أعلن رؤساء الهيئات البرلمانية للأحزاب المصرية موافقتهم المبدئية على مشروع موازنة الدولة للسنة المالية 2021-2022، اليوم الأحد، وسط مطالبات للحكومة بالحد من طرح أدوات الدين للحد من تفاقم المديونية العامة، والبحث عن موارد جديدة لتنمية إيرادات الموازنة، ومراجعة نسب التعليم والصحة تطبيقاً للالتزام الدستوري الخاص بمنحها نسبة 10% من الناتج المحلي الإجمالي.
وتلا رئيس لجنة الخطة والموازنة في البرلمان، فخري الفقي، 29 توصية للجنة حول مشروع موازنة الدولة، بشأن سرعة تشكيل الحكومة لجنة لفحص أرصدة الديون المستحقة للحكومة، وتحديد الأرصدة الممكن تحصيلها، وأخرى لحصر المبالغ الزائدة عن الحد الأقصى للدخول، وثالثة لوضع لوائح منظمة للصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص.
وأوصت اللجنة في تقريرها عن الموازنة بتشكيل لجنتين، الأولى لحصر المبالغ التي تقاضاها كبار المسؤولين في الجهات الإدارية من الصناديق والحسابات الخاصة، والثانية من التفتيش المالي بوزارة المالية للتحقق من اعتماد مجالس إدارات الهيئات العامة لحساباتها الختامية في المواعيد المقررة قانوناً.
كما أوصت بتحديد المسؤولية حيال عدم اعتماد مجالس إدارات نحو 30 هيئة عامة مشاريع موازنتها للسنة المالية 2021-2022، وتحقيق هيئة النيابة الإدارية في مخالفاتها المالية، وعدم اشتمال هيكل موازنة الدولة على دواوين عموم بعض الوزارات والجهات التي لها وحدتان موازنتان، بالمخالفة لمبدأ وحدة وشمول النظام الموازني.
وأوصت اللجنة وزارة المالية بإجراء مراجعة شاملة للتبويب المتبع حالياً للتقسيم الوظيفي لمصروفات الجهات الداخلة في موازنة الدولة، في ضوء الأنشطة والاختصاصات التي تباشرها تلك الجهات، ومراجعة الاعتمادات المخصصة لقطاعات الصحة، والتعليم، والتعليم العالي، والبحث العلمي، بما يظهر الاستحقاقات الدستورية لها بقيمتها الحقيقية.
دعت اللجنة إلى فرض مزيد من الرقابة على الصناديق والحسابات الخاصة، بغية الالتزام بتوريد كافة المبالغ التي تستقطع من جملة إيراداتها الشهرية
كذلك أوصت بتشكيل لجنة من جهاز التنظيم والإدارة، ووزارتي التنمية المحلية والمالية، لإعادة هيكلة نظام الإدارة المحلية في مصر، بما يسمح بوضع الأسس والقواعد العامة لدعم اللامركزية الإدارية والمالية والاقتصادية موضع التنفيذ، وذلك لحين صدور القانون المنظم للإدارة المحلية.
وعن حوكمة استخدامات الموازنة، شددت اللجنة على ضرورة مراعاة عدم تجاوز جملة المتأخرات، بخلاف ما ينقل من الاحتياطيات العامة، نسبة 10% من الاعتمادات الأصلية لكل باب في الموازنة، أو 1% من إجمالي اعتمادات الموازنة العامة التي وافق عليها مجلس النواب من دون حساب فوائد الدين (أيهما أقل).
ودعت اللجنة إلى عدم تجاوز اعتمادات أي باب من أبواب الاستخدامات المختلفة، أو استحداث نفقات غير واردة في الموازنة، إلا بعد الرجوع إلى مجلس النواب، وإقراره للقانون الخاص بذلك الصرف في حدود اعتمادات كل باب من أبواب موازنة كل جهة، وفي حدود الأغراض المخصصة لكل مجموعة، وبند ونوع وفرع.
وطالبت اللجنة الحكومة بإجراء دراسة شاملة عن أعداد ممثلي الوزارات الملحقين بالبعثات الدبلوماسية والقنصلية المصرية بالخارج، فضلاً عن الموظفين المحليين الذين يستعان بهم، وطبيعة الأعمال المسندة إليهم، ومدى الحاجة إليها، في ضوء ما تتحمله الخزانة العامة من أعباء جراء الاستعانة بهؤلاء، وذلك ترشيداً للإنفاق الحكومي، وتوفير العملات الصعبة التي تحتاجها الدولة.
وعن تنمية إيرادات الموازنة العامة، أوصت اللجنة باتخاذ الإجراءات اللازمة لتحصيل الإيرادات التي أقرها مجلس النواب في قانون ربط الموازنة، والأخذ في الاعتبار أن هذه الإيرادات ينبغي أن تكون هي الحد الأدنى لما يجب تحصيله، واتخاذ إجراءات أكثر فاعلية لاستيداء المستحقات الحكومية تجاه بعض الهيئات والبنوك والشركات، وغيرها من الجهات والأفراد التي لا تلتزم بسداد حقوق الخزانة العامة.
ودعت اللجنة إلى فرض مزيد من الرقابة على الصناديق والحسابات الخاصة، بغية الالتزام بتوريد كافة المبالغ التي تستقطع من جملة إيراداتها الشهرية المحددة بـ15% إلى الخزانة العامة في المواعيد المقررة لذلك، ما لم تكن لوائحها المعتمدة تنص على نسبة أعلى من ذلك، والبحث عن مصادر أخرى للتمويل الذاتي بشرط عدم تحميل المواطنين أي أعباء جديدة.
تحجيم أدوات الدين
من جهته، طالب رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان، أحمد سمير، بالحد من توسع الحكومة في إصدار أذون الخزانة وأدوات الدين التي تؤدي إلى تفاقم المديونية العامة، بدلاً من تدبير موارد حقيقية، داعياً إلى سرعة تفعيل مواد قانون "الصكوك السيادية"، باعتباره وسيلة تمويل بديلة للاقتراض التقليدي، على حد قوله.
دعت اللجنة إلى عدم تجاوز اعتمادات أي باب من أبواب الاستخدامات المختلفة، أو استحداث نفقات غير واردة في الموازنة، إلا بعد الرجوع إلى مجلس النواب
وأضاف سمير: "يجب ترشيد النفقات العامة، ومراجعة بند المشتريات الحكومية، وتقليص الفجوة في موازنة الدولة من خلال تعظيم إيراداتها، وتحقيق المستهدف من المتحصلات الضريبية، ومتأخرات الضرائب في السنوات السابقة"، داعياً إلى دراسة ما آلت إليه الهيئات العامة الاقتصادية، ووضع خطط لإصلاحها لحل مشكلات تراكم مديونياتها حفاظاً على الثروة القومية للبلاد.
بدوره، طالب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب "مستقبل وطن" الحائز على الأغلبية، أشرف رشاد، الحكومة بحزمة من السياسات والإجراءات التي تؤدي إلى تنمية إيرادات الدولة، وتمكنها من سداد النفقات المتزايدة مثل أعباء الدين الحكومي، والبحث عن مصادر تمويل أخرى بشرط ألا تتعارض مع التشريعات القائمة، أو أن تحمل المواطنين أعباء إضافية.
وطالب النائب محمد العماري بتشكيل لجنة حكومية لدراسة تداعيات أزمة فيروس كورونا على القطاع الصحي، وإجراء مراجعة شاملة للأجور التي يتقاضاها العاملون في القطاع، بما في ذلك المستشفيات الجامعية، وكذا تشكيل لجنة أخرى لتحديث البيانات الطبية، والتأكد من سلامة الإجراءات المتبعة من وزارة الصحة في مواجهة الأزمة.
ودعت النائبة أميرة أبو شقة إلى إعادة النظر في النسب المقررة لقطاعات الصحة والتعليم في الموازنة العامة، قائلة: "يجب أن نعيد النظر في مخصصات البحث العلمي البالغة 1% من الناتج المحلي، لأن هناك دولاً استخدمت هذا البحث في إنقاذ العالم من تداعيات الجائحة".
يذكر أن الاستثمار الأجنبي في ديون مصر قد سجل ارتفاعاً تاريخياً، إذ بلغت الحيازات الخارجية من أذون وسندات الخزانة نحو 28.5 مليار دولار في نهاية فبراير/شباط الماضي، وذلك نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية في مصر، والذي يحتل المرتبة الثانية بعد فيتنام بين أكثر من 50 اقتصاداً رئيساً تتبعتها شبكة "بلومبيرغ" الأميركية.
وضخ الأجانب مليارات الدولارات في أدوات الديون المصرية، منذ أن خفضت السلطات قيمة الجنيه أواخر العام 2016، ضمن البرنامج الاقتصادي الشامل المدعوم بقرض قيمته 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، غير أن التدفقات ارتدت مؤقتاً بسبب جائحة وباء كورونا، ما أدى إلى خروج نحو 17.5 مليار دولار في ربيع العام 2020.
وتستهدف مصر في مشروعها للموازنة الجديدة أن تبلغ التمويلات المحلية 990.133 مليار جنيه من الإجمالي، والتمويلات الخارجية 78.375 مليار جنيه. بينما من المتوقع أن تصل إصدارات السندات الدولية إلى 66 مليار جنيه، مقابل 72 ملياراً مستهدفة في السنة المالية 2020-2021.