تواصل الحكومة المصرية تصفية شركات كبرى ظلت لعقود قاطرة تخصصاتها، فبعد تصفية شركة الحديد والصلب بعد نحو 67 عاماً من إنشائها، تستعد وزارة قطاع الأعمال لتصفية شركة "الدلتا للأسمدة"، إحدى قلاع صناعة الأسمدة التي تعمل منذ عام 1975، وفق مصادر مسؤولة في الشركة.
وقالت المصادر لـ"العربي الجديد" إن الوزارة تبرر مساعيها نحو تصفية الشركة بالخسائر المتتالية لها، وأن المصنع يؤدى إلى تلوث البيئة، بينما تتجه الحكومة إلى بيع أصول الشركة الممتدة على ضفاف نهر النيل وتحويلها إلى مشروعات عقارية.
وتقع شركة الدلتا للأسمدة على مساحة تصل إلى نحو 234 فدانا (983 ألف متر مربع) على ضفاف النيل في مدينة طلخا، إحدى مدن محافظة الدقهلية شمال العاصمة القاهرة.
وقال مسؤول في الشركة إن مصنع الدلتا للأسمدة يحتاج إلى 150 مليون دولار لتطويره، إلا أن هناك تعمدا من جانب الحكومة لعدم التطوير، كما حدث لعدد من مصانع القطاع العام خلال الفترة الأخيرة، والتي جرى تصفيتها بغرض بيع أصولها.
وأشار إلى أن الشركة صدّرت خلال السنوات الثلاث الماضية منتجات بقيمة 100 مليون دولار، بخلاف مساهمتها في توفير الأسمدة لوزارة الزراعة بنحو 3 مليارات جنيه، وسداد مستحقات للغاز بـ 1.8 مليار جنيه.
وأضاف أن "وزير قطاع الأعمال العام، هشام توفيق، يعد وزير تصفية الشركات" بدلا من تطويرها وتوفير فرص عمل جديدة. لكن الوزير قال، في تصريحات صحافية، إن الكثير من المصانع تعاني من التقادم وعدم الصيانة وسوء الإدارة، مؤكدا أن هناك مصانع عمرها أكثر من 40 عاما لكن مع الصيانة الدورية ما زالت تعمل بكامل طاقتها.
ولفت إلى أن الجمعية العمومية للشركة وافقت أخيرا على نقل وحدات مصانع الدلتا للأسمدة إلى موقع الشركة في السويس (شرق)، مضيفا أن نقل الشركة سينتج عنه إتاحة أراضي المصنع البالغ مساحتها 215 فدانا بالإضافة إلى 19 فدانا أرض فضاء لإقامة مشروعات سكنية سيكون جزء كبير منها سكنا اجتماعيا بديلا للعشوائيات.
وقال مصدر في النقابة العامة للكيماويات إن هناك ضغوطا شديدة على العمال من أجل تسوية حقوقهم والخروج للمعاش المبكر، لأن مصنع السويس سيكون خاضعاً للقطاع الخاص وليس للحكومة، مضيفا أن هناك تهديدات بالاعتقال لكل من تسول له نفسه التظاهر أو الاعتصام، وهو ما أدى إلى خوف العمال والتراجع عن أي احتجاجات.
وكان رئيس مجلس إدارة الشركة، عبد الواحد الدسوقي، قد أرجع خسائر الشركة إلى توريد أسمدة مدعّمة إلى وزارة الزراعة بأقل من أسعار التكلفة الفعلية، مشيرا إلى أن الشركة تتحمل سنوياً نحو 160 مليون جنيه (10.25 ملايين دولار) من إجمالي فروق الأسعار فقط عن كميات الأسمدة المدعمة.
وأوضح أن وزارة الزراعة تحصل على الطن بسعر 2900 جنيه، بينما تتحمل الشركة نحو 3900 جنيه تكلفة كل طن يورد إلى الحكومة، كما أنها تتحمل أعباء أخرى أسقطتها في فخ الخسائر، منها فروق أسعار الغاز ورسم الصادرات على الأسمدة.
ووفق بيانات مجلس الإدارة، تكبدت الشركة خسائر بنحو 859 مليون جنيه خلال العام المالي 2017/ 2018، واستمرت الخسائر لتبلغ في عام 2018/2019 نحو 484 مليون جنيه (يبدأ العام المالي في مصر في الأول من يوليو/تموز).