بات السؤال الأهم في بريطانيا الآن هو: هل تعيش البلاد "شتاء الغضب" خلال أعياد الميلاد بعد فوضى الإضرابات التي هزتها في الصيف الماضي؟
السؤال بات يقلق العديد من المواطنين في بريطانيا مع تعثر محادثات التسوية التي تقودها وزارة النقل عن الحكومة البريطانية مع نقابات عمال النقل.
وتواجه بريطانيا موجة من النزاعات العمالية، وتنتشر الإضرابات عبر شبكة النقل البريطانية، وفي الأسبوع الماضي أعلنت نقابة كلية التمريض الملكية البريطانية عن مواعيد الإضراب الأول لأعضائها منذ أكثر من 100 عام.
وأعلنت نقابة عمال السكك الحديدية والبحرية والنقل في بريطانيا أن عمال النظافة في قطاع النقل يعتزمون الإضراب عن العمل بسبب ضعف الأجور، ما يفاقم موجة من الإضرابات العمالية التي تجتاح البلاد.
وأوضحت النقابة، في بيان لها، أن أعضاءها من عمال النظافة على مستوى شبكة النقل، أجروا تصويتاً بالموافقة على أول إضراب لهم على مستوى البلاد، ومن المقرر الإعلان عن أيام الإضراب الأسبوع المقبل.
وفي لقاء نشرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، اليوم الأحد، تعهد وزير النقل البريطاني مارك هاربر بالوقوف بحزم ضد إضراب رؤساء نقابات السكك الحديدية، قائلاً إنه لن "يسلم مبالغ ضخمة من أموال دافعي الضرائب لإنهاء الأزمة".
وقال مارك هاربر في لقاء نشرته الأحد "ديلي ميل" "إنه يريد حلاً سريعاً للنزاع العمالي بشأن الأجور"، لكنه أضاف أن مطالب نقابة عمال النقل المتشددة للأجور لا يمكن تحملها.
تأتي المحادثات في وقت تشتد فيه الأزمة بين نقابات العمال البريطانية وحكومة المحافظين حول زيادات الأجور وغلاء المعيشة وارتفاع معدلات التضخم
وفي بارقة أمل في إمكانية إنقاذ ملايين البريطانيين من حدوث اضطراب في المواصلات خلال أيام عيد الميلاد الذي بات على الأبواب، قال هاربر إن الجانبين ليسا بعيدين من توقيع صفقة تسوية، وإن حدوث اتفاق ممكن في الأيام المقبلة.
وتحدث هاربر إلى "ديلي ميل" بعد اجتماع ساخن استمر ساعة كاملة مع رئيس نقابة النقل ميك لينش، والذي وصف اللقاء بأنه كان "بناءً وبث حياة جديدة في المحادثات".
وتأتي هذه المحادثات في وقت تشتد فيه الأزمة بين نقابات العمال البريطانية وحكومة المحافظين حول زيادات الأجور وغلاء المعيشة وارتفاع معدلات التضخم.
وتهدد نقابات عمال النقل بالإضراب عن العمل في أيام أعياد الميلاد التي تعد من الفترات المهمة لإنعاش الاقتصاد البريطاني. ولكن تهديد نقابة عمال النقل بالإضراب ليس الوحيد فهنالك تهديد بالإضراب كذلك من نقابة عمال البريد.
وبدأ المحاضرون بالجامعات البريطانية إضرابات لمدة ثلاثة أيام في 150 جامعة بريطانية، كما أعلنت الكلية الملكية للتمريض في لندن أن آلاف الممرضات سيخرجون في تظاهرة ضد الحكومة في 15 و20 ديسمبر/ كانون الأول.
يذكر أن تضخم أسعار المستهلكين في بريطانيا سجل أعلى مستوياته في 41 عاماً عند 11.1 بالمائة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لكن أحدث بيانات رسمية للأجور، للفترة من يوليو/ تموز إلى سبتمبر/أيلول، أظهرت ارتفاع أجور القطاع العام بنسبة 2.4 بالمائة سنوياً، في حين زاد متوسط أجور القطاع الخاص 6.8 بالمائة.
وكان هاربر قد قال لشبكة "سكاي نيوز": "نريد أن نمنح جميع العاملين في القطاع العام الذين يعملون زيادات لائقة في الأجور. لكن لا يمكن أن تتجاوز الزيادات في الأجور معدل التضخم. ليست هناك أموال لتوفير ذلك. لم يحدث هذا حتى في القطاع الخاص".
وكان وزير المالية جيريمي هنت قد ذكر في بيان الميزانية في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني إن معاشات التقاعد الحكومية ومعظم المزايا سترتفع تماشياً مع التضخم، لكنه أعلن عن خطة طويلة الأجل بقيمة 55 مليار جنيه إسترليني (67 مليار دولار) سنوياً لخفض الإنفاق وزيادة الضرائب.
ومن المتوقع أن يواجه وزير النقل البريطاني الذي لم يقض شهراً في المنصب مجموعة من التحديات خلال الشهر المقبل. وتم تعيين مارك هاربر وزيراً للدولة للنقل في 25 أكتوبر/ تشرين الأول من عام الجاري 2022.
وكان قد شغل سابقاً منصب رئيس السكرتير البرلماني للخزانة البريطانية بين مايو/ أيار 2015 حتى 14 يوليو/ تموز2016. كما كان قد شغل قبل ذلك منصب وزير الإصلاح السياسي والدستوري من مايو/ أيار 2010 وحتى سبتمبر/ أيلول 2012. وشغل كذلك منصب وزير الهجرة من سبتمبر/ أيلول 2012 حتى فبراير/ شباط عام 2014 وكوزير لذوي الاحتياجات الخاصة من يوليو/ تموز 2014 حتى مايو/ أيار 2015.
وبدأ هاربر حياته السياسية في حزب المحافظين عقب تخرجه من الجامعة بعد سنوات في وظائف بالشركات الخاصة، قبل أن ينتخب نائباً عن حزب المحافظين في دائرة "فورست أوف دين" في مايو 2005.
من المتوقع أن يواجه وزير النقل البريطاني الذي لم يقض شهراً في المنصب مجموعة من التحديات خلال الشهر المقبل
وتلقى مارك تعليمه في مدرسة هيدلاندز، سويندون، وكلية سويندون، قبل أن يدرس الفلسفة والسياسة والاقتصاد في كلية براسينوز، أكسفورد. وفي ديسمبر/ كانون الأول 2005 تم تعيينه وزيراً للظل بوزارة الدفاع وفي يوليو/ تموز من عام 2007 أصبح وزير الظل للأشخاص ذوي الإعاقة بعد تشكيل الحكومة الائتلافية في عام 2010.
وعمل هاربر بعد تخرجه من جامعة أكسفورد محاسباً قانونياً مع شركة المحاسبة القانونية KPMG، في عام 1995 حتى عام 2002، ثم عمل في شركة أنتل الأميركية في مجموعة متنوعة من المجالات، بما في ذلك التمويل والعمليات التجارية والتسويق، قبل إنشاء أعمال المحاسبة القانونية الخاصة به في منطقة "فورست أوف دين" الواقعة على الحدود بين إنكلترا ومقاطعة ويلز.