انتعاش المطاعم في قطاع غزة... استثمارات تحتمي بالاستهلاك

25 ابريل 2023
مدينة غزة الأكثر تسجيلاً لافتتاح المطاعم في القطاع (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

تزايد استثمار أصحاب رؤوس الأموال في قطاع غزة في مجال المطاعم بوتيرة ملحوظة في الآونة الأخيرة، حيث بات هذا القطاع الأكثر إقبالاً بالنسبة للاستثمار إلى جانب القطاع الإنشائي والعقاري على حساب القطاعين الإنتاجي والصناعي.

ولا يخلو شهر في غزة من افتتاح مطعم جديد وسط تنامي الإقبال من المواطنين على شراء الوجبات الجاهزة والأكلات من المطاعم نظرًا لتقارب أسعارها مع الوجبات التي يجري طهيها في المنازل، وهو ما يشجع على افتتاح المزيد منها.

وعادة ما يتركز افتتاح المطاعم في مدينة غزة، إلا أن العام الأخير شهد انتشاراً أكبر في مختلف المدن في القطاع، مثل مناطق شمالي القطاع ومدن مثل خان يونس جنوباً وبعض مناطق الوسط، وهو ما يؤشر إلى هرب رؤوس الأموال للقطاعات الاستهلاكية التي من شأنها أن توفر سيولة نقدية دائمة.

وأدت بعض مشاريع البنية التحتية وتطوير الشوارع الحيوية كالشريط الساحلي لتشجيع رؤوس الأموال على القيام بهذه الخطوة، لا سيما مع وجود بعض المشاريع العربية التي نفذت خلال السنوات الأخيرة، كالمشاريع القطرية إلى جانب المشاريع التي تنفذها مصر.

وباتت المطاعم تتنافس في ما بينها في تقديم عروض على الوجبات إلى جانب إدخال أساليب عصرية حديثة في طريقة الطعام وطريقة التقديم، وهو ما يرفع إقبال الفلسطينيين على هذه المنشآت ويعزز افتتاح المزيد منها.

واعتاد الفلسطينيون في القطاع على وجود نموذجين للمطاعم والمنشآت العاملة في المجال السياحي وهما المطاعم المتخصصة في بيع "الشاورما" أو تلك التي تقدم الوجبات الشرقية والغربية، غير أن العامين الماضيين شهدا إدخال أشكال جديدة، كالمطاعم المتخصصة في مجال الأسماك أو الوجبات الأميركية.

يقول رئيس مجلس إدارة الهيئة الفلسطينية للفنادق والمطاعم عبدو غنيم إن إجمالي عدد المنشآت المحسوبة على قطاع المطاعم والفنادق في غزة يراوح حاياً بين 400 و450 منشأة، وهو عدد يعكس الزيادة المتسارعة في مجال الاستثمار في هذا المجال.

ويؤكد غنيم لـ"العربي الجديد"، أن بعض الأيام تشهد افتتاح ما بين مطعم و3 مطاعم جديدة بمختلف أنواعها، لا سيما في العام الأخير، وهو ما يعني أن الفترة المقبلة ستشهد المزيد من أعداد المنشآت التي تستثمر في هذا المجال.

ووفق رئيس مجلس إدارة الهيئة الفلسطينية للفنادق والمطاعم، فإن الاستثمارات في مجال القطاعات التجارية الأخرى باتت ضعيفة، فيما بات المستثمرون يلجأون إلى قطاع المطاعم باعتباره الأسهل من الناحية الاستثمارية والأكثر قدرة على توفير السيولة النقدية.

ويؤكد على وجود ثقافة جديدة عند الفلسطينيين في القطاع باتت تميل إلى الوجبات الجاهزة والمطاعم، لا سيما مع انخفاض الكلفة وتقاربها إلى حد كبير مع أسعار الطعام الذي يتم إعداده في المنازل، فضلاً عن دخول ثقافات جديدة في مجال المطاعم مقارنة بالفترات السابقة.

ويوضح أن هذه المنشآت تعتبر المتنفس الرئيسي للفلسطينيين في ظل الحصار وعدم وجود مجالات أخرى للسياحة في القطاع، وهو ما يدفع المستثمرين نحو افتتاح المزيد من المنشآت أو تطوير منشآتهم القائمة.

ويستخدم أصحاب المنشآت والمطاعم العاملة في غزة مواقع التواصل الاجتماعي لترويج الوجبات التي يقومون بتقديمها للزبائن، وهو ما خلق حالة من التنافس الواضح خلال الفترة الأخيرة، سواء عبر "فيسبوك" أو من خلال تطبيق "تيك توك" حيث يعتبر التطبيقان أكثر المواقع استخداماً في غزة.

استرداد سريع لرأس المال

من جانبه، يرجع الباحث والمختص في الشأن الاقتصادي أسامة نوفل أسباب زيادة الاستثمار في القطاع السياحي وتحديداً مجال المطاعم إلى قدرة المستثمر في هذا المجال على استرداد رأس المال بشكل أسرع من غيره من المشاريع الأخرى في القطاعات المتنوعة.

ويقول نوفل لـ"العربي الجديد"، إن استقبال المطاعم للزبائن بشكل دوري ويومي يؤمن سيولة نقدية دائمة لهذه المنشآت، فضلاً عن حالة المنافسة الكبيرة بين المنشآت السياحية لتقديم خدمات أفضل ومختلفة ومتنوعة تعمل على جذب أكبر عدد ممكن من الزبائن.

ويضيف أن أصحاب رؤوس الأموال باتوا يستثمرون في هذا المجال استفادة من تجارب آخرين في دول مثل مصر والأردن وأوروبا، وهو ما جعل هذه التجربة تأخذ منحنى جيدا وتصاعديا وانتشارا ملحوظا في الفترة الأخيرة.

وبحسب نوفل، فإن 80% من إنفاق الأسر الفلسطينية في القطاع يذهب إلى الطعام، وبالتالي فإن المطاعم والمنشآت السياحية هي جزء من هذا الإنفاق، الذي يتركز على الإنفاق الاستهلاكي، وهو ما يشجع المستثمرين أكثر.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

ويشير إلى أن من بين العوامل التي أدت لزيادة الاستثمار هي مشاريع البنية التحتية في القطاع التي تركزت في المناطق الساحلية خلال السنوات الأخيرة التي شهدت تنفيذ المشاريع المصرية والقطرية، وهو ما سيؤدي خلال الفترة المقبلة لزيادة أعداد المطاعم لا سيما على الشريط الساحلي.

المشاريع الاستهلاكية الأكثر حضوراً

من جانبه، يرى الباحث والمختص في الشأن الاقتصادي رائد حلس أن المشاريع الاستهلاكية تحظى بحضور أكبر بالنسبة لأصحاب رؤوس الأموال وهو ما يشجعهم للاستثمار في مجال المطاعم التي تساهم في توفير سيولة نقدية أسرع من بقية القطاعات.

ويقول حلس لـ"العربي الجديد"، إن 62% من الاستثمارات تتركز في المجال الاستهلاكي نظراً لكونها الأقدر على توفير عوائد مالية مقارنة بالقطاعات الإنتاجية أو القطاعات الصناعية الأخرى التي تتطلب رؤوس أموال أكبر مقارنة مع قطاع المطاعم والفنادق.

ووفق حلس، فإن الحالة القائمة في غزة منذ سنوات تقوم على سياسة "الفقاعات الاقتصادية" نظراً لغياب حالة الاستقرار السياسي والأمني نتيجة للحصار الإسرائيلي والحروب التي يشنها الاحتلال بين كل فترة وأخرى، وهو ما يجعل المستثمرين يميلون لقطاعات بعينها.

ويشير إلى أن فترة عمل الأنفاق الأرضية مع مصر شهدت إقبالاً على الاستثمار في مجال العقارات والبناء قبل أن يشهد هذا القطاع ركوداً، فيما تعزز خلال الفترة الحالية الاستثمار في مجال المطاعم والمنشآت التجارية نظراً لنجاح عشرات المشاريع في هذا المجال.

المساهمون