انتعاشة النفط العُماني... دفعة جديدة للنمو

18 يناير 2023
زيادة ملحوظة لإيرادات النفط (Getty)
+ الخط -

انتعاشة ملحوظة سجلتها أسعار النفط العُماني في أول أسبوعين من عام 2023، رغم وفرة المعروض الخليجي في الأسواق، ما سلط الضوء على عوامل خارجية تؤثر في تحديد الأسعار، وسط ترجيحات للاقتصاديين بأن يكون العام الجاري جيداً للسلطنة على مستوى إيرادات تصدير الخام، الأمر الذي سيدفع السلطنة إلى ثاني أعلى نمو في الناتج المحلي الإجمالي بين الدول الخليجية خلال عام 2023، حسب تقرير حديث للمؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات.

وترتبط تلك الترجيحات بتوجه الولايات المتحدة الأميركية لزيادة احتياطاتها النفطية من جانب، وانخفاض مخزونات لديها من جانب آخر، وذلك في أعقاب العاصفة الشتوية التي أثرت بأجزاء كبيرة من المدن الأميركية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

وإزاء ذلك، بلغ سعر نفط عُمان الرسمي، أول من أمس، تسليم شهر مارس/ آذار القادم 81 دولاراً و91 سنتاً. وشهد سعر نفط عُمان بذلك ارتفاعاً بلغ 82 سنتاً مقارنةً بسعر يوم الجمعة الماضي، البالغ 81 دولاراً و9 سنتات.

وسلطنة عمان من أكثر الدول المنتجة للنفط حساسية من تقلبات أسعار الخام، إذ تضررت بشدة من انهيار الأسعار الناجم عن وباء كورونا في عام 2020، ولكن عاد ليشهد إنتاجها في 2022 تعافياً ملحوظاً بعد تخفيضات الإنتاج القياسية التي نفّذها تكتل منظمة الدول المصدرة للبترول وحلفائها "أوبك+" منذ منتصف 2020، في أعقاب أزمة كورونا التي ضربت أسواق الطاقة العالمية.

وارتفع إنتاج السلطنة من النفط في 2022 نحو 71 ألف برميل يومياً، خاصة بعدما أعلنت دعمها تحركات "أوبك+" بقيادة السعودية لخفض الإنتاج، لمواجهة التقلبات الكبيرة في أسعار النفط.

ودعم إنتاج عمان من النفط في 2022 التصنيف الائتماني للبلاد، الذي رفعته وكالة فيتش إلى BB، مع نظرة مستقبلية مستقرة، وأسهم في تحقيق السلطنة فائضاً بميزانية عام 2022 بلغ 1.2 مليار ريال (3.12 مليارات دولار)، مقابل عجز بلغ مليار ريال في الفترة نفسها من عام 2021.

يتوقع المستشار والخبير بمجال الطاقة في السلطنة، المدير العام للتسويق بوزارة الطاقة والمعادن العمانية سابقاً، علي بن عبد الله الريامي، أن تراوح أسعار النفط بين 70 و80 دولاراً للبرميل، مشيراً إلى أنه "كلما ارتفعت الأسعار، أضفت بعض الراحة على أعضاء "أوبك+"، وأيّ منتج للنفط عموماً"، حسبما أوردت صحيفة "عمان أوبزرفر".

وأشار الريامي إلى أن الأسعار "يمكن أن ترتفع إلى 90 دولاراً للبرميل خلال الشهور المقبلة، إذا تغيرت الظروف"، لكنه استبعد حدوث ذلك في الوقت الراهن.

أما محلل أسواق النفط في الشرق الأوسط لدى منصة آرغوس ميديا المتخصصة في شؤون الطاقة، نادر أیتیّم، فيرى أن سعر 90 دولاراً للبرميل ليس بعيداً عن التحقق، وتوقع أن تكون جميع البلدان في "أوبك+" راضية عن هذا السعر، وخاصة عمان.

فالإيرادات النفطية أسهمت في ارتفاع الإيرادات العامة للسلطنة عام 2022 بنسبة 42.3%، ما اعتبرته وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، إلى جانب الإصلاحات المالية، مرتكز السلطنة في تسجيل أول فائض بالميزانية منذ عام 2013، واحتواء مستويات الديون على مدى السنوات القليلة المقبلة.

دعم إنتاج عمان من النفط في 2022 التصنيف الائتماني للبلاد، الذي رفعته وكالة فيتش إلى BB، مع نظرة مستقبلية مستقرة


وشددت الوكالة على أن الاقتصاد العماني والإيرادات المالية سيظلان مرتبطين بشدة بقطاع الهيدروكربونات، على الرغم من الإصلاحات الهيكلية المستمرة لتعزيز تنوع الموارد، متوقعة أن تدعم عائدات النفط فوائض الميزانية في عام 2023.

ورغم ارتفاع أسعار النفط، إلا أن موازنة السلطنة لعام 2023 قدرت سعر برميل النفط عند 55 دولاراً خلال العام المقبل، ارتفاعاً من 50 دولاراً في موازنة 2022، استناداً إلى مبدأ التحوط لانخفاض أسعار الخام، وخاصة في ظل استمرار المخاطر والاضطرابات الجيوسياسية، وعلى رأسها الحرب الروسية الأوكرانية، وما تمثله من تأثير عميق في سوق النفط العالمية.

لكن هذا التحوط التشاؤمي لا تتوقعه أغلب مؤسسات الائتمان العربية الدولية، وهو ما أورده توقع آخر تقرير أصدرته المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات (ضمان).

وتوقع التقرير أن تحقق سلطنة عُمان ثاني أعلى نمو في الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2023 بين دول مجلس التعاون الخليجي، مشيراً إلى تقديرات بأن يبلغ معدل هذا النمو نسبة 4.1%، مقابل 4.2% في الإمارات، و3.7% في السعودية، و3% في البحرين، و2.6% في الكويت، و2.4% في قطر.

يذكر أن صندوق النقد الدولي يتوقع أن تعزز انتعاشة النفط من اقتصاديات منطقة الشرق الأوسط، وخاصة دول الخليج العربية، بمكاسب تراكمية تصل إلى تريليون دولار حتى عام 2026.

 

المساهمون