- الإهدار يعود لأسباب متعددة مثل سوء التخزين والنقل، وعادات الاستهلاك التي تفضل الكمية على الجودة، بالإضافة إلى الهدر في المطاعم والفنادق.
- لمواجهة هذه المشكلة، يُقترح تأسيس جهات خيرية لجمع الطعام الفائض وإعادة توزيعه، مع تغيير السلوكيات وتحسين التخزين والنقل لتقليل الهدر وتحسين الأمن الغذائي.
لو توقّف العرب عن إهدار الطعام في شهر رمضان وغيره من الشهور، لكفت الكميات المهدرة، ليس فقط احتياجات جائعي أهالي قطاع غزة، بل كل الجوعى والفقراء في الدول العربية، خاصة في الدول التي تعاني من مجاعات أو يتفشى فيها الفقر المدقع، والذي زادت حدته في السنوات الأخيرة، بسبب الغلاء الفاحش وتهاوي العملات المحلية والمدخرات.
فحسب الإحصاءات، فإن العرب يهدرون أكثر من 40 مليون طن من الغذاء سنويا، وإن كميات ضخمة من موائد الأسرة العربية ينتهي بها الأمر في مكبّات النفايات ومقالب القمامة دون الاستفادة منها.
وأنه في الوقت الذي تستنزف فاتورة الغذاء أكثر من 100 مليار دولار من موارد العرب، تعتبر المنطقة الأكثر إهدارا للطعام في العالم، كما تعتبر دول المنطقة من أكبر البلدان استيرادا للغذاء، وفي المقدمة القمح والذرة والأرز والشعير والعدس وغيره من المحاصيل التي تتعرض أسعارها لتقلبات في الأسواق الدولية، بل وقفزات كما حدث عقب انطلاق حرب أوكرانيا في فبراير 2022.
العرب يهدرون أكثر من 40 مليون طن من الغذاء سنويا، وكميات ضخمة من موائد الأسرة العربية ينتهي بها الأمر في مكبّات النفايات ومقالب القمامة
وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أن الدول العربية الثرية هي الأكثر هدرا للطعام، لكن الحقيقة عكس ذلك، حيث تحتل مصر والعراق وتونس والسودان والجزائر والمغرب وليبيا واليمن وموريتانيا صدارة الدول المهدرة للطعام داخل دول المنطقة.
وإذا نظرنا للأرقام المتعلقة بأكثر الدول العربية اكتظاظا بالسكان، نجد أن مصر تتقدم الدول العربية وبلدان شمال أفريقيا على مستوى إهدار الأغذية، حسب تقرير برنامج الأمم المتحدة، برصيد يبلغ 9 ملايين طن، ويصل حجم مساهمة كل فرد في الغذاء المهدر نحو 100 كيلوغرام في العام.
وهذه الكميات المهدرة تكفي إطعام ملايين المصريين الذين يواجهون خطر المجاعة والأنيميا، خاصة مع القفزات التي شهدتها أسعار السلع الغذائية في السنوات الأخيرة، وما واكبها من خفض الدعم عن سلع رئيسية وتقليص وزن رغيف الخبز.
والملفت هنا، أن السودان الفقير يلي مصر في هدر الغذاء، بكميات 4.16 ملايين طن، والجزائر 3.91 ملايين طن، والمغرب 3.31 ملايين طن، وتونس 1.06 مليون طن، وليبيا 513 ألف طن، وهي شعوب تعاني التضخم والغلاء.
كما احتل العراق مقدمة البلدان المهدرة للأغذية في منطقة الشرق الأوسط بـ4.73 ملايين طن، ثم السعودية بـ3.59 ملايين طن، فاليمن وسورية والأردن.
احتل العراق مقدمة البلدان المهدرة للأغذية في منطقة الشرق الأوسط بـ4.73 ملايين طن، ثم السعودية بـ3.59 ملايين طن
بالطبع، فإن الثراء وزيادة الدخول والقدرة الشرائية العالية للمواطن ليست هي العامل الرئيسي وراء إهدار الطعام في مصر وغيرها من الدول العربية، فهناك عوامل أخرى، منها سوء الطعام وقلة جودته وميل ملايين الأسر نحو الطعام الرخيص، بغض النظر عن القيمة المضافة والجودة، واستخدام الطعام كعلف للحيوانات والطيور كما يحدث في مصر.
هدر الطعام في المنطقة العربية ظاهرة خطيرة، لا تبدأ من موائد الأسرة والمنازل التي تهدر وحدها نحو ربع الكميات، وبما يعادل 25%، بل يسبقها الهدر في مجالات أخرى، فهناك مراحل متقدمة من الهدر تبدأ مع ضياع المحاصيل في مراحل الحصاد والجني والنقل والشحن إلى أن تصل إلى المستهلك.
وهدر الطعام موجود في كل القطاعات التي لها علاقة بالطعام، فمصانع الأغذية تهدر نحو 6% من الإنتاج، والمحال التجارية 8%، والمطاعم نحو 15%. وهناك بالطبع عمليات إهدار واسعة داخل البوفيهات المفتوحة في الفنادق والمطاعم السياحية.
هدر الطعام بات يمثل مشكلة كبيرة داخل بلداننا، والمطلوب هو خلق حلول للتعامل مع تلك المشكلة التي يترتب عليها هدر مليارات الدولارات، ليس فقط من موازنة الدول بل من جيوب الأسر، بحيث تتم الاستفادة من الكميات الكبيرة من الطعام الفائض قبل هدره وإعداده وتوزيعه على المحتاجين.
وهنا يمكن تأسيس جهات خيرية أو شركات متخصصة في إعادة توزيع تلك الكميات الضخمة على الفقراء والجوعى المحتاجين. فالمبادرات الفردية غير كافية لمحاصرة تلك الظاهرة في منطقة يعاني الملايين فيها من الجوع ويقل فيها الوهي بأهمية الترشيد وعدم الاسراف.