بمينائها العصري ومحطّته المقامة تحت الأرض ومطعمه الذي يديره طاه شهير ومركزه التسوقي، تستقبل إسطنبول سفينة رحلات سياحية تتسع لخمسة آلاف راكب لضخ مزيد من السيولة في القطاع السياحي التركي الذي يواجه صعوبات كبرى.
فقطاع السياحة في تركيا المتضرر بشدة من جراء تداعيات جائحة كوفيد قد يشهد بداية انتعاش بفضل عائدات ميناء "غلطة بورت" الذي تم تدشينه في 2021، بتأخير عام كامل بسبب الجائحة.
ويمكن لهذا الميناء أن يعطي جرعة انتعاش لاقتصاد البلاد الرازح تحت وطأة تضخم كبير وتدهور قيمة العملة المحلية، على الرغم من أن المشروع تعرّض لانتقادات على خلفية تدمير معالم تاريخية والتخوف من أضرار بيئية محتملة.
وقالت مديرة ميناء "غلطة بورت" فيغن أيان إن "السفن بدأت تصل الواحدة تلو الأخرى" بعد تدشين المنشأة في تشرين الأول/ أكتوبر.
وأوضحت في تصريح لوكالة "فرانس برس" أن ميناء "غلطة بورت أصبح واجهة السياحة".
وبطوابقها العشرين ترسو سفينة "كوستا فينيتسيا" الإيطالية في الميناء في إحدى محطات رحلة مدتها 11 يوماً إلى بحر إيجه، وركابها ينزلون مباشرة إلى محطة الجمارك المقامة تحت الأرض.
وفي الميناء مركز تسوق وفندق وأماكن ثقافية ومطعم يملكه الطاهي التركي الشهير نصرت غوكشيه صاحب الأسلوب المميز في تحضير اللحوم والذي أصبح شخصية بارزة في منصات التواصل الاجتماعي.
وقالت أيان إن "غلطة بورت في إسطنبول أكبر بكثير من مجرد ميناء لسفن الرحلات السياحية".
ركاب ينفقون الكثير
إلى الآن رست في الميناء نحو 30 سفينة رحلات سياحية، ويتوقّع وصول مئتين بحلول نهاية العام، أي 450 ألف راكب.
وألحقت الجائحة وتداعياتها أضراراً كبرى بقطاع سفن الرحلات السياحية عالمياً، بسبب تفشي الفيروس في السفن وحظرها في بلدان عدة.
وقالت أيان "الآن يمكننا القول إن الجائحة أصبحت خلفنا وإن قطاع سفن الرحلات السياحية الذي يعد ركناً مهماً للسياحة قد انتعش".
ويهدف الميناء إلى استقبال 25 مليون زائر ومليوناً ونصف المليون من ركاب سفن الرحلات السياحية سنوياً.
وأوضحت مديرة الميناء "السائح العادي ينفق 62 دولاراً يومياً فيما ينفق راكب سفينة الرحلات السياحية 400 دولار، أي ينفق ما يصل إلى ثماني مرات أكثر في اليوم".
ضرر بيئي
وتضمن مشروع بناء الميناء فتح ممشى بطول 1,2 كيلومتر في خط ساحلي بقي مدى مئتي عام مغلقاً أمام العامة.
لكن معارضي المشروع، وبينهم متخصصون في التخطيط المدني ومهندسون، يعتبرون أنه دمّر أحياء قديمة، إذ بني مركز التسوق في موقع مبنى قديم للبريد، وهو يشكل خطراً بيئياً.
وقال أستاذ علم الأحياء في جامعة إسطنبول محرم بلجي إن الرحلات السياحية تهدد الحياة البحرية وتفرغ في المياه كميات كبيرة من المجاري وغيرها من المخلفات، معتبراً أن "الضرر البيئي للرحلات السياحية أكبر سبع مرات من العائدات المالية التي تدرها".
وتابع "مستوى استهلاك كل مسافر أعلى منه في المدن المضيفة، وبالتالي، فإن سياحة الرحلات البحرية يمكن أن تشكل ضغطاً (على البيئة) في المناطق التي يزورونها".
وحظرت البندقية العام الماضي السفن الكبرى بعد تحذيرات مدى سنوات من أن الفنادق العائمة الضخمة يمكن أن تتسبب للمدينة بأضرار لا يمكن إصلاحها.
وقال براق جليسكان مدير الفرع التركي لشركة "ام.اس.سي" لسفن الرحلات السياحية إن أياً من هذه المخاطر لا يتهدد إسطنبول، مضيفاً: "لا نعتقد أن إسطنبول ستواجه وضعاً مماثلاً"، مشيراً إلى اختلاف بين هيكليتي المدينتين.
وشدد على أن سفن الرحلات السياحية الحديثة تستجيب للمخاطر البيئية، معطياً بعض الأمثلة بالقول: "على سبيل المثال تنقية غازات العوادم. الطلاء المستخدم في السفن تم تغييره بالكامل ويتم استخدام الطلاء الذي لا يلحق الضرر بالبحار".
وتحدّث أيضاً عن "جهود لخفض هدير محركات السفن لكي لا تتسبب بإزعاج للكائنات الحية لدى إبحارها في المياه المفتوحة وخصوصاً الحيتان".
(فرانس برس)