بنك إسرائيل أمام خيارات مُرة: إنقاذ الاقتصاد المنكمش أو الشيكل المتهاوي

22 فبراير 2024
المستثمرون في بورصة تل أبيب يتخوفون من تدهور الشيكل (Getty)
+ الخط -

يواجه البنك المركزي الإسرائيلي اختباراً صعباً خلال الأيام المقبلة، بشأن تحديد اتجاهات سعر الفائدة المصرفية، إذ أنه أمام خيارات كلها مرّة، إما خفض الفائدة ومساعدة الاقتصاد والتضحية بسعر صرف الشيكل، أو الإبقاء على الفائدة الحالية والتضحية بالنمو الاقتصادي.

ومن المقرر أن يتخذ البنك المركزي قرار تحديد سعر الفائدة يوم الاثنين المقبل، 26 فبراير، في اجتماع لجنة السياسة النقدية.

ويقول اقتصاديون: "يرغب البنك المركزي الإسرائيلي في مساعدة الاقتصاد الإسرائيلي المتدهور الذي انكمش بقرابة 20% في الربع السنوي الأخير من العام الماضي 2023 على العودة للنمو، ولكنه يتخوف في ذات الوقت من أن يقود خفض الفائدة إلى تدهور سعر صرف الشيكل مقابل العملات الرئيسية".

ركود تاريخي

على صعيد تدهور الاقتصاد الإسرائيلي، يقول تحليل حديث بوكالة "بلومبيرغ" الأميركية، إن الاقتصاد الإسرائيلي عانى من واحدة من أسوأ حالات الركود على الإطلاق في الربع الأخير من العام الماضي، بعد أن أدت الحرب على غزة إلى إصابة الشركات بالشلل، وأجبرت الناس على إخلاء منازلهم، ودفعت الجيش إلى استدعاء مئات الآلاف من جنود الاحتياط.

ويقول التقرير: "كان الانكماش أسوأ من كل التقديرات الواردة في استطلاع "بلومبيرغ" للمحللين، الذين كان متوسط توقعاتهم يشير إلى انكماش بنسبة 10.5% في الاقتصاد الإسرائيلي، ولكنه شبه تضاعف".

وبسبب هذا الأداء السيئ للاقتصاد، تراجع الشيكل مقابل الدولار، وجرى تداوله بانخفاض 0.4% عند 3.62 للدولار يوم الاثنين، وواصل التراجع يوم الثلاثاء، حسب بيانات "غلوبس". كما تراجعت كذلك الأسهم في بورصة تل أبيب.

وقال الاقتصاديان في مجموعة "غولدمان ساكس" المصرفية، تاداس جيدميناس وكيفن دالي، في تقرير: "تسلّط هذه البيانات الضوء على مدى تأثر الاقتصاد الإسرائيلي بالحرب على غزة، خاصة على جانب النشاط الخاص".

وعلى الرغم من أن الحرب على غزة حطمت زخم الاقتصاد الإسرائيلي قرب نهاية عام 2023، وجعلته ينكمش بنسبة تقترب من 20%، إلا أن الناتج المحلي الإجمالي لا يزال ينمو بنسبة 2% خلال العام بأكمله، وهو ما يتوافق مع توقعات قسم الأبحاث في بنك إسرائيل المركزي.

وتقديرات بنك إسرائيل للنمو لعام 2024 هي نفسها عند 2%، بينما تتوقعها وزارة المالية بأقل من ذلك عند 1.6%.

وحسب تقرير "بلومبيرغ" الصادر الاثنين، فإن هذه البيانات تعد أول تقييم رسمي للخسائر الباهظة للحرب على غزة في الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي، كما تصور مدى الاضطراب الذي مزق الاقتصاد البالغ حجمه 520 مليار دولار، في أعقاب هجوم المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول، الذي أتى ردا على جرائم الاحتلال في حق الفلسطينيين ومقدساتهم.

ويأتي ذلك إلى جانب استدعاء جنود الاحتياط، الذين استنزفوا ما يقرب من 8% من القوى العاملة، الذي أدى إلى قيود مماثلة لعمليات الإغلاق المفروضة خلال جائحة كورونا، مما تسبب في انهيار مفاجئ في التصنيع، وهز الاستهلاك، وأفرغ المدارس والمكاتب ومواقع البناء لفترة. وبالتالي، فإن البنك المركزي الإسرائيلي يرغب في خفض الفائدة، لمساعدة الشركات في الحصول على تمويل رخيص في ظروف هروب الأموال من إسرائيل.

الشيكل معرّض للخطر

وفق تحليل بصحيفة "غلوبس" الإسرائيلية يوم الأربعاء، فإن أحد المخاوف بشأن التخفيضات السريعة في أسعار الفائدة تنبع من فجوة أسعار الفائدة بين إسرائيل وبقية دول العالم الغربي، الأمر الذي قد يعرّض الاستقرار المالي بالكيان والشيكل للخطر للتدهور أكثر مقابل الدولار.

وكان من المتوقع أن يجري بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي خفض سعر الفائدة لأول مرة في مارس/آذار المقبل، لكن تصريح رئيس المركزي الأميركي، جيروم باول، بأن أعضاء لجنة السوق المفتوحة لا يرون تخفيضًا وشيكًا، كما جرى كذلك تأجيل التخفيضات في أوروبا. 

في هذا الصدد، شدد كبير استراتيجيي الأسواق المالية في بنك هبوعليم العربي، مودي شافرير: "نقدر باحتمال كبير أن يبقى سعر الفائدة على الشيكل دون تغيير، ولن يتم التخفيض إلى 4.25% إلا في إبريل".

وينبع هذا التقدير من مخاوف تداعيات تدهور الشيكل على المستثمرين في السوق الإسرائيلي الهش منذ عملية "طوفان الأقصى".

ويشير شافرير إلى أن احتمال خفض أسعار الفائدة في منطقة اليورو في مارس/آذار المقبل قد تراجع بشكل كبير بسبب مخاوف التضخم.

وأصرت منطقة اليورو على النمو الصفري في الربع الأخير من عام 2023، ولكن حتى في القرار التالي، في إبريل/نيسان، فإن تسعير الخفض في الأسواق هو 44% فقط.

المساهمون