أظهر تحليل أجرته "بلومبيرغ إيكونوميكس" أن بريطانيا قد تتجه إلى الركود إذا دفع بنك إنكلترا سعر الإقراض القياسي إلى 6% كما يتوقع المستثمرون. فيما تتزايد المخاوف من فقاعة للرهن العقاري بدأت تسير نحو الانفجار.
وسينكمش الناتج المحلي الإجمالي، وفق تحليلات "بلومبيرغ"، بنحو 0.3% هذا العام وبنسبة 1.4% في عام 2024. يفترض ذلك أن البنك المركزي يقدم 1.5 نقطة مئوية من الارتفاعات لسعر الإقراض القياسي بعد أسرع دورة تشديد في 40 عاماً.
وكتب دان هانسون، الاقتصادي في "بلومبيرغ إيكونوميكس"، في مذكرة نُشرت يوم الثلاثاء: "قد يحكم بنك إنكلترا على أن الركود الكبير هو ما يلزم لمنع سيكولوجية التضخم في المملكة المتحدة من أن تصبح جزءاً لا يتجزأ من الاقتصاد".
يضيف التحليل إلى النظرة القاتمة للمملكة المتحدة بعد ثلاث قراءات قوية بشكل مدهش لصعود التضخم وتشديد سوق العمل مما أدى إلى ارتفاع المخاوف بشأن الأجور والأسعار. قال أندرو بيلي محافظ بنك إنكلترا إن التضخم يستغرق وقتاً أطول مما كان يتوقع لكي ينخفض.
توقع الانكماش
تراهن الأسواق الآن على ارتفاع أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة على الأقل يوم الخميس، إلى 5% بحلول أغسطس/ آب وتقريباً 6% بحلول فبراير/ شباط. من شأن المعدلات عند هذا المستوى أن ترسل معدلات الرهن العقاري إلى المنطقة التي حددها بنك إنكلترا على أنها مؤلمة للأسر، مع وجود أكثر من مليون شخص طلب منهم إعادة تمويل القروض بتكاليف كبيرة هذا العام.
سوف ينتج عن ذلك انكماش في الناتج المحلي الإجمالي، لكنه أقل حدة مما عانى منه خلال عمليات الإغلاق الوبائي أو في عام 2009 في أعقاب الأزمة المالية العالمية. سيشكل هذا تحدياً لحكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك المحافظة، والتي من المتوقع على نطاق واسع أن تخوض الانتخابات المقبلة في عام 2024.
ويحذر الاقتصاديون، وفق "بلومبيرغ"، من أن الاقتصاد البريطاني سيواجه فيضاناً من فقدان الوظائف إذا وصلت أسعار الفائدة إلى المستوى الذي تعتقد الأسواق المالية أنه مطروح. ولقد نجحت المملكة المتحدة حتى الآن في تحمل أزمة تكاليف المعيشة دون الوقوع في ركود. حتى أن صندوق النقد الدولي قام مؤخراً بتحديث توقعات النمو. لكن الاقتصاديين يخشون الآن أن بنك إنكلترا سيتخذ خطوة معاكسة.
ويعتقد هانسون أن أسعار الفائدة ستبلغ ذروتها عند 5% وهي نقطة كاملة أقل من توقعات السوق. هذا لأن الزيادات التي بدأت في ديسمبر/ كانون الأول 2021 بدأت الآن فقط في التأثير على الاقتصاد، في حين أن المعدلات العليا لم تتحقق بعد.
كتب هانسون: "التغييرات في تركيبة سوق الرهن العقاري، مع التحول إلى المنتجات ذات الأسعار المتغيرة الثابتة، تعني أن أسعار الفائدة تستغرق وقتاً أطول لتتدفق وتؤثر على الأسر. مع أخذ ذلك في الاعتبار، نعتقد أن هناك خطراً كبيراً بحدوث انكماش في وقت لاحق من هذا العام، ومن وجهة نظر تحليلنا المتشائم نسبياً، إذا ارتفعت المعدلات إلى 6%، فسيكون الركود أعمق".
الأرقام الرسمية المقرر صدورها يوم الأربعاء ستفعل الكثير لتشكيل التوقعات. يتوقع الاقتصاديون الذين شملهم استطلاع "بلومبيرغ" أن ينخفض التضخم وفقاً لمؤشر أسعار المستهلك إلى 8.4% في مايو/ أيار من 8.7% في إبريل/ نيسان. هذا أكثر من أربعة أضعاف هدف بنك إنكلترا البالغ 2%. هناك أيضاً احتمال أن يحتاج الاقتصاد إلى معدلات أعلى للفائدة مما يعتقد الاقتصاديون أنه يحد من التضخم.
قنبلة الرهن العقاري
واستبعد المستشار البريطاني جيريمي هانت الإعفاء الضريبي على مدفوعات الرهن العقاري. وقال السير جيك بيري، النائب المحافظ عن روسندال وداروين، في البرلمان اليوم إن الناس قلقون للغاية بشأن "قنبلة الرهن العقاري التي هي على وشك الانفجار. إذا لم نساعد العائلات الآن، فسيتم إهدار كل الأموال الأخرى التي أنفقناها لمساعدتهم إذا فقدوا منزلهم".
ولكن هانت أجاب أن مثل هذه المخططات، التي تتضمن ضخ كمية كبيرة من النقد في الاقتصاد، ستكون ذات آثار تضخمية. وتابع: "بقدر ما نتعاطف مع الصعوبات وسنفعل كل ما في وسعنا لمساعدة الأشخاص الذين يشهدون ارتفاع تكاليف الرهن العقاري، فإننا لن نفعل أي شيء من شأنه أن يؤدي إلى إطالة أمد التضخم".
وتم تقديم إعفاء ضريبي على فوائد الرهن العقاري، وهو بمثابة إعفاء ضريبي فعلي لمشتري المنازل، في عام 1983 لتعزيز ملكية المنازل، ولكن تم إلغاؤه في عام 2000، وفقاً لـ "ذا غارديان" البريطانية.
وأخبر المستشار جيريمي هانت أعضاء البرلمان أنه سيلتقي بمقرضين رئيسيين في وقت لاحق من هذا الأسبوع ليطلب منهم تحمل الأسر التي تكافح لدفع فواتير الرهن العقاري المتزايدة.
وأضاف هانت: "في وقت لاحق من هذا الأسبوع، سألتقي بمقرضي الرهن العقاري الرئيسيين لأسألهم عن المساعدة التي يمكنهم تقديمها للأشخاص الذين يكافحون لدفع قروض عقارية أكثر تكلفة، وما هي المرونة التي قد تكون ممكنة للعائلات التي عليها متأخرات".
بدوره، قال جوناثان غوليس، النائب المحافظ إن دافعي الرهن العقاري في دائرته الانتخابية قلقون بشأن الارتفاع الوشيك في تكاليف الاقتراض. وأضاف أنه يدعم دعوة جيك بيري للإعفاء من ضريبة الفائدة على الرهن العقاري.
رداً على ذلك، قال أندرو غريفيث، وزير المالية في وزارة الخزانة، إن الحكومة لن تقدم التزامات إنفاق غير ممولة، لأنها ستكون "كارثية" وقد تعني ارتفاع التضخم لفترة أطول.
وذكّر ستيوارت هوزي، النائب عن الحزب الوطني الاسكتلندي، أعضاء البرلمان بأن تكلفة الرهن العقاري الثابت لمدة عامين ارتفعت من 2.57% في مارس/ آذار 2021 إلى أكثر من 6% اليوم.
ورد هانت بأن أسعار الفائدة ارتفعت في بلدان أخرى، وبمعدل أسرع في الولايات المتحدة وكندا منها في المملكة المتحدة "وسنبذل كل ما في وسعنا لمساعدة الأشخاص الذين يتعرضون للضغط، لكننا لن نفعل أشياء من شأنها إطالة المعاناة التضخمية التي يمر بها الناس. يجب أن نكون حذرين للغاية، لأن الكثير من المخططات المقترحة ستؤدي في الواقع إلى جعل التضخم أسوأ وليس أفضل".