حذر مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية من التداعيات السلبية للنزاع القائم بين نقابة أطباء الأردن وشركات التأمين حول لائحة الأجور الطبية الجديدة، والتي بدأ العمل بها يوم السبت الماضي، مؤكداً أن المواطن الأردني هو المتضرر الأكبر من هذا النزاع.
وأوضح المركز، في بيان أصدره اليوم الأحد، أن النقابة ألزمت أطباء الأردن بعدم معالجة أي مريض إلا إذا دفع نقداً، بينما أعلنت شركات التأمين نيتها إلغاء اعتماد الأطباء الذين يرفضون استقبال المرضى المؤمنين، أو الذين يخالفون التزاماتهم التعاقدية القديمة. وأشار المركز إلى أن هذه التطورات ستُدخل المواطنين في حالة من عدم اليقين، وتُفاقم الأعباء المالية عليهم، وستؤثر سلباً على فرص وصولهم إلى الرعاية الصحية.
وكانت الجمعية الوطنية لحماية المستهلك قد أصدرت بياناً مشتركاً، بالتعاون مع الاتحاد الأردني لشركات التأمين والجمعية الأردنية للتأمينات الصحية، أعربت فيه عن رفضها القاطع للتسعيرة الجديدة التي نُشرت في الجريدة الرسمية بقرار من وزارة الصحة. واعتبرت الجمعية أن هذه التسعيرة التي أعدتها نقابة الأطباء بموجب الصلاحيات الممنوحة لها بنظام الأجور الطبية تمثل عبئاً كبيراً على المواطنين، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعصف بالبلاد.
ودخلت لائحة الأجور الطبية 2024، أمس السبت، حيز التنفيذ، بحسب الجمعيات الطبية المنبثقة عن نقابة أطباء الأردن ولجانها الفرعية في المحافظات. وأصدرت الجمعيات الطبية المنبثقة عن نقابة الأطباء ولجانها الفرعية، تعميماً لأعضائها دعت فيه للالتزام بتعليمات النقابة المتعلقة بتطبيق لائحة الأجور 2024 التي نشرت في الجريدة الرسمية.
ووفق التسعيرة الجديدة فقد تمت زيادة أجور الأطباء عن الإجراءات الموجودة في لائحة أجور 2008 (باستثناء أجور الأشعة) بنسبة 20% للسنة الأولى، على أن تتبعها الزيادة اللاحقة في السنة الثانية. وعن الإجراءات الطبية الجديدة غير الواردة في لائحة أجور 2008، أشارت الجمعية والاتحاد في حينه إلى أنه سيتم اعتماد مسوّدة لائحة أجور 2021 مع نسبة تخفيض 50% عليها.
وأكد مركز الفينيق في بيانه أن النزاع الحالي يعكس فجوات منهجية عميقة في نظام الرعاية الصحية في الأردن، إذ يتجاوز كونه خلافاً مالياً بين الأطراف ليصبح تهديداً حقيقياً للحق في الصحة لمئات الآلاف من الأردنيين. ودعا المركز الحكومة إلى التدخل الفوري لضمان هذا الحق باعتباره حقاً أساسياً مكفولاً بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وليس امتيازاً يُترك للعرض والطلب.
وشدد المركز على أهمية أن تُعيد الحكومة صياغة دورها في مجال الرعاية الصحية، لتكون ضامنة لحقوق المواطنين في الحصول على خدمات صحية عالية الجودة، بدلاً من الاكتفاء بدورها التنظيمي. وأكد الحاجة الماسة إلى تحسين خدمات الرعاية الصحية وتوسيع نطاقها بما يتناسب مع احتياجات المواطنين.
وأشار البيان إلى أن الزيادة الجديدة في أجور الأطباء بنسبة 60% على مدى ثلاث سنوات ستنعكس سلباً على المواطنين، إذ يُتوقع أن تُقلص شركات التأمين خدماتها أو ترفع أسعار بوالص التأمين الصحي، مما قد يؤدي إلى انخفاض أعداد المؤمن عليهم، خاصة في الشركات الصغيرة والمتوسطة. وأكد أن هذا الوضع سيزيد من الأعباء الاقتصادية على المواطنين في ظل تدني مستويات الأجور.
وأضاف المركز أن زيادة أجور الأطباء، دون اتخاذ تدابير لتعويض المرضى وأسرهم، ستعرقل تنفيذ أهداف الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية، خصوصاً المحور الثالث "تمكين"، الذي يركز على تحسين الخدمات الاجتماعية. وأكد ضرورة اتخاذ إجراءات موازية، مثل رفع أجور العاملين، لتمكينهم من تحمل التكاليف الإضافية للرعاية الصحية.
وأكد أن المبادئ الأساسية للحق في الصحة تُلزم بتوفير أعلى مستوى ممكن من الرعاية الصحية لجميع المواطنين، بغض النظر عن مستواهم الاجتماعي أو الاقتصادي. ودعا المركز جميع الأطراف إلى تحمل مسؤولياتها، والعمل على إيجاد حلول عادلة تُحقق مصلحة المواطن أولاً.