بنوك تونس مهدّدة باستنزاف الأصول

29 ابريل 2022
الصراع الروسي الأوكراني أثر سلبا في القطاع المصرفي التونسي (فتحي بلعيد/فرانس بس)
+ الخط -

تواجه البنوك التونسية العديد من المخاطر، وسط تحذيرات مؤسسات دولية من هشاشة القطاع المصرفي في ظل تفاقم الأزمة المالية بالبلاد، وتطورات الأوضاع الدولية التي انعكست بالسلب على القطاع.
وتطاول أزمة الحرب الروسية على أوكرانيا الجهاز البنكي التونسي بسبب هشاشة البنوك وتأثير ذلك على جودة أصولها بينما تواصل الحكومة التعويل عليها من أجل دعم الموازنة عبر القروض الداخلية التي يؤمنها القطاع المالي للفائدة المالية العمومية.
وكشف تقرير وكالة "إي أند بي غلوبال" للتصنيفات الائتمانية حول البنوك في الشرق الأوسط وأفريقيا أن البنوك المصنفة في الشرق الأوسط وأفريقيا تعاني من تداعيات مباشرة جرّاء الصراع الروسي الأوكراني وذلك لأن تعاملاتها محدودة مع الأطراف المقابلة في كل من روسيا وأوكرانيا.
ووضع التقرير القطاع المصرفي في تونس من بين الأكثر تأثرا بالتداعيات السلبية غير المباشرة للصراع الروسي الأوكراني، معتبرا أن البنوك التونسية تواجه نسبة مرتفعة من مخاطر ضعف النمو الاقتصادي والائتماني وجودة الأصول.
وقال التقرير إن الجهاز المصرفي بتونس يواجه مخاطر ارتفاع أسعار النفط، وأسعار المواد الغذائية، مما سيؤدي إلى ضغوط تضخمية وعجز في الحسابات الجارية ويزيد نفور المستثمرين من المخاطرة مما قد يزيد من هشاشة الأنظمة المصرفية التي لديها صافي دين خارجي كبير.

وبيّنت وكالة التصنيف أن هشاشة القطاع المصرفي تشمل النمو الاقتصادي والائتماني وجودة الأصول بدرجة عالية بينما تكون الهشاشة بنسبة متوسطة في ما يتعلّق بالربحية والتمويل والسيولة.
ويرى الخبير الاقتصادي محمد منصف الشريف، أن القطاع المصرفي في تونس يؤثر ويتأثر بالوضع الداخلي بدرجة كبيرة، معتبرا أن مخاطر الهشاشة قد تزيد نتيجة الحاجيات التمويلية الكبيرة للموازنة العامة التي تسببت فيها الحرب الروسية الأوكرانية.
وأفاد الشريف في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الحكومة تكثف اللجوء إلى الجهاز المصرفي من أجل الاقتراض ومواصلة تأمين واردات أساسية من غذاء ودواء وطاقة، وهي مواد ألهبت الحرب أسعارها في السوق الدولية.
وأكد المتحدث أن توجيه تمويلات البنوك لحساب الموازنة العامة يحد من قدرتها على تمويل الاستثمار والقطاعات الاقتصادية التي تحتاج إلى قروض من أجل استعادة نشاطها بعد عامين من جائحة كورونا، مرجّحا أن تظهر تأثيرات ذلك على جودة أصول البنوك على المدى المتوسط نظرا لتراجع دورها في تمويل الاستثمار.
ورجّحت الوكالة أيضا أن تلحق المخاطر السيادية المرتفعة ضرراً كبيراً بالأوضاع المالية والتجارية للبنوك، متوقعة زيادة إقراض الأفراد بنسبة 2 بالمائة فقط في عام 2022 مقابل ارتفاع نسبة القروض المتعثرة في النظام المصرفي إلى 13 بالمائة.
وقبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية حذّرت تقارير دولية من أزمات تحدق بالقطاع المالي في تونس مع استمرار المشاكل الاقتصادية، منبهة من مخاطر لجوء الحكومة إلى الإصدار المكثف لأذون الخزينة ومواصلة إقراض المؤسسات الحكومية التي تزيد ديونها غير المستخلصة لدى البنوك عن 10 مليارات دولار.

نشر موقع "ذي بانكر الدولي" في ديسمبر/ كانون الأول الماضي تقريراً حول وضعية البنوك التونسية، كشف أن المقرضين المحليين، ولا سيما بنوك القطاع العام، يواجهون مخاطر عالية مع وجود ما يصل إلى 15 بالمائة من إجمالي أصول القطاع البنكي في أذون الخزانة والودائع لدى البنك المركزي التونسي.
وفي هذا السياق، يؤكّد الخبير المالي خالد النوري على تداعيات تواصل تدخل الدولة في الاقتصاد وتأثيرات ذلك على القطاع المالي، مشيراً إلى أن الجهاز المصرفي بات مهدداً بسبب استنزاف أصوله، سواء عبر إقراض المؤسسات الحكومية المفلسة أو اقتناء أذون الخزينة لتمويل الموازنة.
وأفاد النوري في تصريح لـ"العربي الجديد" بأن ديون الشركات الحكومية غير المستخلصة تستنزف الجهاز المالي وتؤثر على قدرته على تمويل الاقتصاد، ولا سيما الشركات الصغرى والمتوسطة التي تواجه مشاكل الاقصاء البنكي نتيجة شح السيولة.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي نبّهت وكالة التصنيف الائتماني الدولية "فيتش" من مخاطر داهمة يخفيها تحسّن أرباح البنوك التونسية في النصف الأول من العام الحالي.
وأبرزت الوكالة الدولية في تقرير لها أن تعافي البنوك التونسية قد يتأثر بالوضعية السياسية الهشة، وبانقضاء تدابير تأجيل سداد القروض المتخذة لتخفيف انعكاسات كورونا، وانتقال البنوك التونسية قريباً إلى التطبيق الوجوبي للمعايير المحاسبية العالمية المتعلقة بتقييم الأصول والقروض والأدوات المالية.
واعتبرت الوكالة أن الآفاق سلبية بالنسبة لنشاط البنوك التونسية، بما يعكس المخاطر المتعلقة بهشاشة الاقتصاد التونسي، الذي سبق للوكالة أن منحته تصنيف "بي ناقص".

المساهمون