بوتين يهز أسواق العالم... النفط قرب 100 دولار وهروب المستثمرين للملاذات الأمنة

22 فبراير 2022
الأسواق المالية اتخذت عموماً منحى نزولياً اليوم الثلاثاء (فرانس برس)
+ الخط -

ربما تكون أزمة أوكرانيا أكبر اختبار ليس فقط للمستثمرين في البورصات العالمية الغربية وأسواق السلع والمعادن ولكن كذلك أبرز اختبار للاستقرار الجيوسياسي حول العالم وقدرة الولايات المتحدة على الحفاظ على النظام الدولي القائم منذ الحرب العالمية الثانية والذي بنيت عليه النظم المالية والمؤسسات الاقتصادية والتجارية والنقدية ونظم التسويات النقدية.

وينظر كبار المستثمرين لاعتراف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس الإثنين، باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك في شرقي أوكرانيا على أنّه مقدمة للمواجهة بين روسيا والغرب وغزو موسكو كييف.

ومن هنا جاء الاضطراب الكبير في الأسواق العالمية في تعاملات اليوم الثلاثاء، حيث اقتربت أسعار النفط من مائة دولار لأول مرة منذ سنوات، كما انخفضت مؤشرات الأسهم الأوروبية والصينية وكذا الأسهم في بورصات اليابان ودول جنوب شرقي آسيا.

كما ارتفع سعر صرف الدولار والذهب مع هروب المستثمرين لحماية أموالهم من الخسائر.

وفي منتصف نهار الثلاثاء وحسب مؤشرات بلومبيرغ، كسب سعر خام برنت لعقود إبريل/ نيسان إلى 3.70 دولارات مرتفعاً إلى 98.92 دولارا، كما كسب سعر خام غرب تكساس الأميركي نحو 4.54 دولارات إلى 95.54 دولاراً.

كما انخفضت مؤشرات البورصات في أوروبا والولايات المتحدة ومعظم الأسواق الآسيوية بمعدلات حادة. وفي موسكو تراجع سعر صرف العملة الروسية، الروبل، إلى أدنى مستوياتها في 15 شهراً مقترباً من 80 روبل مقابل الدولار.

وتعكس هذه الارتفاعات الخطرة في أسعار النفط والسلع والنزول الحاد في أسعار الأسهم العالمية، حجم الذعر الذي ينتاب المستثمرين من احتمال تطور أزمة أوكرانيا إلى مواجهة بين روسيا والدول الغربية.

ويرى محللون أنّ النزاع الجاري حول أوكرانيا ربما سيتطور ويؤدي إلى فرض عقوبات غربية قاسية على النفط والمؤسسات المالية الروسية، وبالتالي تقود إلى اضطرابات في إمدادات النفط والغاز الطبيعي والسلع الغذائية، إذ إنّ روسيا دولة رئيسية في إنتاج الطاقة وتصديرها، كما أنّها دولة رئيسية في إنتاج السلع الزراعية والمعادن.

في هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي بمعهد نومورا الياباني للأبحاث بطوكيو، تاكاهايد كيوشي، إنّ "التوتر في أزمة أوكرانيا يتزايد في وقت تعاني فيه الاقتصادات العالمية من ارتفاع معدلات التضخم واحتمال رفع الفائدة على الدولار في المستقبل القريب".

وقال الخبير الاستراتيجي في مصرف سوميتومو الياباني، ميساهيرو إيشكاوا إن "المستثمرين سيواصلون سياسة التعاملات الحذرة في الأسواق وتفادي المخاطر إلى حين تتضح الرؤية حول كيفية تعامل واشنطن وحلفائها مع روسيا".

ويترقب المستثمرون كذلك اللقاء المخطط له بعد غدٍ الخميس بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيره الروسي سيرغي لافروف، وردود الفعل الغربية على قرار بوتين الأخير.

ويرجع محللون الارتفاع الكبير في أسعار النفط إلى احتمال فرض حظر غربي على صادرات النفط الروسية.

وربما يصبح ذلك سهلاً على الولايات المتحدة والدول الغربية في حال الاتفاق بين طهران والولايات المتحدة في المفاوضات الجارية في فيينا.

وتواجه الولايات المتحدة الدول الأوروبية منذ أشهر أزمة ارتفاع معدل التضخم وغلاء أسعار الغازولين، وبالتالي فإن الإدارة الأميركية تتخوف من ضم النفط إلى العقوبات المحتملة على روسيا، وهو ما ستكون له تأثيرات سلبية على معيشة المواطن الأميركي.

وأعلنت الولايات المتحدة الثلاثاء أنّها ستفرض عقوبات جديدة على موسكو، في أعقاب رد فعل حذر في البداية حيال قرار الرئيس الروسي الاعتراف بمنطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا وإرساله قوات إلى هناك لـ"حفظ السلام".

وصرح متحدث باسم البيت الأبيض لوكالة "فرانس برس" الإثنين قائلاً: "نخطط لإعلان عقوبات جديدة ضد روسيا غداً، رداً على قرارات موسكو وإجراءاتها اليوم. ونحن ننسق مع حلفائنا وشركائنا بشأن هذا الإعلان".

وفي أولى خطوات العقوبات الغربية على موسكو علقت ألمانيا خط أنابيب الغاز الروسي "نورد ستريم2" الذي اكتمل العمل فيه ولكن لم يتم الترخيص له، وهو خط يضاعف إمدادات الغاز الروسي إلى ألمانيا من 55 مليار متر مكعب حالياً إلى 110 مليارات متر مكعب.

وأعلن المستشار الألماني، أولاف شولتز، الثلاثاء، تعليق المصادقة على تشغيل خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" مع روسيا، فيما حذّر من عقوبات إضافية محتملة.

وأفاد شولتز أنّه طلب من الهيئة الألمانية الناظمة المسؤولة عن المشروع، تعليق عملية مراجعته.

ويوم الثلاثاء، طالب الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بوقف فوري لمشروع أنبوب "نورد ستريم 2" لإيصال الغاز الطبيعي الروسي إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق.

يذكر أنّ ألمانيا تعتمد بنسبة 55% من إجمالي استهلاك الطاقة على شركة غازبروم الروسية التي تحتكر تقريباً أسواق الغاز في أوروبا.

ويمتدّ هذا الأنبوب القادر على نقل 55 مليار متر مكعب من الغاز في العام، على 1230 كيلومتراً تحت مياه بحر البلطيق، وهو الطريق نفسه الذي يمتدّ عليه مشروع "نورد ستريم 1" الذي دخل الخدمة في العام 2012.

المساهمون