تحويلات الليبيين عالقة وسط صراع "المركزي"

04 سبتمبر 2024
عملاء ينتظرون خارج أحد البنوك في طرابلس لإتمام معاملاتهم (فرانس برس)
+ الخط -

حجب الصراع الدائر في ليبيا للسيطرة على المصرف المركزي، مختلف التعاملات المالية للتجار والمواطنين مع العالم الخارجي، ما تسبب في توقف الحياة للكثيرين، لاسيما الطلاب والمرضى الذين يعتمدون على تحويلات مالية من ذويهم.

ولم تتوقف فقط الاعتمادات المستندية في البنوك اللازمة لإتمام عمليات الاستيراد، وإنما التحويلات السريعة وبطاقات الدفع وشراء الدولار، وذلك لعدم فتح نظام "السويفت" للإدارة الجديدة للمصرف المركزي، ما ألقى بظلاله على قدرة المواطنين والتجار على تلبية احتياجاتهم المالية.

نوري المقطوف، شاب يبلغ من العمر 30 عاماً، يعيش معاناة في إتمام تحويل مبلغ مالي بالدولار عبر البنوك إلى قريب له يعالج من مرض السرطان في العاصمة الأردنية عمان. ويقول نوري لـ"العربي الجديد" إنه اضطر إلى اللجوء إلى السوق السوداء لتدبير النقد الأجنبي، حيث يرتفع سعر العملة الأميركية، مما يزيد من العبء المالي عليه.

وفي فرع المصرف التجاري الوطني في القرجي بالعاصمة طرابلس، كانت الأجواء مشحونة بالتوتر، حيث توافد العديد من المواطنين في محاولة لإجراء تحويلات مالية إلى الخارج. سالم المصباحي، أحد هؤلاء المواطنين، عبّر عن استيائه قائلاً لـ"العربي الجديد": "ابني يدرس في تركيا، ولم أتمكن من إرسال الأموال له عبر المصارف الرسمية.. أصبحنا عالقين وسط الصراع الدائر على المصرف المركزي". يعكس حديث المصباحي حالة الإحباط التي يشعر بها الكثيرون.

على بُعد كيلومترات قليلة من المصرف المركزي، تتجلى آثار الأزمة على التجار في شارع الرشيد بطرابلس. تحدث علي الرابطي، تاجر جملة، عن الصعوبات التي يواجهها قائلاً لـ"العربي الجديد": "لقد حصلت على بطاقة صغار التجار منذ فترة، لكني لم أتمكن من شحنها منذ الخامس من أغسطس/آب، مما أوقف العديد من عملياتي التجارية.. عدم القدرة على الوصول إلى النقد الأجنبي أدى إلى تراجع عمليات الاستيراد، وهو ما يهدد بتفاقم شح السلع في الأسواق وزيادة أسعارها بشكل ملحوظ".

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

يقول المحلل الاقتصادي أبو بكر الهادي، إن تراجع الثقة في المصارف التجارية الليبية أصبح أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى توقف التحويلات. وأضاف الهادي أن الأزمة تتجاوز مجرد توقف التحويلات، إذ إن النظام المصرفي الليبي بات يعاني من أزمة ثقة عميقة، مما يزيد من تعقيد الأمور.

ومنذ منتصف أغسطس/آب الماضي، تعيش ليبيا توترات على خلفية أزمة إصدار المجلس الرئاسي قراراً بعزل محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير (رفض ترك منصبه) وتعيين محمد الشكري مكانه، وهو الإجراء الذي رفضه مجلسا النواب والدولة لصدوره من جهة "غير مختصة" على حد وصفهما. ويشرف المصرف على إدارة إيرادات النفط وميزانية الدولة، ليُعاد بعد ذلك توزيعها بين المناطق المختلفة، بما فيها الشرق.

وأعلنت الحكومة المنبثقة من مجلس النواب، ومقرها بنغازي، الأسبوع الماضي، "حالة القوة القاهرة على جميع الحقول والموانئ النفطية، وإيقاف إنتاج النفط وتصديره حتى إشعار آخر"، احتجاجاً على إقالة طرابلس الكبير، وتكليف مجلس إدارة جديد لتولي مهمات المصرف المركزي. وتسيطر حكومة مجلس النواب المدعومة من مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر على حقول تشكل إنتاج ليبيا النفطي بالكامل تقريباً.

في خضم هذه الأزمة، أعربت وزارة الخارجية الأميركية، قبل أيام، عن قلقها من تداعيات التوترات الحالية على الاقتصاد الليبي ورفاهية الأسر. وأشارت الوزارة إلى أن بعض البنوك الأميركية والدولية أوقفت معاملاتها المالية مؤقتًا مع مصرف ليبيا المركزي، وأعادت تقييم علاقاتها معه بسبب حالة عدم اليقين الناتجة عن الإجراءات الأحادية الأخيرة التي اتخذتها الفصائل المتنازعة.

المساهمون