تركيا: 11 بلدية معارضة تطلب إعفاءات من ضريبة حكومية بسبب العجز

08 فبراير 2022
أبرز البلديات إسطنبول وأنقرة وإزمير وأضنة ومرسين وهاطاي (Getty)
+ الخط -

جددت 11 بلدية كبرى تابعة للمعارضة التركية، اليوم الثلاثاء، توجيهها مطالبها للحكومة المركزية بإعفائها من عدة ضرائب بسبب ارتفاع الأسعار المتواصل، والعجز في الموازنة بسبب إعدادها وقت تضارب سعر صرف الليرة التركية أمام العملات الأجنبية، وعدم الوضوح في استقرار سعر صرفها.

البلديات الـ11 هي تابعة لحزب الشعب الجمهوري المدعوم من تحالف الشعب المعارض، وأبرزها بلديات إسطنبول وأنقرة وإزمير وأضنة ومرسين وهاطاي، وهي المرة الثانية التي تصدر فيها بيانا مشتركا بعد بيان سابق أصدرته قبل نحو 10 أيام مطالبة بتعديل ميزانياتها.

وأدى عدم استقرار سعر صرف الليرة التركية وارتفاع أسعار الطاقة العالمي، إلى ارتفاع نسبة التضخم العام الماضي لأكثر من 36%، ما أدى لارتفاع الأسعار بشكل كبير رافقه ارتفاع أسعار المحروقات والكهرباء، كما فقدت الليرة التركية نسبة كبيرة من سعرها العام الماضي.

وجاء في البيان الصادر اليوم من قبل المعارضة أن بيانها الجديد جاء تجديدا لمطالبها السابقة، ومتضمنا المطالبة بإعفاءات ضريبية لتقديم الخدمات، مشيرة فيه إلى صعوبات اقتصادية تعاني منها البلاد والزيادات في الأسعار تؤدي لتضرر المواطنين.

ومما جاء في البيان: "نشعر بالحاجة لإعادة مطالبنا مرة أخرى بعد بيان سابق أصدرناه وقدمنا فيه مجموعة من الاقتراحات ولم نحصل على أي جواب على تلك المقترحات ولم يصدر أي بيان، كما أن اتحاد البلديات في تركيا غض النظر على المقترحات التي تقدمنا بها".

وأضاف أن "الصعوبات الاقتصادية والزيادة في الأسعار تؤثر على الإدارات المحلية وبالتالي على المواطنين، وفي 27 يناير/كانون الثاني الماضي أصدر 11 رئيس بلدية كبرى بيانا تضمن مجموعة من المقترحات من أجل التحفيف على المواطنين مقدمة للإدارة المركزية، ولم يحدث أي رد على المقترحات".

وأوضح أن "اليوم كان هناك اجتماع آخر تم النقاش فيه لحماية المواطنين وكانت هناك حاجة لإعادة هذه المطالب مرة أخرى، لأن الحمل بات يثقل على البلديات وخرج عن إطار حملها".

وحول هذه المطالب قال البيان: "حصلت زيادات كثيرة في الأسعار في كثير من الميادين التي تقدم فيها البلديات خدماتها قبل رأس السنة وبعدها ولا تزال هذه الزيادات مستمرة، وهذه المجالات هي التي يستخدمها المواطنون يوميا بشكل مكثف وهذه الزيادة في الأسعار تجعل تقديم الخدمات صعبا ما يؤدي إلى مخاطر في الأيام المقبلة".

وتابعت: "أسعار الكهرباء المستخدمة في مواصلات الخطوط الحديدية كالميترو والترام، وأسعار المازوت في الحافلات تشهد ارتفاعات متواصلة بالأسعار ما يجعل الزيادات التي فرضت على أسعار المواصلات العامة بحكم العدم، وبسبب الصعوبات الاقتصادية وتراجع القدرة الشرائية للمواطن، يجب حمايته عبر قرار بات بحكم الملزم اتخاذه من قبل الإدارة المركزية".

وعدد رؤساء البلديات الكبرى في بيانهم المطالب العاجلة بما أنهم يشكلون قرابة نصف سكان البلاد كما يلي: "إعفاء المحروقات المستخدمة من قبل البلدية من ضريبة القيمة المضافة وضريبة الاستهلاك، وتحديد تعرفة أسعار خاصة لصالح البلديات في استخدام الكهرباء خاصة أن الارتفاع بأسعار الكهرباء بلغ منذ العام 2019 نسبة 300%، وارتفاع الأسعار في الكهرباء يؤدي إلى ارتفاع أسعار المياه بالضرورة".

وزادوا أن "أسعار الغاز ارتفعت أيضا من العام 2019 إلى الآن بنسبة 113%، ولهذا نطلب اعتماد تعرفة أسعار خاصة بالبلديات، وأن أسعار الخبز المدعوم لتبقى مناسبة للمواطنين يطلب تخصيص كميات أكثر من دقيق القمح من مكتب المحصولات بأسعار مخفضة".

وتعاني البلديات التركية من أزمة في ميزانياتها التي اعدت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، في الفترة التي بدأت فيها الليرة التركية تشهد تقلبات وصلت إلى 18 ليرة مقابل دولار واحد، بعد أن كانت عند حاجز 8 ليرات، قبيل أن تستقر اعتبارا من 20 ديسمبر/كانون الأول عند 13.5 ليرة، مع إجراءات حكومية اتخذت لدعم الليرة التركية عبر ودائع تضمن أرباح تقلبات سعر الدولار في الأسواق".

ودفع هذا الوضع البلديات إلى الحاجة لإجراء ميزانيات جديدة، خاصة مع أسعار المحروقات التي ترتفع نتيجة ارتفاع أسعارها عالميا، وبسبب التقلبات التي حصلت، وبسبب نسبة التضخم العالية.

وفي الوقت الذي لم يصدر فيه أي تصريح من الحكومة أو الوزراء أو الرئيس رجب طيب أردوغان، لم يصدر أي تصريح أيضا من البلديات التابعة لحزب العدالة والتنمية الحاكم تشابه المطالب التي صدرت من المعارضة.

وتعتبر الحالة الاقتصادية السائدة في تركيا ساحة سجال بين الحكومة والمعارضة، حيث توجه المعارضة انتقادات حادة اللهجة للرئيس أردوغان بسبب ارتفاع الأسعار وارتفاع نسبة التضخم وسوء إدارة البلاد اقتصاديا، وهو ما يدفعها للمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة في ظل هذه الأجواء.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

لكن الحكومة من جانبها عملت على إجراءات للحفاظ على سعر صرف الليرة التركية وتجديد الثقة بها، ورفعت الرواتب والأجور بشكل كبير، وبعد انتقادات شعبية تعلقت بارتفاع أسعار الكهرباء بنسبة 130%، فإن الرئيس أردوغان أعلن قبل أيام عن ارتفاع نسبة الحصة المدعومة من الكهرباء من 150 كيلوواطا إلى 210 كيلوواط.

الصحافي يوسف سعيد أوغلو قال لـ"العربي الجديد" في معرض تقييمه طلب بلديات المعارضة، إن "مطالب البلديات محقة طالما لا يتم تسييسها لأن الاستقطاب السياسي في البلاد بلغ حدا كبيرا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المنتظر إجراؤها في العام 2023، وتضغط المعارضة باتجاهها مستغلة الأوضاع الاقتصادية".

وأضاف أن "المعارضة تحاول النيل من الحكومة عبر التذكير بما حصل من أزمة اقتصادية نتيجة الممارسات الخاطئة من الحكومة، وتريد بنفس الوقت أن تظهر للمواطنين أنها تقدم الخدمات لهم دون تأثير وبأسعار أقل رغم الضغوطات الحاصلة عليها في محاولة منها لكسب مزيد من التأييد إذ تنعكس الزيادات في أسعار المواصلات والخبز والمياه بشكل مباشر على المواطنين وتزيد من استيائهم".

وأوضح: "الحكومة من جهتها يبدو أنها ترغب بتقديم المساعدات للبلديات بطرق مختلفة خاصة أن البلديات التابعة لها متضررة أيضا ولكن لا ترغب أن يصدر ذلك على شكل استجابة لمطالب وضغوط المعارضة، وأيضا تخشى من أن يتم توظيفها لصالح المعارضة عبر إحساس المواطن بأن البلدية هي التي قدمت جهودا ذاتية وتغلبت على ارتفاع الأسعار وقدمت خدماتها للمواطنين بشكل مباشر".

وذكّر سعيد أوغلو بأن "رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو عندما تولى مهامه في العام 2019 طلب لقاء خاصا مع أردوغان وأرسل برقية له ولتغلب أردوغان على هذا الأمر وعدم منحه لقاء خاصا به يرفع من شعبيته، عقد لقاء مع جميع رؤساء البلديات الكبرى آنذاك".

وتطالب الحكومة بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة ولكنها تفتقد للأغلبية البرلمانية الكافية، كما أن الرئيس أردوغان وحلفاءه أكدوا عدة مرات على أن الانتخابات ستجري في موعدها في صيف العام المقبل.

كما صرح الرئيس رجب طيب أردوغان عدة مرات بأن تركيا تمر بمرحلة انتقالية في الاقتصاد تعتمد على تخفيض الفوائد وتشجيع الإنتاج، والاعتماد على الصادرات لتخفيض العجز، ما يؤدي لانخفاض تدريجي لنسبة التضخم في الفترة المقبلة.

وطلب أردوغان من المواطنين الصبر، وأنه اعتبارا من الصيف المقبل ستبدأ البلاد بقطف ثمار السياسة الاقتصادية الجديدة، حيث يحرص الرئيس على أن يدخل في المرحلة الانتخابية وقد حقق الاقتصاد استقرارا ينعكس على شعبيته وشعبية حزب العدالة والتنمية.