تجارة إسرائيل في خطر... كلف مالية باهظة وتهديد الواردات من آسيا بسبب هجمات الحوثي

11 ديسمبر 2023
سفينة "غالاكس ليدر" الإسرائيلية التي احتجزها الحوثيون/ فرانس برس
+ الخط -

من المتوقع أن توثر تهديدات وهجمات الحوثي الأخيرة على حجم التجارة الخارجية الإسرائيلية، خاصة مع آسيا والتي تجاوزت قيمتها 41 مليار دولار العام الماضي 2022، حسب بيانات إحصائية.

ووفق مصادر ملاحية، رفعت تهديدات جماعة الحوثي اليمنية من درجة المخاطر التي تواجه التجارة الخارجية لإسرائيل، ومع ارتفاع منسوب تلك التهديدات باتت تلك التجارة مهددة خاصة مع دول آسيا. وكذا مع دول أفريقية وخليجية.

في هذا الصدد تشير بيانات موقع "ستاتيستا" الإحصائي، إلى أنه في عام 2022، وصلت قيمة الصادرات من إسرائيل إلى الدول الآسيوية إلى أكثر من 16.5 مليار دولار. ويقول الموقع إن هذه الزيادة كانت معتدلة مقارنة بالعام السابق 2021.

يذكر أنه في السنوات الأخيرة، جرى تعزيز العلاقات التجارية بين إسرائيل والعديد من الدول الآسيوية بشكل ملحوظ، بما في ذلك تجارة الاستيراد في مجموعة واسعة من السلع، خاصة مع الهند.

واردات إسرائيل من آسيا بلغت أكثر من 24.6 مليار دولار في 2021، وهجمات الحوثي تهدد نحو 41 مليار دولار من التجارة مع القارة

ويقول الموقع في تقريره إن الواردات الإسرائيلية من آسيا بلغت أكثر من 24.6 مليار دولار عام 2021، وهو ما يعني أن هجمات الحوثي ضربت كلف نحو 41 مليار دولار من التجارة الإسرائيلية مع دول القارة.

وعلى الرغم من أن هذا الحجم من الواردات الخارجية لإسرائيل لم يتوقف حتى الآن، ولكن كلف الاستيراد والتصدير ترتفع يوماً بعد يوم، وتضيف لأعباء الحرب وكذلك للتضخم في إسرائيل، كما تعمق خسائر التجار الذين سيحتاجون إلى إعانات مالية من البنك المركزي الإسرائيلي.

موقف
التحديثات الحية

واعترفت مصادر إسرائيلية بتلك المخاطر حيث قالت صحيفة "هآرتس" العبرية أمس الأحد، إن جماعة الحوثي أصبحت تشكل تهديداً لمصالح إسرائيل باستهداف سفنها بالبحر الأحمر.

ونقلت الصحيفة، عن مصادر، لم تسمها، تأكيدها أن الحوثيين أصبحوا يشكلون تهديداً على التجارة الخارجية الإسرائيلية في البحر الأحمر، خاصة من زاوية الواردات القادمة من شرق آسيا.

وأعلنت جماعة الحوثي يوم السبت منع مرور أي سفينة متجهة إلى موانئ الاحتلال الإسرائيلي. وقالت الجماعة اليمنية إن قرارها لن يتم التراجع عنه إلا في حالة دخول الغذاء والدواء إلى قطاع غزة، وإن هذه السفن ستكون هدفاً مشروعاً للقوات المسلحة اليمنية.

ومنذ انطلاق الحرب على قطاع غزة، مثّلت هجمات جماعة الحوثي على السفن التجارية الإسرائيلية، وتلك التي تحمل بضائع متجهة لموانئ الكيان الصهيوني، تهديداً لصادرات وواردات إسرائيل، حيث رفعت تكلفة التجارة بشكل كبير خلال الأسابيع الأخيرة.

حتى الآن ظهرت خسائر إسرائيل من الهجوم اليمني على التجارة البحرية الإسرائيلية في الارتفاع السريع بتكاليف النقل وتجنّب السفن موانئ إسرائيل

وحتى الآن ظهرت خسائر إسرائيل من الهجوم اليمني على التجارة البحرية الإسرائيلية في الارتفاع السريع بتكاليف النقل، وتجنّب السفن العالمية موانئ إسرائيل، بسبب مخاطر الحرب والكلف الباهظة للتأمين.

في هذا الصدد، قالت شركة وساطة التأمين البحري "غالاغر" الأسبوع الماضي، إنه أُلغي عدد من وثائق التأمين لتغطية المخاطر نتيجة للحرب على قطاع غزة، وفق وكالة بلومبيرغ الاقتصادية الأميركية.

وذكرت الشركة أن هنالك مراجعة لوثائق التأمين السنوية التي تحتاج إلى التجديد في عام 2024. كما قالت إن أسواق التأمين تستبعد عند التجديد بعض مناطق المخاطر حتى التيقن من معرفة التغييرات التي قد تحدث في العام الجديد 2024"، في إشارة إلى مناطق الحرب في إسرائيل وأوكرانيا.

من جانبها، تقول بيانات مصلحة التجارة الخارجية في تل أبيب الصادرة لعام 2022، إن إسرائيل استوردت بضائع بقيمة 106.3 مليارات دولار من العالم عام 2022.

وكانت أكبر خمسة واردات إسرائيلية من العالم هي: المواد الخام (43%)؛ السلع الاستهلاكية (24%)؛ السلع الاستثمارية (14%)؛ الوقود (14%)؛ الألماس بنسبة 5.0%. ويرى محللون أن كل السلع التي تستوردها إسرائيل عبر البحر الأحمر ستتأثر بهجمات الحوثي.

وحسب تقارير صحف إسرائيلية، عمدت السفن الإسرائيلية إلى تجنب المرور عبر البحر الأحمر وباب المندب تماماً في الأسابيع الأخيرة، ولجأت لخطوط بحرية أطول حول أفريقيا، أو حتى اللجوء إلى النقل الجوي الأعلى تكلفة.

عمدت السفن الإسرائيلية إلى تجنب المرور عبر البحر الأحمر وباب المندب تماماً ولجأت لخطوط بحرية أطول حول أفريقيا، أو حتى اللجوء إلى النقل الجوي الأعلى تكلفة

ومن المرجح أن تستمر رسوم شركات التأمين، في الارتفاع، خاصة على السفن الإسرائيلية، أو تلك التي تنقل البضائع المخصصة لدولة الاحتلال خلال العام المقبل، وسط تقديرات تل أبيب أن الحرب ستستمر لشهرين.

ووفقاً لموقع غلوباس Globes الإسرائيلي، فقد تسببت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر في ارتفاع أسعار النقل من الصين إلى إسرائيل بنسبة تتراوح بين 9% و14% في الأسبوعين الأخيرين من شهر أكتوبر/تشرين الأول. ولا تتوافر بيانات حديثة عن تلك الأسعار.

ويرى محللون أن هذا العامل سيرفع تلقائياً من كلف الحرب، ويسقط الحسابات المتفائلة في أوائل نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي التي كانت تشير إلى أن حرباً على جبهة غزة فقط ستكلف تل أبيب نحو 50 مليار دولار، أو 10% من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل.

وهذا الرقم الذي وضعته حكومة تل أبيب، لا يبدو واقعياً بعد هذه الهجمات الحوثية والحرب على حدودها الشمالية مع حزب الله.

ويلاحظ أن أرقام الخسائر التي أعلنت عنها تل أبيب، لم تأخذ في الاعتبار التكاليف غير العادية المرتبطة بتعطيل التجارة الإسرائيلية عبر البحر الأحمر.

وتستورد دولة الاحتلال وتصدّر ما يقرب من 99 بالمئة من البضائع عبر الممرات المائية والشحن. وتشمل هذه الواردات جزءاً كبيراً من الإمدادات الغذائية للبلاد، والتي لا تستطيع إسرائيل إنتاجها، ولا يمكنها إنتاجها في الوقت الراهن بسبب أزمة العمال.

كما تستورد الشركات الإسرائيلية كذلك السيارات وقطع الغيار من الصين. وكانت تل أبيب تأمل في مضاعفة تجارتها مع الهند والصين في الفترة المقبلة.

ووفقاً لتقرير نشر مؤخراً بمجلة فورين بوليسي، فإن "موانئ روسيا وأوكرانيا على البحر الأسود فقط هي التي تتحمل علاوات أخطار حرب أعلى بكثير من تلك التي يتحملها ميناء أشدود الإسرائيلي في الوقت الراهن".

كما أن الحرب على غزة ربما تؤدي إلى تعطيل ميناء حيفا أيضاً والواقع على سواحل البحر الأحمر. كما أن لهجمات الحوثي تداعيات دولية واسعة النطاق ربما ترفع من الغضب الدولي والشعبي عليها في المستقبل في حال استمرار الحرب.

الحرب على غزة ربما تؤدي إلى تعطيل ميناء حيفا أيضاً والواقع على سواحل البحر الأحمر

إذ إن تعطيل حركة المرور التجارية بين قناة السويس وباب المندب لا يفرض ضغوطاً على إسرائيل فحسب، فما يقرب من 12 في المائة من التجارة العالمية سنوياً يمر عبر المضيق، بما في ذلك حوالي 21 ألف سفينة و6 ملايين برميل من النفط يومياً، أي 9 في المائة من إجمالي التجارة المنقولة بحراً في العالم تمر عبر البحر الأحمر.

يذكر أن باب المندب هو مضيق يبلغ طوله 25 كيلومتراً (15 ميلاً) ويربط خليج عدن جنوب اليمن بالبحر الأحمر، الذي يمتد إلى جنوب إسرائيل وهو ممر ملاحي مهم.

ويضع الحوثيون أنظارهم فعلياً على أحد أكثر طرق الشحن ازدحاماً في العالم، حيث يجري نقل البضائع والنفط بكميات كبيرة.

موقف
التحديثات الحية

ويرى محللون أنه من خلال التركيز على باب المندب، وشن هجمات سابقة في البحر الأحمر وجنوب إسرائيل، يبدو أن الحوثيين يحاولون فرض تكاليف مالية باهظة على إسرائيل، بالإضافة إلى تقويض أمنها إذا اختارت إطالة أمد الحرب.

ومن المتوقع أن تضرب هجمات الحوثي الممر التجاري بين الهند والخليج وأوروبا الذي تم الاتفاق عليه في قمة العشرين هذا العام في الهند. وهو مشروع حيوي يربط بين أغنى مناطق أوروبا والشرق الأقصى.

وتحولت تجارة إسرائيل إلى دول شرق وجنوب شرق آسيا في السنوات الأخيرة. وباتت تجارتها تعتمد أكثر على الخطوط البحرية التي تمر عبر مضيق باب المندب وقناة السويس.

المساهمون