تتعرض الشركات الإسرائيلية منذ بدء الحرب على قطاع غزة لهزة شديدة ستترك آثارها على الاقتصاد الإسرائيلي لفترات طويلة، حيث يقارن الكثيرون الوضع الحالي، وفقا لوكالة "بلومبيرغ"، بعمليات الإغلاق التي أضرت بالاقتصاد خلال جائحة كورونا.
وحشدت إسرائيل، التي يبلغ ناتجها المحلي نحو 520 مليار دولار سنويا، نحو 350 ألف جندي احتياطي قبل هجومها البري على غزة، وهو ما أدى إلى استنزاف ما يقرب من 8% من قوة العمل.
وقد أدى الاستدعاء العسكري والتجميد الاقتصادي الجزئي إلى انهيار مفاجئ في النشاط الاقتصادي، فضلا عن كلفتها التي تقدر بنحو 2.5 مليار دولار شهريا، وفقا لمزراحي طفحوت، أحد كبار المصرفيين الإسرائيليين.
ووفقا لتقرير "بلومبيرغ"، اليوم الإثنين، فإن الأسهم الإسرائيلية هي الأسوأ أداء في العالم منذ اندلاع القتال. وانخفض المؤشر الرئيسي في تل أبيب بنسبة 16% من حيث القيمة الدولارية، مع خسارة ما يقرب من 25 مليار دولار من قيمته.
وانخفض الشيكل إلى أضعف مستوى له منذ عام 2012 – على الرغم من إعلان البنك المركزي عن حزمة غير مسبوقة بقيمة 45 مليار دولار للدفاع عنه – ويتجه نحو أسوأ أداء سنوي له هذا القرن. وارتفعت كلفة التحوط ضد المزيد من الخسائر.
كما تراجعت الأسهم الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب مع حماس، وخسر مؤشر الأسهم الرئيسي في تل أبيب ما يقرب من 25 مليار دولار من قيمته منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
ويتوقع بنك "جي بي مورغان JPMorgan Chase & Co" انكماش الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 11% هذا الربع على أساس سنوي.
وبدا أن الاضطراب في قطاع التصنيع كان شديدا جدا، لدرجة أنه بعد أسبوعين من اندلاع الحرب كانت 12% فقط من المصانع الإسرائيلية تعمل بكامل طاقتها.
وبين تلك المناطق والمجتمعات المحيطة بغزة إلى الجنوب أُجبر أكثر من 120 ألف إسرائيلي على مغادرة منازلهم.
وانهار إنفاق الأسر، وهو ما أحدث صدمة كبيرة لقطاع المستهلكين الذي يمثل نحو نصف الناتج المحلي الإجمالي.
وانخفض الاستهلاك الخاص بنحو الثلث في الأيام التي تلت اندلاع الحرب، وفقا لغرفة مقاصة نظام المدفوعات "شفا Shva"، التي أشارت لانخفاض الإنفاق على بنود مثل الترفيه والتسلية بنسبة تصل إلى 70%.
ووفقًا لـ"بنك لئومي Bank Leumi" الإسرائيلي، فإن الانخفاض في مشتريات بطاقات الائتمان كان أكثر خطورة مما شهدته إسرائيل في ذروة الوباء في عام 2020.
وقال رئيس اتحاد الشركات الصغيرة روي كوهين إن "صناعات بأكملها وفروعها لا تستطيع العمل"، مضيفا أن "معظم أصحاب العمل قرروا بالفعل منح موظفيهم إجازة غير مدفوعة الأجر، وهو ما أثر على مئات الآلاف من العمال".
ومن المحتمل أن تصل الكلفة الاقتصادية للصراع إلى 27 مليار شيكل على الأقل، وفقًا لبنك "هبوعليم Hapoalim"، أو 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل.
ويقدم قطاع الإسكان لمحة أكبر عن القلق المثار حول الاقتصاد الإسرائيلي، حيث يعتمد بشكل كبير على 80 ألف فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية المغلقة حاليا من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
لذا قد تجد العديد من الشركات أن الوفاء بالتزاماتها يصبح أكثر صعوبة، الأمر الذي ينعكس قلقا على البنوك، التي تمثل صناعة البناء والتشييد فيها ما يقرب من نصف قروضها التجارية.
كما أن التوقف عن البناء وجمود بيع العقارات، التي تساهم بنسبة 6% من عائدات الضرائب الإسرائيلية، سيؤدي إلى تقليص دخل الحكومة ويمكن أن يؤدي إلى ارتفاع متجدد في الأسعار.
وامتدت الخسائر إلى شركات التكنولوجيا، التي تم استدعاء حوالي 15% من القوى العاملة فيها للخدمة الاحتياطية، وفقًا لتقديرات آفي حسون، الرئيس التنفيذي لشركة "Startup Nation Central".
وقال يفتاح ديكل، الرئيس التنفيذي لشركة جفارام للصناعات "Gvaram"، إن أقل من ربع موظفيه البالغ عددهم 65 موظفا يأتون إلى العمل. وأضاف أن المنطقة أصبحت معزولة وأن الطلب على منتجاته بدأ يتراجع.
ومن بين 500 شركة تعمل في مجال التكنولوجيا الفائقة شملها الاستطلاع، الأسبوع الماضي، أفاد ما يقرب من النصف عن إلغاء أو تأخير اتفاقات استثمارية، و قال أكثر من 70% منهم إنه تم تأجيل أو إلغاء مشاريع كبيرة.
وحتى في الوقت الذي تقول فيه الشركات إنها تتعلم التكيف، فإن محنة العديد من الشركات تشير إلى أن الأزمة قد تترك ندوبًا طويلة الأمد في جميع أنحاء الاقتصاد الإسرائيلي.