- الاقتصاديون عماد الدين المصبح وعبد الناصر الجاسم يحذران من اعتبار التحسن النسبي في سعر الصرف دليلاً على تعافي الاقتصاد السوري، مشيرين إلى أنه تحسن آني مرتبط بعوامل موسمية ويتوقعان عودة تدهور سعر الليرة بعد انتهاء هذه الفترة.
- يؤكد الاقتصاديون على أن الاقتصاد السوري يواجه تحديات كبيرة تشمل عجز الميزان التجاري، فقدان الثقة بالعملة المحلية، وتأثيرات القرارات الحكومية والفساد على استقرار العملة، مما يشير إلى ضرورة اتخاذ تدابير جذرية لتحقيق استقرار اقتصادي مستدام.
لأول مرة منذ مطلع عام 2024، هبط سعر صرف الدولار بشركات الصيرفة بدمشق أمس الاثنين، إلى ما دون 14 ألف ليرة سورية في التعاملات المبكرة، مسجلاً 13850، كما تراجع سعر صرف اليورو إلى 15075 ليرة.
وكان سعر صرف الدولار زاد الشهر الماضي عن 15 ألف ليرة وسط طلب كبير على العملات الأجنبية.
وفي هذا السياق، يعزو الاقتصادي السوري، عماد الدين المصبح، أسباب تحسن العملة المحلية إلى زيادة كتلة الحوالات الخارجية التي تضاعفت خلال شهر رمضان من المهاجرين والمغتربين السوريين، مقدراً التحويل اليومي إلى سورية بين 6 و7 ملايين دولار، الأمر الذي ساهم بتوازن نسبي بالمعروض النقدي وانعكس على سعر صرف الليرة السورية.
ويتابع المصبح لـ"العربي الجديد" أن عدم الدولرة بالسوق السورية رغم شبه انهيار العملة خلال الفترة الماضية وعزوف السوريين عن اعتمادها عملة للاكتناز، كان عاملاً إضافياً بثبات سعر الصرف ومن ثم تحسنه منذ بداية شهر الصوم.
لكن، يلفت الاقتصادي السوري إلى أن التحسن النسبي هذه الفترة، لا يمكن اعتباره تعافياً للعملة أو الاقتصاد، لأنه آني مرتبط بعامل التحويل الخارجي وبخصوصية الإنفاق بشهر رمضان.
وتوقع المصبح معاودة تدهور سعر الليرة بعد شهر رمضان، لأن حكومة بشار الأسد برأيه، تساهم عبر تخبط القرارات والفساد بتسريع انهيار العملة، مستدلاً بمراسيم منع التعامل بغير الليرة، والتي تساهم بخسارة قسم كبير من الحوالات الدولارية التي تدخل سورية بالليرة، لأن سعر الصرف بالشركات، رغم تعديله أخيراً، لم يزل أقل بكثير عن سعر السوق.
وكان مصرف سورية المركزي قد رفع مطلع الشهر الجاري سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي للحوالات والصرافة إلى 13400 ليرة للدولار الواحد، كما حدد سعر صرف الليرة السورية مقابل اليورو بـ 14521 ليرة سورية.
بدوره، يقول الاقتصادي عبد الناصر الجاسم، إنه لا يمكن الاستدلال من سعر الليرة حاليا على حال الاقتصاد السوري لأنه مشلول بكل معنى الكلمة، وسبب التحسن الطفيف بسعر الليرة يعود أولاً لزيادة تحويلات المغتربين الخارجية من تركيا والدول العربية والأوروبية إلى ذويهم لتدبر مصاريف شهر رمضان المتزايدة، إذ لا يزيد متوسط دخل الأسرة شهريا عن 280 ألف ليرة في حين يزيد الإنفاق عن 12 مليوناً.
كان مصرف سورية المركزي قد رفع مطلع الشهر الجاري سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي للحوالات والصرافة إلى 13400 ليرة للدولار الواحد
ويضيف الجاسم لـ"العربي الجديد" أن تراجع نسبة المستوردات سبب مهم بموازنة المعروض النقدي وتراجع قليل على طلب الدولار، فمعظم التجار يستوردون احتياجات رمضان قبل شهر، في حين سمحت حكومة الأسد باستمرار تصدير الخراف والخضر والفواكه، والتي تعود ببعض القطع الأجنبي الذي يزيد من توازن المعروض بالسوق.
ويتابع: "لكن، هذا الحال مؤقت وسرعان ما ستعود الليرة لمشوار تهاويها، لأن عجز الميزان التجاري بعد تراجع الإنتاج والتصدير يرهق الاقتصاد وبالتالي، العملة مرآة ذلك الاقتصاد. كما أن عائدات السياحة الدولارية شبه صفرية بسورية عدا سياحة دينية محدودة".
ويشير الجاسم إلى ما يراه العامل الأهم وهو فقدان ثقة السوريين بعملتهم، إذ لم تعد ملاذاً للادخار بعد تراجعها المستمر وفقدان الاحتياطي من المصرف المركزي والمقدر عام 2011 بنحو 18 مليار دولار، لذا الليرة تخصص للتعامل اليومي ومن لديه فائض ولو على مستوى قليل، يحله دولارا أو ذهبا.
وبدأ تهاوي سعر الليرة، بالتزامن مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، ويومها لم يكن سعر صرف الدولار يزيد عن 50 ليرة، ليبدأ استنزاف العملة المحلية، وتخسر سنوياً نسبة كبيرة من قيمتها.