تحديات بايدن الاقتصادية: التضخم وأسعار الطاقة وتحالف موسكو - بكين

09 ديسمبر 2021
بايدن يعلن اتخاذ إجراءات لخفض كلفة الدواء في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض (Getty)
+ الخط -

يدخل الرئيس الأميركي جوزيف بايدن العام الثاني من ولايته بعد أقل من ثلاثة أسابيع، وهو عام انتخابات الكونغرس التي ستجري في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وهو يواجه مجموعة من التحديات الكبرى على الصعيدين الداخلي في الولايات المختلفة، والخارجي في كل من أوروبا وآسيا، خاصة الملف الصيني.

في الداخل، يواجه بايدن أزمات التضخم وارتفاع أسعار الطاقة، ويركز خارجياً على استراتيجية مواجهة تحالف "بكين ــ موسكو" الرامي إلى توسيع دائرة نفوذهما الجيوسياسي وبناء "نظام عالمي" متعدد الأطراف يزيح الولايات المتحدة عن قمة الزعامة الأُحادية للعالم، وربما محاصرة النظام الديمقراطي الرأسمالي في أوروبا عبر التمدد التجاري والتخطيط للانقلابات العسكرية وإنشاء القواعد العسكرية والسيطرة على التعدين والطاقة في أفريقيا وأميركا اللاتينية.
على الصعيد الداخلي، يشير مسح أجرته صحيفة "وول ستريت جورنال" بين الناخبين في الولايات المتحدة ونشرت جزءاً منه يوم الثلاثاء، إلى أن الناخبين الذين شملهم المسح أبدوا تشاؤماً حول مستقبل الاقتصاد الأميركي مع استمرار مخاطر كورونا والتضخم، كذلك تراجعت ثقتهم بقدرة بايدن وحزبه على حل القضايا الرئيسية التي تشغلهم.
في ذات الصدد، قالت قناة "سي بي أس" الأميركية في مسح أجرته نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إن شعبية بايدن تراجعت إلى 41%.
وعلى الرغم من النمو الاقتصادي القوي في الولايات المتحدة مقارنة بأوروبا واليابان، هنالك شكوك بين الناخبين في ما إذا كانت إدارة بايدن ستتمكن من معالجة التضخم المرتفع البالغ 6% وفق أحدث الأرقام، ويزيد من غلاء السلع الاستهلاكية ومعاناة الأسر الأميركية.
وحتى الآن سعت إدارة بايدن إلى خفض أسعار النفط والمشتقات البترولية في الولايات المتحدة عبر ضخ كميات من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي في السوق المحلي، كذلك نسقت مع الدول الاستهلاكية الكبرى مثل بريطانيا واليابان في استهلاك الخامات للقيام بإجراء مماثل. لكن أسعار الوقود جزء فقط من أزمة غلاء الأسعار التي تأكل من دخل المواطن الأميركي.
ويرى المستشار السابق في إدارة كلينتون، دوغلاس إي شوين، أن أولويات إدارة بايدن تنصبّ حالياً على مكافحة التضخم وارتفاع السلع الاستهلاكية. وقال شوين في تحليل بنشرة "ذا هيل" التي تصدر بالعاصمة واشنطن، إن ترشيح بايدن لجيروم باول لدورة ثانية في رئاسة مجلس الاحتياط الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي"، يعني أنه ماضٍ في سياسة محاصرة التضخم عبر تشديد السياسة النقدية.

لكن في المقابل، إن مسح "وول ستريت جورنال" أظهر أن الناخب الأميركي يرى أن الحزب الديمقراطي أفضل من الحزب الجمهوري في رعاية مصالح أسر الطبقة الوسطى، كما نجح في محاصرة جائحة كورونا ومتحوراتها.
وورث بايدن مجتمعاً منقسماً في الولايات المتحدة، يعاني عدم العدالة في الدخول والفرص الوظيفية، وتراجعاً في حصة المواطن العادي من الثروة الأميركية، حيث تملك حصة واحد في المائة من معظم الثروة الأميركية. وبينما يتزايد عدد المليارديرات في البلاد، تزداد نسبة الفقر والتشرد في البلاد.
ويرى محللون أن إدارة بايدن يجب عليها أن تعمل أكثر لمعالجة الاختلال في توزيع الثروة الأميركية والمساواة في الحقوق والواجبات بين أفراد المجتمع الأميركي.
على الصعيد الخارجي، يواجه بايدن أزمات التمدد التجاري والاقتصادي الصيني عبر مبادرة "الحزام والطريق" التي أنفقت عليها بكين حتى الآن نحو تريليون دولار، وهي استراتيجية قائمة على ربط الأسواق العالمية بالسوق الصيني عبر الشحن البحري والبري وبناء الطرق والكباري والموانئ.
وتبعاً لذلك، تخطط الصين لإغراق العالم ببضائعها الرخيصة على حساب المنتجات في أوروبا وأميركا، وهو ما ظهرت نتائجه في ارتفاع نسبة البطالة في أوروبا وإغلاق العديد من الصناعات.
كذلك تواجه إدارة بايدن تحديات استراتيجية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الرامية إلى توسيع نفوذ بلاده الجيوسياسي في أوروبا وأفريقيا عبر دعم الأنظمة الدكتاتورية وإنشاء مليشيات تحمي مصالحه. وكان آخر هذه التحديات تحشيد الجيوش الروسية على حدود أوكرانيا، وربما التفكير في مغامرة لضمّ شرقيّ أوكرانيا، كما فعل بشبه جزيرة القرم.
وبينما تبدأ قمة الديمقراطيات التي تعقد عبر تقنية الفيديو كونفرانس بحضور 108 رؤساء من زعماء دول الديمقراطيات الرأسمالية، وهي قمة غامضة الأهداف ومتناقضة الحضور، حسب ما وصفها تحليل بمجلس "العلاقات الخارجية" الأميركي، لأنها تشمل حضور حكومات غير ديمقراطية وتستبعد حكومات دول ديمقراطية.
وحسب "مجلس العلاقات الخارجية" تستهدف القمة خدمة ثلاثة أهداف رئيسية، وهي حماية النظم الديمقراطية أمام الحكومات الأوتوقراطية، وتحديداً في كل من الصين وروسيا، والقضاء على الفساد المالي والاقتصادي وتعزيز الحريات وحقوق الإنسان في العالم.

ويرى تحليل في مركز "كارنيغي للسلام العالمي" في تحليل حول هذه القمة أن إدارة بايدن كان يجب أن تستثمر هذا التجمع الكبير لزعماء الحكومات الديمقراطية في اتخاذ خطوات عملية لحماية الديمقراطيات الضعيفة في العالم، وتتبنى استراتيجية لتعزيز الأداء الديمقراطي والمساءلة والحريات.
وفي المقابل، انتقد كل من موسكو وبكين قمة "الحكومات الديمقراطية"، ووصفتاها بأنها دليل على أن واشنطن تسعى لتكريس مفهوم "الحرب الباردة".

المساهمون