دعا الرئيس الأميركي جو بايدن الكونغرس، الأربعاء، إلى إقرار تعليق ضريبة فدرالية على أسعار الوقود التي تشهد ارتفاعاً كبيراً وتثير استياء الأميركيين مدة ثلاثة أشهر، قبل أشهر قليلة من انتخابات منتصف الولاية.
وقال بايدن وفقاً لوكالة "رويترز" إنني "أدرك تماماً أن تعليق ضريبة البنزين لن يعالج المشكلة لكنه سيقدم للأسر بعض التخفيف المباشر بينما نعمل على دفع الأسعار للانخفاض في الأجل الطويل".
وحث الرئيس أيضاً الولايات على أن تعلق لفترة مؤقتة ضرائب الوقود التي غالباً ما تكون أعلى من المعدلات الاتحادية. وطلب من شركات النفط الكبرى اقتراح أفكار بشأن كيف يمكن استعادة طاقة التكرير العاطلة عندما يجتمعون مع وزيرة الطاقة جنيفر جرانهولم غداً الخميس.
وقال مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية، وفقاً لوكالة "فرانس برس"، إن البيت الأبيض يريد تعليق الضريبة الفدرالية البالغة 18 سنتاً على كل غالون (3.78 ليترات) حتى سبتمبر/أيلول القادم ويدعو الولايات التي تفرض أيضاً رسوماً على الوقود في المحطات أن تحذو حذوه "من أجل تخفيف العبء مباشرة على المستهلكين الأميركيين".
وعبّر مشرعون من الحزبين الديمقراطي والجمهوري كليهما عن معارضة لتعليق الضريبة ويشعر بعض الديمقراطيين، ومن بينهم نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب، بقلق من أن هذه الخطوة قد يكون لها تأثير محدود على الأسعار.
وصل متوسط سعر غالون البنزين إلى مستوى قياسي بلغ 5 دولارات في الولايات المتحدة مقارنة بنحو 3 دولارات قبل عام، وينعكس هذا الارتفاع على الاقتصاد الوطني، ما أدى إلى تراجع شعبية الرئيس الأميركي إلى أقل من 40%.
وقال المسؤولون إن "الرئيس يدرك التحدي الكبير الذي تشكله أسعار البنزين المرتفعة للأسر العاملة في حين يرتفع سعر البنزين بشكل كبير في جميع أنحاء العالم بنحو دولارين للغالون منذ أن حشد بوتين قواته عند حدود أوكرانيا".
وأكد هؤلاء أن "الرئيس يدرك أن تعليق ضريبة البنزين وحده لن يعوض عن ارتفاع الأسعار التي نشهدها. لكنه يرى أنه في هذه اللحظة الفريدة التي تفرض فيها الحرب في أوكرانيا تكاليف على العائلات الأميركية، على الكونغرس أن يفعل ما في وسعه للتخفيف من وطأة ذلك عليها".
ويتوقع أن يكلف تعليق هذه الضريبة الفدرالية وقدرها 18 سنتًا، بالإضافة إلى تعليق ضريبة 24 سنتًا لكل غالون من الديزل خلال موسم السفر الصيفي، صندوق البنى التحتية للطرق السريعة حوالى 10 مليارات دولار، يتم تمويلها عادةً من هذه الضرائب، بينما تؤكد الإدارة الاميركية أن ايرادات أخرى قادرة على تعويض الدخل الفائت.
كما دعا البيت الأبيض الولايات التي تفرض أيضًا ضرائب على البنزين في المحطات بطرق مختلفة إلى إلغاء الرسوم موقتًا أو توفير آليات تعويض لسائقي السيارات. وقامت عدة ولايات بذلك، مثل ولايتي كونيتيكت ونيويورك. في المتوسط، تفرض الولايات 30 سنتًا ضرائب على كل غالون من البنزين.
لكن وفقًا لمحللين، هناك 46 ولاية لم تتحرك بعد، بينها ولاية كاليفورنيا، حيث الضريبة هي الأعلى على البنزين الذي هو الأغلى ثمناً لديها، إذ يباع الغالون بأكثر من ستة دولارات.
الهدف: دولار أقل في المحطات
لذلك سيحث الرئيس بايدن تجار التجزئة في محطات البنزين على تطبيق التخفيض فوراً والطلب من المصافي توسيع قدراتها لتكرير الخام.
دعا البيت الأبيض الولايات التي تفرض أيضاً ضرائب على البنزين في المحطات بطرق مختلفة إلى إلغاء الرسوم موقتاً أو توفير آليات تعويض لسائقي السيارات.
وقالت مسؤولة خلال مؤتمر عبر الهاتف إن توقع تخفيض دولار واحد في محطة الوقود "ليس حسابًا دقيقًا تمامًا، لكن المسألة تتعلق بإعطاء فكرة عن مدى التخفيض الذي يمكن تحقيقه إذا أصغينا إلى دعوات الرئيس للتحرك".
وأضافت: "يشمل ذلك دعوة الكونغرس ودعوة الولايات إلى إلغاء ضرائبها أو تقديم مساعدة موازية ودعوة تجار التجزئة إلى ترجمة الخفض بسرعة إلى المستهلكين، وأخيراً دعوة شركات التكرير لاستخدام أرباحها القياسية لخفض الأسعار وزيادة قدرات التكرير".
ومن المقرر أن تجتمع وزيرة الطاقة جنيفر غرانهولم، الخميس، مع شركات التكرير لحثها على المساهمة في هذه الإجراءات من خلال زيادة إنتاجها، حيث تحاول إدارة بايدن منذ عدة أشهر التأثير على عروض النفط الخام والمنتجين، لمواجهة أسعار البنزين المرتفعة، كما لجأت الإدارة لخطوة نادرة إلى استخدام الاحتياطي الاستراتيجي الأميركي بمعدل مليون برميل يومياً.
كما وضع البيت الأبيض في القائمة السوداء مجموعات النفط السبع الكبرى بما في ذلك إكسون موبيل وشيفرون، مندداً "بهوامش الربح الأعلى بكثير من المعتاد"، ودعاها إلى القيام بـ"واجبها الوطني".
بلغ التضخم السنوي في الولايات المتحدة ذروته مع 8.6% في مايو/أيار، وهو أعلى مستوى منذ 40 عاماً. وقدرت مساهمة الطاقة وحدها بنسبة 34.6%.
مخاوف الركود
في السياق، أقر رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي جيروم باول، الأربعاء، أمام الكونغرس بأن الارتفاع السريع في أسعار الفائدة يمكن أن يتسبب في ركود وإن لم يكن ذلك ما ينشده.
وأجاب باول خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ رداً على سؤال من سيناتور عبر عن قلقه بشأن حدوث ركود كأحد عواقب سياسة البنك النقدية، بقوله "إنه بالتأكيد احتمال، هذا ليس التأثير المطلوب على الإطلاق، لكنه بالتأكيد احتمال".
وأقر باول أيضاً بأن شدة التضخم "فاجأت بشكل واضح" السلطات النقدية وحذر من احتمال حدوث "مزيد من المفاجآت".
وأكّد باول في كلمته أمام الكونغرس أن الاقتصاد الأميركي "قوي بدرجة كافية وفي وضع جيد لمواجهة تشديد السياسة النقدية".
وأضاف "فاجأنا التضخم بشكل تدريجي خلال العام الماضي، وربما تنتظرنا مزيد من المفاجآت، فيما بلغ ارتفاع الأسعار أعلى مستوياته منذ 40 عامًا في الولايات المتحدة مسجلًا 8.6% على أساس سنوي".
وذكّر بأن مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي رفع أسعار الفائدة الرئيسية في الاجتماعات الثلاثة الماضية، ما أدّى إلى زيادة 1.5 نقطة مئوية في كلفة الائتمان، ويتوقع أن "يتواصل ارتفاع أسعار الفائدة"، على أن "تعتمد وتيرة الارتفاع على البيانات الاقتصادية".
وأشار باول إلى أن مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي سيتخذ "قراراته في اجتماع وراء اجتماع"، مؤكدًا أن آلية تواصل المصرف المركزي الأميركي ستكون "واضحة قدر الإمكان".
ووعد قائلًا "سنسعى جاهدين لتجنب إضافة حالة من عدم اليقين في فترة أصلًا صعبة للغاية وتتسم بعدم الاستقرار".
(فرانس برس، رويترز)