركة "إنفسكو Invesco" لإدارة الاستثمارات: "لقد استعاد المستثمرون ثقتهم بوضوح هذا العام. كانت الحالة العامة تميل إلى المخاطرة".
وكانت هذه الزيادة الهائلة في أصول صناديق ETFs نعمة لكبار شركات "وول ستريت" من مديري الاستثمار وشركات إدارة الأصول، مثل بلاك روك، التي سجلت رسوم إدارة قياسية هذا العام، وارتفعت أسهمها إلى مستويات غير مسبوقة. كما كان العام مهمًّا أيضًا لمديري الأصول الأصغر المتخصصين في استراتيجيات ETFs المدارة بفعالية.
وقادت أكبر الصناديق المرتبطة بمؤشر ستاندرد أند بورز قائمة التدفقات الداخلة كالمعتاد، وجاء بعدها صندوق QQQ التابع لشركة إنفسكو، الذي يتتبع مؤشر ناسداك-100 المتخم بشركات التكنولوجيا، حيث جذب أكثر من 27 مليار دولار نقدًا جديدًا حتى منتصف ديسمبر/كانون الأول، وهو رقم مذهل بعد أن جمع الصندوق 7.3 مليارات دولار فقط في عام 2023.
وشهدت صناديق الاستثمار المتداولة المتخصصة في الاستثمار بالسندات، والتي تشكل جزءًا أصغر من السوق مقارنة بصناديق الأسهم، عامًا قويًّا أيضًا، حيث استفادت من محاولات المستثمرين تأمين عوائد مرتفعة، في ظل بدء بنك الاحتياط الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة قصيرة الأجل. وعلى الرغم من أن تدفقات صناديق الأسهم تجاوزت ضعف تدفقات نظيرتها من السندات حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني، فإن صناديق السندات نمت بوتيرة أسرع نسبيًّا مقارنة بأصولها الأساسية.
صناديق الاستثمار في الأسهم تتفوق
وبحلول الربع الرابع، كان من الواضح أن الأسهم الأميركية ما زالت تحظى بالتفوق، حيث وصل الفارق المتحرك بين التدفقات إلى صناديق الأسهم الأميركية وجميع أنواع صناديق ETFs الأخرى إلى رقم قياسي في نوفمبر، وفقًا لفريق الأبحاث في عملاق إدارة الأصول ستيت ستريت State Street. وهيمنت الصناديق التي تستثمر في الأسهم الأميركية على السوق، متفوقة بشكل كبير على التدفقات الموجهة للأسهم الدولية. وفي نوفمبر، استحوذت الأسهم الأميركية على 97% من صافي التدفقات الداخلة إلى صناديق الأسهم.
وقال ماثيو بارتوليني، رئيس أبحاث ستيت ستريت، لصحيفة وول ستريت جورنال: "هناك الكثير من التفاؤل والإثارة بشأن فكرة تفوق الأداء الأميركي من حيث النمو الاقتصادي والأرباح". لكنه أشار أيضًا إلى أن المستثمرين أصبحوا مفرطين في التركيز على قطاعات معينة، مثل شركات التكنولوجيا الكبيرة، والأسهم ذات رؤوس الأموال الكبيرة، مما يزيد من خطر الانكشاف المفرط.
وشهدت صناديق الاستثمار المدارة بفعالية نموًّا كبيرًا أيضًا. وعلى الرغم من ارتباط صناديق ETFs منذ فترة طويلة بالاستثمار السلبي الذي يتبع المؤشرات، فإن الاستراتيجيات الأكثر تعقيدًا، مثل تلك القائمة على الخيارات، شهدت طفرة هذا العام، بالإضافة إلى صناديق بيتكوين. وعندما حصل أكثر من اثني عشر مدير أصول على موافقة تنظيمية في يناير/كانون الثاني 2024 لإطلاق أول صناديق أميركية توفر تعرضًا مباشرًا لبيتكوين، شهدت العملة المشفرة انتعاشًا حادًّا. وضخ المستثمرون مليارات الدولارات في هذه الصناديق، مما جعلها من بين أنجح إطلاقات صناديق ETFs في التاريخ.
وعلى الطرف الآخر من طيف المخاطر، اتجه المتقاعدون الذين يرغبون في الحفاظ على تعرضهم للأسهم مع تقليل بعض المخاطر إلى فئة صناديق تسمى في الصناعة "حلوى البومرز". وتستخدم هذه الصناديق المدارة بفعالية استراتيجيات قائمة على الخيارات لتخفيف التقلبات وتوليد الدخل للمساهمين.
ولم تعد صناديق ETFs مركبات سلبية بشكل أساسي، حيث استحوذت الصناديق المدارة بفعالية على حوالي 30% من التدفقات هذا العام حتى نوفمبر، ما مثل خبرًا سارًّا لمديري الصناديق الذين شهدوا نمو الأصول في السنوات الأخيرة، لكنهم اضطروا إلى مواجهة سباق نحو تقليص رسوم الإدارة. وقال ديفيد مان، رئيس منتجات وأسواق رأس المال لصناديق الاستثمار المتداولة في شركة إدارة الأصول فرانكلين تمبليتون Franklin Templeton: "لقد ارتفع متوسط رسومنا فعليًّا بسبب الأصول الموجهة للصناديق المدارة بفعالية".