تتزايد استفادة المغرب من ارتفاع أسعار الأسمدة في السوق الدولية، في سياق تزايد الطلب وسعي الدول إلى تكوين مخزون من الحبوب وتوفير الأسمدة لمحاصيلها الزراعية، في ظل استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا.
وتفيد بيانات مكتب الصرف التابع لوزارة الاقتصاد والمالية، أنّ صادرات الفوسفات ومشتقاته التي تستخدم في الأسمدة الزراعية، تضاعفت في الشهرين الأولين من العام الحالي كي تستقر في حدود 1.45 مليار دولار، مقابل 726 مليون دولار في الفترة نفسها من العام الماضي.
وتأتي زيادة إيرادات الفوسفات ومشتقاته، بفضل أسعار الأسمدة في السوق الدولية التي ارتفعت من حوالي 300 دولار للطن إلى 750 دولاراً، بينما انخفضت الكميات المصدرة بنسبة 16.4 في المائة.
ووصلت مبيعات المجمع الشريف للفوسفاط في العام الماضي إلى 8.63 مليارات دولار، مقابل 5.7 مليارات دولار في العام الذي سبقه، ما مكن الشركة المملوكة للدولة من تحويل 820 مليون دولار للخزانة العامة، في ظلّ ظروف اقتصادية صعبة شهدتها البلاد.
ويلفت مراقبون إلى أنّ ارتفاع الأسعار ناتج عن تراجع العرض في مقابل الطلب المرتفع، في ظل سعي الدول لتكوين مخزون من الحبوب، خصوصاً القمح، ما زاد الحاجة إلى الأسمدة التي يعتبر المغرب أحد الفاعلين الرئيسيين في سوقها العالمي.
ويشرح المهندس الزراعي يونس عمار لـ "العربي الجديد" أنّ "الهواجس لدى منتجي الحبوب في السوق العالمي تتواصل، ومن المتوقع أن تستمر لفترة، ما سيرفع الطلب على الأسمدة التي ينتجها المجمع الشريف للفوسفات خلال المرحلة المستقبلية".
ويعتبر عمار أن مستوى الأسعار الذي زاد منذ العام الماضي، يأتي في سياق متسم بارتفاع أسعار المدخلات الإنتاجية التي تساهم في صناعة الأسمدة، خصوصاً الغاز.
وتسعى البلدان المستوردة مثل البرازيل والهند إلى البحث عن موردين للأسمدة في ظل التوتر في السوق الدولية وتراجع الصادرات الروسية نحو العالم. واستفاد المجمع في العام الماضي من ارتفاع الأسعار في السوق الدولية، غير أن النتائج التي يحققها تعزى كذلك إلى الاستراتيجية التي تبناها منذ أكثر من عقد من الزمن، والرامية إلي رفع إنتاجه من الأسمدة من 3.5 ملايين طن إلى 12 مليون طن في أفق 2020، وكذلك إلى قدرته على التحكم في التكاليف والاستجابة للطلبيات من قبل عملائه.
ويراهن المجمع في ظل توقع ارتفاع الطلب على الأسمدة في الأعوام المقبلة على رفع قدراته الإنتاجية إلى 19 مليون طن، حيث ستزيد بـ3 ملايين طن في العام المقبل و4 ملايين طن في 2026. ويتوفر المجمع على هوامش كبيرة من أجل رفع قدراته الإنتاجية، بالنظر إلى التقديرات حول استهلاك القارة الأفريقية للأسمدة، التي تحتاج حوالي 8 ملايين طن في العام، بينما يفترض أن تزيد استهلاكها إلى 40 مليون طن لتأمين أمنها الغذائي.
وذهب البنك المركزي المغربي إلى أنّه بعد ارتفاع قوي لأسعار الفوسفات ومشتقاته في العام الماضي، ينتظر أن ترتفع أكثر في العام الحالي في ظل الزيادات التي تشهدها أسعار السلع الفلاحية ومدخلات صناعة الأسمدة. ويتوقع أن تقفز أسعار الفوسفات الخام والأسمدة على التوالي إلى 160 دولاراً و 780 دولاراً للطن، قبل أن تستقر في حدود 144.8 دولاراً و706.2 دولارات للطن الواحد في العام المقبل.
واعتبر محافظ البنك المركزي عبد اللطيف الجواهري، أنه بما أن المجمع الشريف "صانع للسوق"، فإن يمكنه أن يختار سياسة الكميات أو سياسة الأسعار أو يزاوج بينهما.
وينتظر أن يرتفع الطلب على الأسمدة المغربية في الفترة المقبلة، فقد عبرت البرازيل عن تطلعها إلى زيادة حصة وارداتها من البلدان العربية، يأتي في مقدمتها المغرب، الذي يعتبر ثالث مورد لهذا البلد.
وفي مارس/ آذار الماضي، بعث 86 من أعضاء الكونغرس الأميركي برسالة مشتركة إلى لجنة التجارة الدولية في بلدهم، يطالبونها بإلغاء حقوق الجمارك المفروضة على الأسمدة الفوسفاتية الآتية من المغرب. وكانت اللجنة قررت في مارس الماضي تطبيق حقوق جمرك تعويضية بنسبة 19.97 في المائة على واردات الأسمدة الفوسفاتية المغربية.
ويعتبر المجمع الشريف للفوسفات، أن الطلب الآتي من المناطق المستوردة يجد تفسيره في ارتفاع أسعار المحاصيل، ما يؤشر علي زيادة إيرادات المزارعين في تلك المناطق وضعف مستوى المخزون في الأسواق الرئيسية. ووسع المجمع الشريف حضوره في القارات الخمس، ضمن مسعاه لتكريس ريادته في سوق مغذيات النباتات والأسمدة الفوسفاتية حول العالم.