استمع إلى الملخص
- **التحديات الاقتصادية والإصلاحات المطلوبة**: مصر تواجه تحديات اقتصادية مثل ارتفاع التضخم وزيادة الديون الخارجية. صندوق النقد الدولي يضغط لاستبدال دعم الوقود غير المستهدف بالإنفاق الاجتماعي المستهدف، والحكومة رفعت أسعار الوقود بنسبة 15%.
- **بيع الأصول العامة وجذب الاستثمارات الأجنبية**: مصر وقعت عقوداً لبيع حصص في أصول مملوكة للدولة بقيمة 1.9 مليار دولار، وتسعى لزيادة التدفقات من العملة الصعبة إلى 70 مليار دولار سنوياً بحلول 2026.
تتطلع مصر لقرار صندوق النقد الدولي المنتظر صدوره غداً الاثنين، بعد انتهاء المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع الصندوق، والخاص بصرف شريحة جديدة من قرض الثمانية مليارات دولار، الذي تم الاتفاق عليه في مارس/آذار الماضي، وتعطل لأسباب وصفها مسؤولو الصندوق بأنها "فنية".
وقال أحمد كجوك، وزير المالية المصري، إن بلاده تتعامل بتوازن شديد مع تداعيات جيوسياسية مركبة، في إطار برنامج شامل لتحسين الأداء الاقتصادي، وتتطلع إلى موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي على المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري يوم 29 يوليو الحالي. وأضاف في بيان صدر يوم السبت: "نستهدف استمرار المراجعات القادمة بنجاح، والعمل على مسار الحصول على تمويل من صندوق المرونة والاستدامة".
وأوضح كجوك خلال لقائه مدير عام صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا، على هامش اجتماعات مجموعة العشرين بالبرازيل، أن الحكومة المصرية ملتزمة بتحقيق الانضباط المالي من أجل وضع مسار نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي في مسار نزولي، مع استهداف خلق موارد كافية تتيح زيادة الإنفاق على التعليم والصحة والحماية الاجتماعية. وأكد أنهم يعملون أيضًا على خفض معدلات التضخم لضمان استقرار الأسعار، وتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين، ودعم تنافسية الشركات.
وأكد أن أولوية الحكومة المصرية خلال الفترة المقبلة تتمثل في زيادة حجم استثمارات القطاع الخاص ودفع الأنشطة الإنتاجية والتصديرية، وكذلك تطوير بيئة الأعمال لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، مع العمل على تبسيط الإجراءات الخاصة بمنظومتي الضرائب والجمارك لإعادة بناء الثقة بين مجتمع الأعمال والإدارة الضريبية وتحسين الخدمات للممولين، بحسب البيان.
وأعلنت الحكومة المصرية في فبراير/شباط عن توقيع اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي، تحصل بموجبه على قرض بقيمة 8 مليارات دولار، بزيادة 5 مليارات عن القرض الذي تم الاتفاق عليه في ديسمبر/ كانون الأول 2022، وكان بقيمة 3 مليارات دولار.
وقال صندوق النقد وقتها إن الاتفاق الجديد يسمح لمصر بطلب قرض آخر بقيمة 1.2 مليار دولار من صندوق الاستدامة البيئية التابع له. وفي إبريل/نيسان الماضي، حصلت مصر على الشريحة الأولى والثانية، بقيمة 820 مليون دولار لكل منهما، بعد انتهاء مراجعتين مؤجلتين من مارس/آذار وسبتمبر/أيلول 2023.
وانتهت بعثة صندوق النقد، بقيادة إيفانا فلادكوفا هولار، من مناقشات مع الحكومة المصرية بالمراجعة الثالثة على برنامج الإصلاح الاقتصادي خلال الفترة من 12 إلى 26 مايو/أيار، وكان يفترض أن تتم مناقشة صرف الشريحة الثالثة في العاشر من يوليو/تموز الجاري، قبل أن يتم تأجيلها إلى التاسع والعشرين من الشهر نفسه.
صندوق النقد ورفع أسعار الوقود في مصر
وتعيد مصر ضبط اقتصادها بعد تأمين حزمة إنقاذ عالمية بنحو 57 مليار دولار، بقيادة صندوق النقد الدولي والإمارات العربية المتحدة، وهي الحزمة التي منحت الحكومة المصرية مخرجًا من أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها منذ عقود.
وقال صندوق النقد الدولي الأسبوع قبل الماضي إنه "لا يزال من الضروري استبدال دعم الوقود غير المستهدف بالإنفاق الاجتماعي المستهدف كجزء من حزمة تعديل أسعار الوقود المستدامة".
وأكد اقتصاديون ممارسة صندوق النقد ضغوطاً على الحكومة المصرية لرغبته في الحد من خطر أن تؤدي التدفقات المالية، الناتجة عن بيع أصول وأراضٍ لدولة الإمارات، كما بعض الاتفاقات المماثلة مع السعودية وقطر وغيرها، إلى تقليل حوافز الدولة لإصلاح الاقتصاد، بما يتماشى مع شروط صفقة الصندوق المعدلة في مارس/ آذار الماضي.
وأعلنت مصر الخميس الماضي عن زيادة أسعار وقود السيارات بنسبة 15%، للمرة الثانية في آخر أربعة أشهر، جزءاً من حزمة الإصلاحات التي طلبها صندوق النقد الدولي للمضي قدما في صرف شرائح جديدة من القرض الجديد، وفقاً لما ذكرته صحيفة بارونز، التابعة لـ"وول ستريت جورنال"، ودخلت زيادة الأسعار حيز التنفيذ يوم الجمعة، أي قبل ثلاثة أيام فقط من عقد المجلس التنفيذي لصندوق النقد اجتماعه.
وقال موقع الصحيفة الأميركية إن مصر عانت أسوأ أزمة اقتصادية على الإطلاق، مع زيادة الديون الخارجية وتسببها في ارتفاع معدل التضخم، الأمر الذي أدى إلى عدة تخفيضات متتالية لقيمة العملة المحلية مقابل الدولار.
سعر الخبز المدعم في مصر
وتأتي زيادة أسعار الوقود، التي ستدفع الملايين من المصريين لتحمل المزيد من التكاليف، بعد أن رفعت السلطات سعر الخبز المدعوم لأول مرة منذ عقود، إلا أن ذلك لم يمنع معدل التضخم الرئيسي من التباطؤ للشهر الرابع في يونيو/حزيران. وقالت المجموعة المالية هيرميس في مذكرة صدرت الشهر الماضي إن التأثير التضخمي للإلغاء التدريجي لدعم منتجات الوقود، والارتفاع المحتمل في تعريفة الكهرباء هذا الصيف، "من المرجح أن يكون صغيرا نسبيا"، متوقعة أن يستمر تباطؤ أسعار المستهلكين لبقية العام.
وبلغ معدل التضخم في مصر ذروته عند ما يقرب من 40% العام الماضي، قبل أن ينخفض إلى 27.5% في يونيو/حزيران. وطالب صندوق النقد الدولي بإصلاحات واسعة النطاق، وأبرزها تبني نظام سعر صرف حر، بالإضافة إلى الحد من الإنفاق الحكومي وتحفيز الاستثمار الخاص.
ووعدت الحكومة صندوق النقد بخفض المبالغ المخصصة لدعم الوقود من مستوى 3.5 مليارات دولار إلى 3.2 مليارات دولار، وزيادة أسعار الغاز والمحروقات والكهرباء خلال شهر يوليو/ تموز الجاري، فإذا بتذمر المصريين، جراء القطع القسري للتيار الكهربائي وتخفيض الإنارة العامة خلال الأسابيع الماضية، يجبر الحكومة على شراء غاز ومازوت بكميات إضافية خلال العام المالي الجاري بنحو 1.2 مليار دولار وتأجيل رفع أسعار الكهرباء.
وإلى جانب الأزمة الاقتصادية، وقعت مصر أيضًا في توترات إقليمية، مع اندلاع الحرب في غزة والسودان المجاورين. كما أثرت الهجمات التي شنها المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن على حركة شحن البضائع في البحر الأحمر، ما أثر سلبياً على عائدات قناة السويس المصرية، لتسجل انخفاضاً بنسبة 23.4% في السنة المالية 2023-2024 مقارنة بالسنة السابقة. ويحمل الممر المائي الرئيسي، الذي يربط آسيا بأوروبا، عادة حوالي 12% من التجارة البحرية العالمية.
أسعار الفائدة في مصر الأعلى على الإطلاق
والأسبوع قبل الماضي، أبقت مصر أسعار الفائدة عند أعلى مستوى لها على الإطلاق للمرة الثانية على التوالي، في محاولة لضمان استمرار تباطؤ التضخم بعد انخفاض قيمة العملة بشكل كبير. وقالت لجنة السياسة النقدية التابعة للبنك المركزي في بيان لها إنها ثبتت سعر الفائدة الأساسي على الودائع عند 27.25% وسعر الإقراض عند 28.25%، مضيفة أنها "ترى أن الموقف النقدي الحالي مناسب لدعم الاعتدال المستدام للتضخم، وستواصل تقييم انتقاله إلى الاقتصاد بطريقة تعتمد على البيانات".
ويسود الحذر حتى بعد تباطؤ التضخم في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا للشهر الرابع في يونيو، والذي تجاهل الارتفاع التاريخي الأخير في تكلفة الخبز المدعوم، وانخفاض الجنيه المصري بنسبة 40% تقريبًا مقابل الدولار في مارس، مع تزايد تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية في أدوات الدين بالعملة المصرية، في ما يعرف بـ"الأموال الساخنة"، خوفاً من تزايد الاعتماد على تلك الأموال، والتوسع في المشروعات القومية، التي طالما استنزفت موارد البلاد من العملة الأجنبية، وتسببت في حدوث سلسلة من الأزمات الاقتصادية والمالية.
وبحسب بيانات البنك المركزي المصري، ارتفعت الاستثمارات الأجنبية بنحو 2.8 مليارات دولار خلال شهر إبريل/نيسان، ليقفز إجمالي المحفظة إلى رقم قياسي جديد، مسجلا نحو 35.42 مليار دولار من 32.7 مليار دولار كانت مسجلة في مارس/آذار الماضي.
وقال البنك إن مصر جذبت استثمارات أجنبية غير مباشرة بنحو 21.8 مليار دولار خلال أول شهرين من قرار تحرير سعر الصرف، وذلك بالتزامن مع رفع أسعار الفائدة 6% دفعة واحدة. وحصل مستثمرو الأموال الساخنة وقتها على عائد يتجاوز 32% على أذون الخزانة المصرية، قبل أن يتراجع العائد في الأسابيع الأخيرة إلى نحو 26%.
بيع الأصول العامة في مصر
وقبل أسبوعين تقريباً، قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إن بلاده وقعت عقودا لبيع حصص في أصول مملوكة للدولة بقيمة 1.9 مليار دولار، في إطار برنامج لدعم القطاع الخاص وجمع العملة الصعبة. وواجه البرنامج، الذي قدرت الحكومة الحصيلة المتوقعة من تنفيذه بنحو 40 مليار دولار، تأخيرات في الأشهر الماضية، مما زاد الضغط على الجنيه المصري الذي فقد نحو ثلث قيمته مقابل الدولار منذ أوائل العام الحالي، رغم الصفقات المتتالية التي زادت حصيلة البلاد من العملة الأجنبية.
وتحاول مصر تسريع وتيرة برنامج بيع أصول مملوكة للدولة، حيث قال مدبولي، في مؤتمر صحافي بالقاهرة، إن حكومته قد تجاوزت الربع تقريبا في ما يتعلق بقائمة تضم 32 شركة حكومية أعلنت العام الماضي أنها ستبيع حصصا فيها، وتستعد لبيع حصص في شركات أخرى لاحقا. وأضاف أن مصر تتوقع زيادة التدفقات الداخلة من العملة الصعبة إلى 70 مليار دولار سنويا بحلول عام 2026.