بعد تخريب خط الغاز الروسي "نورد ستريم".. ماذا تعرف عن مخاطر الكابلات والأنابيب البحرية؟

30 سبتمبر 2022
أثناء عملية تمديد أنابيب خط "نورد ستريم 2" في بحر البلطيق عام 2018 (فرانس برس)
+ الخط -

بعد عملية التخريب التي تقول دول الاتحاد الأوروبي وأميركا إنها متعمدة لخط أنابيب الغاز الروسي الإستراتيجي "نورد ستريم"، بدأت مسألة حماية الأنابيب والكابلات البحرية التي تشكل شرايين وأوردة الاقتصاد العالمي مطروحة على طاولة البحث بقوة. فماذا تعرف عن هذه التمديدات في قعر البحار؟

عميقاً تحت الماء، ثمة أنابيب وكابلات هي بمثابة شريان حياة العالم الحديث، لما تنقله من موارد الطاقة والاتصالات والمعلومات، مع أنها بعيدة عن الأنظار والأذهان إلى حد كبير، إلى أن تتصدر اهتماماً عالمياً بمجرد حدوث كارثة ما تنتج أعطالاً لمسار الحياة اليومي لمليارات البشر.

فالتخريب المحتمل هذا الأسبوع لخط أنابيب الغاز التي ربطت روسيا وأوروبا يطرح تساؤلاً عن مدى ضعف حماية البنية التحتية البحرية في حال تعرضت لهجوم، مع تداعيات محتملة كارثية على الاقتصاد العالمي.

ليس معروفاً بعد من فجر خط الأنابيب وتسبب بإحداث ثقوب متعددة فيه وتسريب سيل مزعج من الميثان، وهو أحد الغازات الدفيئة القوية.

وفيما نفى الكرملين تورطه، واصفاً الشكوك في أنه خرب خط الأنابيب بأنها "غبية ومتوقعة"، وجد المحللون أن من الصعب تصديق ذلك، قائلين إن روسيا المنتجة للغاز على ما يبدو كانت ستكسب أكثر من رفع أسعار السوق بمثل هذا الفعل ومعاقبة أوروبا عبر خلق حالة من الخوف وعدم اليقين، رداً على تحولها إلى مورّدي غاز آخرين بسبب حرب أوكرانيا.

ونظراً لصعوبة اكتشاف أعمال التخريب تحت الماء وسهولة إنكارها قياساً بالهجمات التي يمكن رؤيتها بسهولة على الأرض والجو، فقد بدت الانفجارات أيضاً مناسبة لقواعد اللعبة العسكرية الروسية "للحرب المختلطة"، بما يعني استخدام مجموعة من الوسائل العسكرية وغير العسكرية والحيلة من أجل زعزعة استقرار الخصوم وتقسيمهم والضغط عليهم.

إليك نظرة على البنى التحتية تحت سطح البحر التي يقول المحللون العسكريون والاقتصاديون إنها بحاجة إلى حماية أقوى:

ماذا يوجد في أعماق البحار من كابلات؟

تشكل شبكات الغاز جزءا فقط من شبكة العالم الكثيفة من الأنابيب والكابلات البحرية التي تعمل على توفير الطاقة، وتبقي المنازل دافئة، وتربط مليارات الأشخاص.

ثمة أكثر من 1.3 مليون كيلومتر (807800 ميل) من كابلات الألياف الضوئية تمتد عبر المحيطات والبحار، وهي مسافة أكثر من كافية لتصل إلى القمر وتعود منه، وفقا لشركة "تيليجيوغرافي" التي تتعقب وتضع خرائط شبكات الاتصالات الحيوية.

وعادة ما تكون الكابلات بعرض خرطوم الحديقة. لكن 97% من الاتصالات في العالم، بما في ذلك تريليونات الدولارات من المعاملات المالية، تمر عبرها كل يوم.

وقد حذر المشرع البريطاني ريشي سوناك في تقرير عام 2017، من المخاطر قبل أن يصبح وزير الخزانة في المملكة المتحدة، من أنه بدون هذه التمديدات ستقف الحياة الحديثة فجأة وستنهار الاقتصادات وستكافح الحكومات للتواصل مع بعضها البعض ومع قواتها.

وتمتد كابلات الطاقة أيضا تحت الماء. وقد زعمت ليتوانيا عام 2015 أن سفينة تابعة للبحرية الروسية حاولت مراراً وتكراراً عرقلة مد كابل كهرباء تحت البحر يربط البلاد بالسويد. ونُقل عن وزير الطاقة الليتواني قوله إنه يعتبر تصرفات روسيا "معادية".

ما مدى ضعف التمديدات تحت البحار؟

أظهر تفجير خطوط أنابيب الغاز أن ضرب البنية التحتية لقاع البحر والهروب من دون اكتشاف الفاعل أمر ممكن، حتى في بحر البلطيق المزدحم. ومع وجود الكثير من حركة المرور البحرية والقنابل غير المنفجرة في قاعه من الحربين العالميتين، يُنظر إلى البحر على أنه تحد للإبحار من دون أن يتم اكتشاف كل مخاطره.

وحتى الكرملين استبعد أن يكون التخريب من عمل هواة. وقال المتحدث باسمه دميتري بيسكوف الخميس: "يبدو أنه هجوم إرهابي، ربما تم على مستوى الدولة".

وتحصل عشرات الانقطاعات كل عام في كابلات الاتصالات المغمورة، والتي غالباً ما تسببها سفن الصيد والمراسي. وقال تقرير سوناك إن مواقعها في قاع البحر ليست سرّية ولا يحميها القانون الدولي بشدة ولا يتطلب الأمر خبرة أو موارد واسعة لإلحاق الضرر بها.

بدوره، الأميرال المتقاعد في البحرية الدنماركية توربين أورتينغ يورجنسن قال: "بنيتنا التحتية هشة"، مضيفاً أن تسرّب غاز البلطيق "لفت انتباهنا إلى نقاط الضعف هذه، كما هي حال الإنترنت أو كابلات الطاقة أو أنابيب الغاز".

وكانت شركات الإنترنت العملاقة مثل "أمازون" و"فيسبوك ميتا" و"غوغل" و"مايكروسوفت" من بين أولئك الذين يقودون شبكة الكابلات المنتشرة، مع حصص ملكية في عدد متزايد من الكابلات تحت سطح البحر. وهذا يتجنب الحاجة إلى إنفاق أموال دافعي الضرائب على إنشاء الشبكات.

لكن نظراً لأن الشركات الخاصة لا تفكر في الأمن القومي على نطاق واسع كما تفعل الحكومات، فإنها لم تكن متيقظة "للتهديد الجديد العدواني" الذي تتعرض له الكابلات من أماكن مثل روسيا، وفقا لتقرير سوناك.

ماذا يمكن أن يفعل العالم لحماية التمديدات البحرية؟

بعد الحرب الباردة، قلصت الدول الأعضاء في الحلف العسكري لحلف شمال الأطلسي قواتها الحربية المضادة للغواصات، وقلصت ميزانيات الدفاع وحكمت على أن التهديد من روسيا تضاءل.

دراسة أجريت عام 2016 بعنوان "الحرب تحت سطح البحر في شمال أوروبا" وقادتها كاثلين هيكس، أفادت بأن هذا النوع من الحروب أصبح الآن رقم 2 في وزارة الدفاع الأميركية.

وقال نائب الأدميرال الفرنسي المتقاعد ميشيل أولهاغاراي، الرئيس السابق للمركز الفرنسي للدراسات العسكرية العليا، إن الدول الغربية "سمحت لنفسها بالنوم"، وإنه يجب عليها الآن تعزيز حماية الكابلات والأنابيب البحرية.

وقال أولهاغاراي عن الدفاعات الغربية ضد الهجوم تحت سطح البحر: "لقد تخلفوا بالتأكيد"، مضيفاً: "تعد أرضيات المحيط مجالا أكثر أهمية ووضوحا بكثير" من استكشاف الفضاء، وأضاف: "بدلا من الذهاب إلى المريخ، يجب أن نحمي البنية التحتية بشكل أفضل".

(أسوشييتد برس، العربي الجديد)

المساهمون