تدفقات قياسية في سوق الأسهم الأميركية

23 مارس 2021
وول ستريت تتجه نحو ارتفاع جديد في العام الجاري (Getty)
+ الخط -

لم ينتظر الأميركيون وصول المساعدات الحكومية، التي اقترحها الرئيس جو بايدن وأقرها الكونغرس، بقيمة إجمالية للأسر تتجاوز 400 مليار دولار، واندفعوا نحو شراء الأسهم الأميركية بمجرد التوقيع عليها، لتسجل التدفقات النقدية الجديدة في سوق الأسهم خلال الأسبوع المنتهي يوم الأربعاء الماضي ما يقرب من 57 مليار دولار، هي الأعلى في تاريخ البورصات الأميركية، وبنسبة ارتفاع 237% مقارنة بالأسبوع السابق.

ورغم المخاوف التي سببها ارتفاع العائد على سندات الخزانة الأميركية، وشبح التضخم المرتفع الذي لاح للأميركيين، اعتبر كثيرون من مستحقي المساعدات، والتي كانت بواقع 1400 دولار لكل مواطن، أن أسعار العديد من الأسهم والصناديق المتداولة في البورصات تمثل حالياً فرصة جيدة للاستثمار، حيث تراجع بعضها بنسب تجاوزت 50%، فسجلت الصناديق صافي تدفق بقيمة تتجاوز 2.9 مليار دولار، بعد أن سجلت في الأسبوع السابق صافي سحب للنقدية بما يقرب من 1.37 مليار دولار.

ورغم تأكيده استمرار معدلات الفائدة عند مستوياتها الصفرية خلال الثلاثين شهرا القادمة، لم تزد كلمات رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي، جيرومي باول، المستثمرين يوم الأربعاء، إلا خوفاً من ارتفاع معدل التضخم وخروجه عن السيطرة، وهو ما دفعهم للإسراع بشراء الأسهم التي يعتبرها البعض الاختيار الأمثل للحد من التأثيرات السلبية لارتفاع معدل التضخم على الثروات والدخول.

سجلت الصناديق صافي تدفق بقيمة تتجاوز 2.9 مليار دولار، بعد أن سجلت في الأسبوع السابق صافي سحب للنقدية بما يقرب من 1.37 مليار دولار

وتوقع بيل جروس، الشريك المؤسس لعملاق إدارة الاستثمار "بيمكو"، وصول معدل التضخم خلال الشهور القادمة إلى 4%.

بدوره، توقع جيم بيانكو، رئيس شركة بيانكو للأبحاث، أن يستفيد مستثمرو الأسهم الأميركية خلال فصل الربيع (الذي بدأ فعلياً يوم السبت) من التراجع المؤقت في معدلات العائد على سندات الخزانة.

وقال بيانكو، في حوار له مع محطة "سي ان بي سي" يوم الجمعة، "من الواضح أن سندات الخزانة شهدت مبالغة في البيع في الفترة الأخيرة، وهو ما يعني أنها مرشحة لارتفاع أسعارها، أي انخفاض عوائدها، خلال الفترة القادمة".

وتنبأ بيانكو باستفادة مؤشرات الأسهم الأميركية، بما فيها مؤشر ناسداك الذي تشكل شركات التكنولوجيا نسبة كبيرة من مكوناته وتعرض لخسائر كبيرة خلال الفترة التي شهدت ارتفاع عوائد السندات، من تراجع معدلات العائد، مؤكداً أن قطاع التكنولوجيا "شديد الحساسية حيال تغير معدلات الفائدة لأن التكنولوجيا تعتبر من الأصول طويلة الأمد مثل السندات"، مضيفاً أن ذلك سيمثل مصدر ارتياح للمستثمرين في سوق الأسهم.

وأشار بيانكو إلى أن التضخم هو الذي يمثل أهم مخاوفه في العام الحالي، متوقعاً ارتفاعه بصورة كبيرة في النصف الثاني من العام الحالي نتيجة للانتعاش المتوقع للاقتصاد الأميركي، تزامناً مع وصول تأثير حزم المساعدات الحكومية القياسية إلى الأسواق.

وعلى نحوٍ متصل، أظهر مسح أجراه بنك "ميزوهو" الياباني على 235 مواطنا من مستحقي المساعدات من الأسر ذوي الدخول المنخفضة التي تقل عن 150 ألف دولار سنوياً، أن ما يقرب من 40 مليار دولار من تلك المساعدات سيتم استثمارها في أسهم وفي العملة المشفرة بيتكوين، وأن النسبة الأكبر ستصب في شراء الأخيرة.

قدر دان دولف، كبير محللي الأسهم ببنك ياباني، نسبة ما سيتم توجيهه من الأموال المستثمرة إلى العملة المشفرة بأكثر من 60% من إجمالي إنفاق الأسر الإضافي

وقدر دان دولف، كبير محللي الأسهم بالبنك، نسبة ما سيتم توجيهه من الأموال المستثمرة إلى العملة المشفرة بأكثر من 60% من إجمالي إنفاق الأسر الإضافي، متوقعاً أن يسبب ذلك ارتفاعاً في قيمة رأس المال السوقي لعملة بيتكوين بنسبة قد تصل إلى 3%.
والأسبوع الماضي، أصبح بنك الاستثمار "مورغان ستانلي"، الذي اشترى مؤخراً منصة تداول الأسهم الشهيرة إي تريد E-Trade، أول بنك أميركي كبير يتيح لعملائه الأثرياء إمكانية الوصول إلى بيتكوين والاستثمار فيها بصورة آمنة إلى حدٍ كبير، إلا أنه قصر تقديم الخدمة على عملائه الكبار، ممن لا تقل أرصدتهم عن مليوني دولار، معللاً ذلك بارتفاع درجة مخاطر الاستثمار في العملات المشفرة، وهو ما يستلزم إتاحتها للعملاء المعتمدين فقط.

وعلى نحو متصل، أكد أنطوني دنيار، الرئيس التنفيذي للشركة صاحبة تطبيق سمسرة الأسهم "وي بول Webull"، ارتفاع حجم تعاملات المستثمرين من خلال تطبيق شركته منذ إقرار حزمة إنعاش الاقتصاد ومساعدة الأميركيين بقيمة 1.9 مليار دولار، مؤكداً في لقاء مع محطة "سي ان بي سي" الاقتصادية أن "الوقت ما زال مبكراً لمعرفة التأثير النهائي لتلك التدفقات على سوق الأسهم الأميركية".
وتشهد سوق الأسهم الأميركية خلال الشهور الأخيرة تذبذبات كبيرة، أرجعها محللون إلى تزايد الارتباط بصورة غير مسبوقة بين أسواق المال ومواقع التواصل الإجتماعي، حتى أصبحت تغريدات البعض، مثل إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا التي تصنع السيارات الكهربائية، أو تشاماث باليهابيتيا، مؤسس ورئيس صندوق استثمار "سوشيال كابيتال" أو "رأس المال الاجتماعي"، أو كاثي وود، مؤسس ومسؤول الاستثمار والرئيس التنفيذي لصناديق ARK التي حققت مكاسب ضخمة العام الماضي، واختارتها وكالة بلومبيرغ أفضل مدير للاستثمار في عام 2020، تُحرِّك الأسواق بنسب تتجاوز أحياناً مائة بالمائة خلال جلسة تداول واحدة، أو عدد قليل من الجلسات لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة.

تشهد سوق الأسهم الأميركية تذبذبات كبيرة، أرجعها محللون إلى تزايد الارتباط بصورة غير مسبوقة بين أسواق المال ومواقع التواصل

ويدخل مستثمرو الأسهم الأسبوع الجديد ببعض التوتر، بعد تحركات كبيرة شهدتها أسعار الأسهم الأميركية، وخاصة عمالقة شركات التكنولوجيا، خلال تعاملات الأسبوع المنتهي.

ويضاف إلى دراما الأسبوع استجواب رجل البنك الفيدرالي القوي جيرومي باول أمام الكونغرس، والمتوقع أن يتم على يومين، وتعقبه استجوابات أخرى، لا تقل أهمية، لأعضاء آخرين بمجلس إدارة البنك.

المساهمون