خفض البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية توقعاته لنمو الاقتصاد المصري لعام 2024 بنسبة 0.7%، مقارنة بتوقعاته المعلنة قبل خمسة أشهر، متوقعاً ألا يزيد عن 4.5%.
وأشار البنك، في تقريره عن "الأفاق الاقتصادية الإقليمية"، إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي في مصر في عام 2022 كان أقل من التوقعات، حيث توقف عند 4.2%، متوقعاً بقاءه عند مستوى مقارب في عام 2023، بالتزامن مع تصاعد الضغوط المالية والتمويلية.
وأكد البنك أن تخفيض توقعات النمو في عام 2024 يأتي "على الرغم من تعافي عائدات قناة السويس وإيرادات السياحة، حيث يتسبب تباطؤ أنشطة البناء والتصنيع، وتراجع إنتاج الغاز في إحباط التوقعات السابقة". وأشار البنك أيضاً إلى "القيود الهيكلية في القطاعات غير المتعلقة بالموارد، وارتفاع التضخم والحيز المالي المحدود".
وأشار تقرير البنك أيضاً إلى "استمرار تعرض العملة المصرية للضغوط، مؤكداً وجود فجوة كبيرة بين أسعار الصرف الرسمية وأسعار السوق الموازية".
ولم يكن البنك الأوروبي وحيداً في نظرته المتشائمة للاقتصاد المصري، حيث سبقه بنك الاستثمار الشهير "مورغان ستانلي" بتخفيض توقعه لنمو الاقتصاد في أكبر الدول العربية من حيث عدد السكان من 5% إلى 4.2%، في السنة المالية 2024/2023.
ويأتي هذا على الرغم من توقع الحكومة المصرية نفسها، التي رأت الاقتصاد المصري نامياً بمعدل لا يتجاوز 4.1%، عند إعداد الموازنة العامة لنفس السنة المالية.
وفي يوليو/تموز الماضي، أصدر صندوق النقد الدولي تقريره عن "آفاق الاقتصاد العالمي"، وكشف فيه عن تخفيض توقعاته لنمو الاقتصاد المصري في عام 2024 من 5% إلى 4.1%. ورفع الصندوق توقعاته للتضخم خلال العامين الجاري والمقبل.
وأرجع الصندوق توقعاته الجديدة إلى "عدم مرونة سعر الصرف، وهو ما أسفر عن نقص واضح من العملة الأجنبية، وتسبب في تراجع الواردات، وأبعد الاستثمار الأجنبي عن البلاد".
أيضاً كشف الصندوق عن تعديل كبير لرؤيته المستقبلية لمستوى التضخم في الاقتصاد المصري، متوقعاً وصوله إلى متوسط 24.4% في 2023، قبل ارتفاعه إلى 32% في العام التالي.
وكانت توقعات الصندوق في تقريره الربعي السابق تشير إلى متوسط معل تضخم 21.6% في 2023، قبل التراجع إلى مستوى 18% في 2024.
واعتبرت بيتيا كوفا بروكس، نائبة مدير قسم البحوث في صندوق النقد الدولي، أن تراجع قيمة الجنيه المصري سيكون السبب الأبرز لكل تلك المراجعات السلبية.
بدوره، خفض بنك إنتيسا سان باولو الإيطالي توقعاته للنمو في مصر لعامي 2023 و2024 بسبب الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، حسبما جاء في مذكرة بحثية أصدرها البنك الشهر الماضي.
ورجح البنك نمو الاقتصاد المصري بواقع 3.4% العام الحالي و3.9% في عام 2024، انخفاضا من توقعاته السابقة في يونيو/حزيران بنمو قدره 4.1%، و5.5%، على الترتيب.
ولم تقتصر التوقعات السلبية على معدلات نمو الاقتصاد في البلاد، حيث عدل بنك "مورغان ستانلي" الاستثماري الأميركي نظرته إلى الاقتصاد المصري بصورة سلبية، مشيراً إلى ما وصفه بـ"تزايد المخاطر" في الأشهر القادمة.
وخفض البنك الأميركي تصنيفه الائتماني لمصر إلى وضع "غير محبذ" من وضع "محايد"، وفقاً لما جاء في تقرير مطول، أنهى فيه البنك تفضيله لأوراق دين الأسواق الناشئة ذات العوائد المرتفعة لصالح الأوراق المالية ذات الدرجة الاستثمارية، خاصة في ظل مستويات أسعار الفائدة الأميركية الحالية.
وأشار محللو البنك لوجود تهديد آخر بتخفيض تصنيف مصر لدى "خدمة مستثمري موديز"، وهو ما قد يهبط بتصنيف سنداتها إلى درجة "الخردة"، ويؤدي إلى "بعض البيع القسري"، وفقًا لتصريحاتهم.
وفي مذكرة صدرت مطلع الأسبوع الحالي، كتب محللو البنك، ومن بينهم جيمس لورد ونيفيل مانديميكا: "نعتقد أن مصر تفتقد إلى أي حافز إيجابي على المدى القريب، ما يجعلنا لا نحبذ ائتمانها"، وهو ما يعني، من الناحية العملية، ابتعادهم مع عملائهم عن شراء السندات المصرية.
وأشار محللو "مورغان ستانلي" إلى أن استمرار معدلات الفائدة الأميركية عند مستوياتها المرتفعة "ربما يُبقي مصر خارج أسواق رأس المال العالمية لفترة أطول"، لافتين إلى أن احتياجات التمويل للبلاد بقيت مرتفعة عند مستوى 24 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في يونيو/حزيران 2024.
ومن ناحية أخرى، أرجأت وكالة موديز للتصنيف الائتماني في أغسطس/آب، للمرة الثانية، تصنيف إصدارات مصر بالعملتين الأجنبية والمحلية، وعزت ذلك إلى تقدم أبطأ من المتوقع في بيع أصول مملوكة للدولة المصرية.
وكانت موديز قد خفضت تصنيف مصر السيادي، في فبراير/شباط، درجة واحدة إلى "B3" من "B2"، مشيرة إلى انخفاض احتياطياتها من النقد الأجنبي وتراجع قدرتها على امتصاص الصدمات الخارجية. وقالت الوكالة إنها لا تتوقع انتعاش السيولة في مصر، أو تحسن وضعها الخارجي سريعا.
أيضاً خفضت وكالة فيتش العالمية للتصنيف الائتماني في شهر مايو/أيار الماضي تصنيف مصر الإئتماني من +B إلى B، وحولت نظرتها المستقبلية للبلاد إلى سلبية.
وقالت الوكالة، في بيان على موقعها الإلكتروني، إن قرارها يرجع إلى الشك في قدرة مصر على تلبية احتياجاتها من التمويل الخارجي الآخذة في الازدياد، وذلك بسبب ارتفاع متطلبات التمويل الخارجي.
وأضافت الوكالة أن المزيد من التأخير في الانتقال إلى سعر صرف مرن سيؤدي إلى مزيد من تقويض الثقة، وربما يؤدي إلى تأخير تنفيذ برنامج صندوق النقد الدولي المتفق عليه.