تجربة أرملة مسنّة تفضح انتشار الاحتيال المالي في الولايات المتحدة: ما علاقة البنوك الكبرى؟

19 اغسطس 2024
جناح جي بي مورغان في أحد معارض إيطاليا، 10 إبريل 2024 (إيمانويل كريماشي/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **انتشار الاحتيال المالي**: عمليات الاحتيال المالي تستهدف بشكل خاص الأميركيين المسنّين، مع زيادة كبيرة في خسائر الاحتيال السنوية للأشخاص فوق 60 عاماً بنسبة 255% لتصل إلى 3.4 مليارات دولار في السنوات الثلاث الماضية.

- **دور البنوك**: البنوك الكبرى مثل جيه بي مورغان تشيس وبنك أوف أميركا لم تتخذ الإجراءات الكافية لحماية العملاء المسنّين، وتعتمد على القوانين التي توفر لها الحصانة عند خداع العملاء وسحب مدخراتهم.

- **تحديات الإبلاغ**: النظام الذي تبلغ من خلاله البنوك السلطات عن الجرائم المالية يعاني من انهيار، مما يؤدي إلى تأخير في التحقيقات واستمرار استغلال الضحايا من قبل المحتالين.

موجة من الاحتيال المالي تعم الولايات المتحدة جارفة معها مدخرات العديد من الناس وتعويضاتهم، ومستهدفة على نحو خاص الثروة القياسية التي يسيطر عليها الأميركيون المسنّون. لكن ما علاقة البنوك الأميركية الكبرى بهذا الملف؟ هذا ما سعت بلومبيرغ إلى الكشف عنه في تحقيق أوردته يوم الأحد، من خلال تجربة أنيت مانيس البالغة من العمر 83 عاماً مع مصرف جيه بي مورغان تشيس وشركاه (JPMorgan)، مما أدى إلى استنزاف الأموال. فقد اكتشف ابنها بيتر أثناء مشاركته في مؤتمر طبي بسنغافورة أن والدته التي ربّته وحدها قد جمعت بهدوء ما يكفي من المال لتصبح مليونيرة، وأن المحتالين الذين انتحلوا صفة قسم الاحتيال في بنك جيه بي مورغان وعملاء سلطات الولايات المتحدة قد خدعوها لتسلمهم نحو 1.4 مليون دولار. كما أثقلوها بستة أرقام من ديون بطاقات الائتمان والتزامات ضريبية ساحقة.

وتشير بلومبيرغ إلى أن مثل عمليات الاحتيال المالي هذه تنتشر في جميع أنحاء الولايات المتحدة، حيث يستهدف المجرمون الثروة القياسية التي جمعها الأميركيون الطاعنون في السن. في حالة أنيت مانيس، بدأ الأمر في جيه بي مورغان على ثلاث دفعات، وكل واحدة أكبر من سابقتها، إلى أن شعر موظفو الفروع هذا المصرف و"بنك أوف أميركا" (Bank of America Corp) بالقلق من كونها ضحية لجريمة مستمرة، لكن لم يتصل أحد بسلطات بإنفاذ القانون. إلا أن جيه بي مورغان قال إن قسم بطاقات الائتمان اتصل في النهاية بخدمات حماية البالغين.

ارتفعت خسائر الاحتيال السنوية التي يعانيها الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاماً بنسبة 255% لتصل إلى 3.4 مليارات دولار في السنوات الثلاث الماضية

إنما حتى ذلك الحين، كان قد مر وقت طويل قبل أن تحصل العاملة الاجتماعية على ما يكفي من المعلومات والتفويضات لتنبيه أسرتها. فقد استغرق الأمر 279 يوماً بعد أول سحب كبير من حساب أنيت حتى تمكن شخص ما من الاتصال بابنها بيتر الذي أوقف عملية الاحتيال المالي في عطلة نهاية الأسبوع.

ويشير تحقيق بلومبيرغ إلى أن هذه الحالة تشكل نموذجاً لموجة أوسع نطاقاً لجرائم الاحتيال المالي في الولايات المتحدة، حيث ارتفعت خسائر الاحتيال السنوية التي يعانيها الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاماً بنسبة 255% لتصل إلى 3.4 مليارات دولار في السنوات الثلاث الماضية، وفقاً للشكاوى المقدمة إلى مركز جرائم الإنترنت التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي. ومع ذلك، لا يمثل هذا العدد سوى جزء صغير من الإجمالي، كما يقول مكتب التحقيقات الفيدرالي، لأن معظم التقارير لا تحدد الأعمار.

وتقدّر دراسة هي الأولى من نوعها أجرتها رابطة المتقاعدين الأميركية (AARP) أن خسائر الاحتيال المالي السنوية المرتكبة بحق الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 60 عاماً تخطت الآن 28 مليار دولار، في حين تتكاثر التقارير الإعلامية حول خسارة متقاعدين عشرات أو مئات آلاف الدولارات.

وفي تفاصيل الخدعة التي استهدفت أنيت، تم تداول الصفقات عبر أكبر ثلاثة بنوك استهلاكية في البلاد، وشركتين استثماريتين كبيرتين، ومقرض إقليمي، واتحاد ائتماني، وبعض من أكبر مصدري بطاقات الائتمان في العالم. وعلى مدى 9 أشهر، حولت أنيت نحو 1.4 مليون دولار من حسابات التقاعد الخاصة بها إلى المحتالين، ومرت معظم الأموال عبر حسابها الجاري في جيه بي مورغان تشيس.

وانطلاقاً من هذه النقطة، أجرت بلومبيرغ مقابلة مع أنيت وابنها، وراجعت سجلاتها المالية لتوضيح الشكل الذي كان سيبدو عليه التحول المفاجئ في سلوكها في ما يخص مصرفها القديم، جيه بي مورغان، ثم للشركات التي فتحت فيها حسابات مع توسع الاحتيال.

على مدى 9 أشهر، حولت أنيت نحو 1.4 مليون دولار من حسابات التقاعد الخاصة بها إلى المحتالين، ومرت معظم الأموال عبر حسابها الجاري في جيه بي مورغان تشيس

ويسلط تقرير بلومبيرغ الضوء على تأثير القوانين الأميركية، التي تحفز البنوك بقوة إلى تجنب جرائم معينة، مثل الاحتيال في بطاقات الائتمان، حيث ضخ المقرضون عشرات المليارات من الدولارات في التكنولوجيا لمنع الخسائر التي ينتهي بهم الأمر إلى تحملها. لكن البنوك راهنت منذ فترة طويلة على موقف مفاده أن القوانين الأميركية توفر لها الحصانة عندما يتم خداع العملاء وسحب مدخراتهم. وفي هذا الاتجاه، تقدم البنوك مواد إرشادية للعملاء وتدرب الموظفين على مراقبة المشكلات، وهذه إجراءات تُعد خطاً دفاعياً أولياً تمكّن المحتالون على أنيت من اجتيازه بسهولة.

وتكشف قضيتها أيضاً عن انهيار مذهل في الطريقة التي تبلغ بها البنوك السلطات الحكومية عن الجرائم المحتملة، إذ تقول مكاتب خدمات حماية البالغين إنها غارقة في النصائح الغامضة من الشركات المالية. وفي مقاطعة أولستر، حيث تعيش أنيت، قال مكتب الخدمات الاجتماعية المحلي إن الإحالات غالباً ما تأتي من موظفي مراكز الاتصال في البنوك والذين يفتقرون إلى المعلومات الأساسية ويرفضون الحصول على المزيد.

ومثل هذه النصائح يمكن أن تصل إلى طريق مسدود فوراً، حيث لا يُسمح للاختصاصيين الاجتماعيين بمتابعة قضية ما لم يتبين أن الضحايا يستوفون ثلاثة معايير: إنهم ضعيفون ويحتاجون إلى المساعدة وليس لديهم أي شخص آخر على استعداد للمساعدة. وقال مكتب الخدمات الاجتماعية في بيان: "إذا لم يكن الشخص البالغ مستوفياً هذه المعايير، يقدم المكتب المعلومات والتوصيات وتغلق الإحالة عند التسلم". وإذا كان هناك شك، قال المكتب إنه يمكنه إجراء تحقيق يستغرق ما يصل إلى شهرين.

من جانبه، قال جيه بي مورغان في بيان: "نأسف لوقوع السيدة مانيس ضحية لعملية احتيال معقدة للغاية"، فيما قال ممثل عن بنك أوف أميركا إن المصرف يتخذ إجراءات سريعة عندما يكتشف معاملات غير عادية من قبل عملاء معرضين للخطر، مضيفاً: "لسوء الحظ، على الرغم من جهودنا وتحذيراتنا، يصر العملاء في بعض الأحيان على أنهم ليسوا ضحية لعملية احتيال حتى في حالة وجود إشارات حمراء، ويواصلون المعاملات. عندما يحدث ذلك، قد لا يكون أمامنا خيار سوى اتخاذ قرار بإغلاق الحساب لمنع المزيد من الاستغلال، وإعادة الأموال المتبقية والاتصال بخدمات حماية البالغين".

المساهمون