تريليونات الصناديق السيادية لدول خليجية تفرض شروطها في وول ستريت

13 اغسطس 2024
بورصة نيويورك للأوراق المالية في جلسة صباحية، 12 أغسطس 2024 (مايكل م. سانتياغو/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تزايد تأثير الصناديق السيادية**: أصبحت الصناديق السيادية في الشرق الأوسط، التي تدير نحو 4 تريليونات دولار، أكثر تأثيراً في وول ستريت، مطالبةً مديري الأصول بتقديم مقابل للاستثمار مثل عقد تجمعات وإنشاء مكاتب محلية.

- **استراتيجيات جديدة**: مع توقع وصول أصول الصناديق السيادية إلى 7.6 تريليونات دولار بحلول 2030، تسعى لتعزيز اقتصاداتها وتنويع استثماراتها بعيداً عن النفط، مثل التركيز على الذكاء الاصطناعي وعلوم الحياة.

- **التحديات الجيوسياسية**: العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين أثر على الدبلوماسية المالية، ورغم ذلك تواصل شركات مثل "بلاك روك" أعمالها في المنطقة، مع مواجهة تدقيق أكبر من إدارة بايدن بشأن الصفقات الأمنية.

تبدو الصناديق السيادية أكثر تأثيراً في وول ستريت منذ فترة، وثمة حديث متزايد في الدوائر المالية في الشرق الأوسط عن تحول ديناميكيات القوة في المستويات العليا من التمويل العالي، ولا سيما في بورصة وول ستريت الأميركية. فقد ولت أيام كبار رجال الأعمال في مجال الاستثمار الخاص ورؤساء صناديق التحوط الذين يسافرون إلى الخليج، ويتنقلون بين الفنادق ذات الخمس نجوم وأبراج المكاتب البراقة في أبوظبي والدوحة والرياض، ثم يغادرون حاملين شيكات ضخمة لأحدث صناديقهم.

ووفقاً لتقرير موسع من بلومبيرغ نشرته اليوم الثلاثاء، فإن أكبر الصناديق السيادية التي تسيطر عليها الدولة في الشرق الأوسط، والتي تدير نحو أربعة تريليونات دولار وتدرك تمام الإدراك أهميتها بالنسبة إلى أسواق رأس المال الغربية، تطلب بشكل متزايد من مديري الأصول ما الذي سيفعلونه في مقابل الاستثمار. وتُحَثّ هذه الشركات (وفي بعض الأحيان يُطلَب منها) على عقد المزيد من التجمعات في الخليج، وإنشاء مكاتب محلية، وجلب المزيد من الناس للعيش والعمل في المنطقة.

مثلاً، وجّهت شركة "أبولو غلوبال مانجمنت إنك" نحو 200 شخص إلى أبوظبي في وقت مبكر من هذا العام، حيث نظمت فعاليات للشركة واجتماعات على مستوى كبار المسؤولين مع مبادلة وغيرها من الشركاء المحليين. كذلك سمحت شركة "بلاكستون إنك" لمزيد من المستثمرين من الصناديق السيادية بالتدريب على فرقها داخل الشركة.

وتُظهِر مقابلات أجرتها بلومبيرغ مع أكثر من 12 مستثمراً ومحامياً ووسيطاً في المنطقة طلبوا عدم كشف هوياتهم، أن مجموعة من الصناديق السيادية في دول، بما في ذلك السعودية والإمارات وقطر تتباهى بقوتها المالية بطريقة لم يسبق لها مثيل، فيما من المقرر أن يؤدي الثقل المتزايد لهذه المجموعات الشرق أوسطية إلى تعطيل اقتصاد ما كان يُعد تقليدياً أحد أكثر أركان صناعة الاستثمار ربحية.

وتعمل أكبر الصناديق السيادية على تقليص علاقاتها والتركيز على عدد أقل من مديري الأصول. وهذا، بحسب بلومبيرغ، قد يكون نعمة للممولين البارزين الذين تربطهم علاقات طويلة الأمد، لكن من الممكن أيضاً أن يؤدي إلى تضخيم التوترات في جزء من العالم، حيث تتضمن معظم القرارات أفراد العائلات المالكة وكبار مستشاريهم.

العدوان الإسرائيلي يضع الدبلوماسية المالية على المحك

في السياق، أشارت بلومبيرغ إلى أن بداية العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين وضعت الدبلوماسية المالية على المحك، حيث شعر بعض مديري الصناديق في الشرق الأوسط بالإحباط من المليارديرات الأميركيين، بمن فيهم لاري فينك من شركة بلاك روك، ومارك روان من شركة أبولو، بسبب التعبير علناً عمّا اعتبروه آراء مؤيدة لدولة الاحتلال. وفي حين لم تضر هذه التعليقات بقدرة شركاتهم على تعميق العلاقات المالية مع المنطقة، فإنها تعكس عملية التوازن الصعبة التي يواجهونها لمواصلة التوسّع.

7.6 تريلونات دولار أصول الصناديق السيادية في الشرق الأوسط

وبما أن إجمالي أصول صناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط تقدر بنحو 7.6 تريليونات دولار بحلول عام 2030، فإنهم يريدون الاستثمار المشترك، والحصول على حصة أكبر من أرباح الصفقات، والأهم من ذلك، تعزيز الاقتصادات التي بنيت إلى حد كبير على كميات وافرة من النفط.

فالأمر لا يتعلق فقط بالعائد المالي، بل بالذي يعود به ذلك العائد، وفقاً لما قال كين كاليجا، المستشار في شركة روتشيلد آند كو، الذي ساعد في قيادة صفقة أواخر العام الماضي، اشترى فيها صندوق الاستثمار العام السعودي حصة 49% في فنادق روكو فورتيه. "لقد شهدنا تغييراً كبيراً في العامين الماضيين".

قواعد استثمارية جديدة

وتشير الأدلة الأولية إلى أن المؤسسات المالية على استعداد للعب وفقاً لهذه القواعد الجديدة. ويُنظر إلى صندوق الاستثمارات العامة، الذي يدير 925 مليار دولار، على أنه مقدام بشكل خاص في السعي  لمكانة أكثر بروزاً على الساحة العالمية. عندما اشترى حصة في مطار هيثرو بلندن، رأى فرصة للحصول على فتحات هبوط لطائراته الخاصة ودراسة كيفية إدارة مطار دولي رئيسي في محاولته تطوير الرياض إلى واحدة من الوجهات الرائدة في العالم.

وفيما لا يوجد لدى أي من أكبر مديري الأصول في العالم مقر إقليمي في البلاد، تتزايد الضغوط عليهم للقيام بذلك. حصلت مجموعة غولدمان ساكس أخيراً على ترخيص، وفتحت مويليس وشركاؤها ولازارد وجي بي مورغان تشيس وشركاؤها مكاتب أو أضافت موظفين في الرياض. وتضغط الصناديق السيادية أيضاً على المديرين لخفض الرسوم وتغيير هياكل الرسوم حتى يكون لديهم حافز على وضع الأموال في العمل بدلاً من مجرد الجلوس على النقد خلال هذه الفترة من الأسعار المرتفعة.

تنويع الاقتصادات

هذا وتستثمر القوى الخليجية الأموال في الصناديق الأميركية لسبب أساسي واحد: تنويع اقتصاداتها بعيداً من الاعتماد على أرباح النفط. ففي أبوظبي، تركز مبادلة على الرهانات التي تساعد في فتح الأبواب في جزء جديد من العالم أو الصناعة، مثل الذكاء الاصطناعي وعلوم الحياة والتكنولوجيا الطبية. يتوقع المسؤولون في الإمارة احتياجات ضخمة للطاقة قادمة من طفرة الذكاء الاصطناعي ويخططون لجذب الشركات من خلال توفير الوصول إلى الطاقة المتجددة الرخيصة في المدينة.

وكانت مبادلة أول صناديق الشرق الأوسط التي بدأت شركتها الاستثمارية الخاصة، وهي بالفعل ترسل الصدمات عبر وول ستريت. وبعدما قدمت أخيراً حوالى 700 مليون دولار لشركة الأسهم الخاصة Aquarian Holdings، تناقش مبادلة الآن خططاً لتفويض جزء على الأقل من الاستثمار، وعُرضت أجزاء منه على الآخرين وجمع الرسوم لنفسها.

من جانبها، كانت هيئة الاستثمار القطرية أكثر إقداماً عندما يتعلق الأمر بالمعاملات، حيث طالبت بتخفيض الرسوم والاعتراف بالمشاركة في جوانب أكثر تعقيداً من إبرام الصفقات، مثل الاكتتاب. وتشجع هيئة الاستثمار القطرية الشركات العالمية على قبول القطريين للتدريب، وتدفع أحياناً إلى تحسين مستويات مهارات الفرق بأكملها.

وفي هذا الصدد، قال كبير مسؤولي الاستثمار في هيئة الاستثمار القطرية في الأميركتين محمد السويدي: "لدينا قوة تفاوضية لأننا أثبتنا أننا نتمتع بيد ثابتة". وكان الصندوق يحاول جلب المزيد من الأحداث إلى الدوحة، ويفضل الاستثمارات ذات الروابط المحلية. وكان وضع الأموال في صندوق أشباه الموصلات الذي جمعته شركة أرديان الفرنسية للاستحواذ، جزءاً من الجهود المبذولة للحصول على مقدمات للشركات التي يمكن أن تساعد في تطوير صناعة الرقائق في قطر.

ومع ذلك، تلوح الجغرافيا السياسية في الأفق. فقد شهدت صناديق الثروة في الشرق الأوسط تدقيقًا أكبر على الصفقات من قبل إدارة بايدن. وراجعت لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة العام الماضي العديد من الصفقات بمليارات الدولارات بشأن مخاوف من أنها قد تشكل مخاطر على الأمن القومي.

وفي أعقاب العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، انزعج مديرو الصناديق في مختلف أنحاء الشرق الأوسط من تعليقات روان من أبولو تجاه جامعته الأم، جامعة بنسلفانيا، بعدما حث الرئيس ورئيس مجلس الإدارة على التنحي بعد عدم إدانتهما بقوة لمهرجان الكتّاب الفلسطينيين المثير للجدل والسماح لمعاداة السامية بالاستمرار في الحرم الجامعي.

وتواصل بلاك روك القيام بأعمال تجارية كبيرة في المنطقة. وقد فازت الشركة منذ فترة طويلة بدعم صندوق الاستثمارات العامة السعودي، حيث ذكرت بلومبيرغ في إبريل/ نيسان أنّ من المقرر أن تحصل على ما يصل إلى خمسة مليارات دولار من الصندوق للاستثمار في الخليج وبناء فريق استثماري مقره الرياض.