دافع الرئيس الأميركي جو بايدن مرة أخرى، الجمعة، عن خطته الاستثمارية العملاقة لتعزيز التوظيف في الولايات المتحدة، بعد تباطؤه في إبريل/ نيسان رغم انتعاش الاقتصاد.
واستحدِثت 266 ألف فرصة عمل فقط، الشهر الماضي، وهو رقم بعيد عن المليون وظيفة التي كانت متوقعة. أما معدل البطالة، فقد ارتفع للمرة الأولى منذ ما يقرب من عام إلى 6,1% (+0,1 نقطة)، وفق ما أعلنت وزارة العمل، الجمعة.
وقال بايدن من البيت الأبيض "ما زلنا نعاني من انهيار اقتصادي"، مضيفاً "من الواضح أن أمامنا طريقاً طويلاً لنقطعه"، مشيراً إلى أن الوظائف حالياً "أقل بثمانية ملايين مما كانت عليه قبل الجائحة".
ومن المتوقع أن تعطي الأرقام دفعاً لجو بايدن الذي يشدد منذ شهور على الحاجة لاستثمار ما يقرب من 4 تريليونات دولار على مدى العقد المقبل، بينها أكثر من ألفي مليار دولار في البنية التحتية لخلق وظائف لا سيما للعمال الأقل تأهيلاً.
لكن المعارضة الجمهورية اعتبرت على الفور أن أرقام التوظيف تشكّل "رسالة واضحة إلى جو بايدن بأن سياساته غير مجدية"، وفق حساب "تويتر" لتكتّل الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ.
بالنسبة لهم، يكمن السبب في إعانات البطالة التي مدد العمل بها حتى نهاية أغسطس/ آب، وزيادة قيمتها بمقدار 300 دولار في الأسبوع، واعتبروا أن "إعطاء الناس أموالاً يدفع الناس إلى البقاء في المنزل بدلاً من العمل".
واعتبرت غرفة التجارة الأميركية النافذة أنّ هذا الأمر "يبيّن بوضوح أن إعطاء أموال للناس لكي لا يعملوا، يفرمل ما كان من المفترض أن تكون سوق عمل أكثر صلابة".
فترة استراحة غير اعتيادية
لكن إدارة بايدن تصر ّعلى أن هذه المقولة خاطئة، وقالت وزيرة الخزانة جانيت يلين "لا أعتقد أن إعانات البطالة هي العامل الفعلي لذلك"، لكنها أقرت أن "الشركات تبلغنا أنها تواجه مصاعب في التوظيف" ومن "الواضح أن هناك أشخاصاً غير جاهزين أو غير قادرين على العودة إلى العمل".
ويستفيد العديد من العاطلين عن العمل من المساعدة للتريّث حتى العثور على وظيفة أكثر إرضاء، لا سيما وإن كانت تسمح بالعمل من المنزل وفقاً لخبراء اقتصاديين.
ونسبت يلين ما يحصل إلى "عوائق أمام الالتحاق بسوق العمل" خصوصاً رعاية الأطفال، لا سيما أن المدارس لم تعد فتح أبوابها بشكل كامل، أو رعاية أفراد مسنّين في العائلة كما والخشية من الإصابة بكورونا.
ويحاول أرباب العمل توظيف عمال بأجور أعلى، وبلغت الزيادة في رواتب القطاع الخاص 3% في الربع الأول مقارنة بالفترة نفسها عام 2020، بحسب أرقام وزارة العمل. وتعرض ولاية مونتانا (شمال غرب) منح العاطلين 1200 دولار في حال قبولهم وظيفة.
يقول الخبير في شركة "بانثيون ماكرو إيكونوميكس" إيان شيبردسون، إنّ مساعدات البطالة "من المقرر أن تنتهي في سبتمبر/ أيلول، ولكن ربما يعتقد الناس أن العثور على وظائف سيكون بنفس سهولة العثور عليها كما هو الحال الآن، فلماذا سيقبلون وظيفة اليوم؟".
وكررت يلين قولها "أعتقد أننا سنتمكن من تحقيق العمالة الكاملة العام المقبل".
ويستعيد الاقتصاد الأميركي زخمه بحسب وتيرة حملة التلقيح، فكلما زاد عدد متلقّي اللقاح، أصبحت الآفاق الاقتصادية أكثر إشراقاً.
ولقّح واحد من كل ثلاثة أميركيين بالكامل، وقد امتلأت العديد من المحافظ بفضل المساعدات الحكومية وتعليق نشاط صالات الرياضة والسفر.
وعادت الشركات في قطاعات الفنادق والترفيه والخدمات إلى الحياة مع تطعيم الأميركيين، ما أدى إلى استحداثها 375 ألف وظيفة الشهر الماضي، لكن جزءاً من تلك المكاسب تبخّر نتيجة خسائر الوظائف في خدمات الأعمال، إذ إن العودة إلى المكاتب ليس مطروحة بعد للعديد من الموظفين ذوي الياقات البيضاء.
وألغيت أكثر من 22 مليون وظيفة خلال مارس/ آذار وإبريل/ نيسان 2020 تحت تأثير إجراءات الاحتواء الأولى، ولم يتم تعويض 8 ملايين منها حتى الآن.
خلال شهرين فقط العام الماضي، انتقل معدل البطالة من أدنى مستوى له في 50 عاماً (3,5% في فبراير/ شباط) إلى أعلى مستوى منذ الكساد الكبير في الثلاثينيات (14,8% في إبريل/ نيسان).
(فرانس برس)