استمع إلى الملخص
- زهير، مالك شركة "القانت"، متهم بالاستيلاء على الأموال من خلال 247 صكاً، ومعظم المتورطين فروا خارج البلاد. المحاكمة تأجلت إلى 27 أغسطس، وفي حال عدم حضوره، ستلجأ الحكومة العراقية إلى الإنتربول.
- زهير يدعي أنه مظلوم وأن الإعلام ضخم القضية، والعراق يحتل مرتبة متأخرة في مؤشر الفساد العالمي. رئيس الوزراء أعلن استرداد جزء من الأموال المسروقة.
من المفترض أن تعقد غدا الثلاثاء جلسة لمحاكمة المتورط الأول نور زهير بجريمة سرقة الأمانات الضريبية، المعروفة محلياً باسم "سرقة القرن"، لكن توقعات كثيرة تفيد باحتمال تأجيلها، لا سيما أن زهير لا يزال خارج العراق، وقد جرى تداول خبر تعرضه لحادث سير في العاصمة اللبنانية بيروت قبل أيام.
وظهر المتهم في مقابلة تلفزيونية وهو يدافع عن نفسه، وطالب بأن تكون محاكمته علنية، لكنه بعد أقل من أسبوع ظهر بحادث سير في بيروت، في لقطات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ينقل إلى مستشفى، لكن سرعان ما أفادت مصادر صحافية وبرلمانية عراقية بأن الحادث "مفتعل".
حادث سير مروع كاد يودي بحياة تاج راس الإطار نور زهير في بيروت
— د. قصي شفيق (@qusay19658073) August 23, 2024
منذ 40 دقيقة
يوم الجمعة الموافق في 23 من شهر آب ٢٠٢٤ ، تعرض نور زهير المظفر إلى حادث سير خطير جدا في بيروت ، في منطقة الحدث، كاد يودي بحياته، على أثره تم نقله إلى المستشفى حيث تلقى كامل الإسعافات الأولية وبينت الفحوصات… pic.twitter.com/ZplpHRIN4t
وزهير، المالك لشركة "القانت"، هو المتهم الأبرز في قضية "سرقة القرن" الخاصة بالاستيلاء على 2.5 مليار دولار من أموال "الأمانات الضريبية"، في واحدة من أكبر فضائح الفساد المالي في العراق. وسحبت الأموال بين سبتمبر/ أيلول 2021 وأغسطس/ آب 2022 من خلال 247 صكاً صُرفت من قبل خمس شركات، ثم سحبت نقداً من حسابات هذه الشركات، وفر معظم مالكيها خارج البلاد، وفقاً لتحقيقات عراقية بدأت عام 2022، ولا تزال مستمرة.
تأجيل المحاكمة في قضية "سرقة القرن"
وفي 14 أغسطس الجاري، كشف عضو البرلمان العراقي مصطفى سند عن تأجيل محاكمة نور زهير في قضية سرقة القرن لعدم حضوره إلى جلسة المحاكمة. وقال إن "المحاكمة تأجلت الى يوم 27 أغسطس/ آب الجاري لعدم حضور المتهم نور زهير إلى المحكمة". وفي تصريح منفصل، قال سند إن "نور زهير مقيم في الإمارات العربية المتحدة، وفي حال عدم حضوره إلى المحكمة مجددا، فسوف تلجأ الحكومة العراقية إلى استرداده عبر الشرطة الدولية (إنتربول)".
ويتهم زهير بسرقة مبلغ 2.5 مليار دولار من أموال الأمانات الضريبية، التابعة لشركات أجنبية، ومودعة في المصارف الحكومية العراقية، وتفيد مصادر سياسية بأن "السرقة اشترك فيها عدة أشخاص من رجال أعمال وشخصيات نافذة من خلال الاحتيال والتزوير". وبينما هرب غالبية المتهمين وألقي القبض على بعض منهم، تم استرداد جزء قليل من المبالغ المسروقة، وكُشف عن سرقة القرن" من قبل عدة جهات معنية قبل نحو شهرين من انتهاء عمل الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي.
وفي ظهور نور زهير (44 عاماً) الأخير عبر قناة "الشرقية" الفضائية المحلية، قال زهير إنه "مظلوم، والإعلام هو الذي ضخّم القضية، وما قام به ليس سرقة، وإنما شراء شيكات من وسطاء لشركات أجنبية بهدف الحصول على عمولة لشركة القانت للصرافة التي يملكها، والواقعة في حي الكرادة وسط بغداد". وأعرب زهير عن أمله "ألا يتأثر القضاء بما يذكر في الإعلام وألا يخضع للضغوط السياسية"، مبينا أنه "في حال محاكمته، سيكشف كل الأسماء المتورطة في القضية، خاصة إذا كانت المحاكمة علنية".
ووضع العراق، حسب آخر تقرير لمنظمة الشفافية الدولية، في المرتبة 154 من بين 180 دولة مصنفة من حيث درجة الفساد. وفي السياق، قال رئيس مؤسسة النهرين لدعم الشفافية محمد الربيعي إن "نور زهير ضحية للآخرين وقد عمل المتورطون الآخرون من خلال الإعلام، ما من شأنه إلقاء المسؤولية كاملة على نور زهير"، مبيناً أن "تحقيقاً أجرته منظمة الشفافية الدولية كشف عن أن العراق منذ سنة 2003 كان واحدة من الدول التي تسرق نسبة 25% إلى 40% من ميزانيتها العامة".
ولأجل ذلك، فمن المقرر أن تستضيف بغداد الشهر المقبل مؤتمراً دولياً لمنظمة الشفافية الدولية بفروعها الدولية كافة، وفق رئيس مؤسسة النهرين لدعم الشفافية. من جهته، أشار القاضي والوزير العراقي الأسبق وائل عبد اللطيف إلى أن "نور زهير حالة واحدة من حالات عديدة لنماذج الفساد في العراق، وحاول خلال الأسبوعين الماضيين أن يظهر ضحيةً أو مظلوماً كي يغلق قضيته اجتماعياً على الأقل، تمهيداً لإغلاقها قضائياً". وبين لـ"العربي الجديد" أن "التداخل السياسي في سرقة الأمانات الضريبية واضح بشكلٍ كبير، وقد اعترف نور زهير بذلك".
وأضاف عبد اللطيف أن "هناك محاولات من قبل المتورط الأول بالجريمة لكي يحصل على تعاطف اجتماعي وسياسي، فضلاً عن وجود جهات حصلت على مبالغ كبيرة من السرقة، وتخشى أن تُفضَح عبر جلسات المحاكمة". وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قد أعلن، خلال مؤتمر صحافي يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، استرداد جزء من الأموال المسروقة من الأمانات الضريبية، مؤكدا استرداد 182 مليار دينار (نحو 125 مليون دولار)، بنسبة 5% من أصل المبلغ المسروق البالغ نحو 2.5 مليار دولار، وكان مودعًا في مصرف الرافدين الحكومي.
وقال السوداني إن القاضي المختص أصدر أمرًا بإطلاق سراح نور زهير بكفالة مقابل تعهده بتسليم كامل المبلغ المسروق خلال مدة أسبوعين من تاريخه، مشيرا إلى أن القسم الأكبر من المبلغ لدى المتهم عبارة عن عقارات وأملاك، ومبينًا وجود اتفاق بين محكمة تحقيق الكرخ الثانية في بغداد والمتهم لجدولة استرداد كامل المبلغ الذي بحوزته.