اليمن يشجع المنتج المحلي دعماً للمقاطعة

02 ديسمبر 2023
تتوسّع سريعاً في اليمن ظاهرة مقاطعة بضائع دول الغرب الداعمة لكيان الاحتلال (Getty)
+ الخط -

تشمل خطة تفعيل المقاطعة التي أقرتها صنعاء تغطية جزء من حصة السلع المقاطعة، وتحديد حصة صغار المنتجين في السوق المحلية، بهدف توجيه متوسطي وكبار المصنعين بشأن الحصص المتبقية، وصولاً إلى تحوّل السوق الاستهلاكية المحلية تماماً إلى السلع المنتجة داخل الوطن، كبديل عن السلع الأجنبية الصنع التي تستهدفها مقاطعة الدول الداعمة للعدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، وإن خفت وتيرته نتيجة الهدنة المتقطعة التي توصل إليها الجانبان منذ أيام.

في السياق، يؤكد لـ"العربي الجديد" مسؤول في وزارة الصناعة والتجارة اليمنية في صنعاء أن هناك توجهاً لإعداد استراتيجية تهدف إلى النهوض بالقطاعات الإنتاجية المحلية، على أن تشمل خطة تستهدف معالجة أوضاع صغار المصنعين، لا سيما الأسر المنتجة الناشطة في مجالات معينة، لكن حيوية بالنسبة للمستهلكين اليمنيين.

ويوضح المسؤول أن الوزارة أطلقت فعلاً حملة توعوية واسعة النطاق بشأن السلع والمنتجات المقاطعة، حتى لا يُسهم أي يمني في دعم الشركات المتورطة في دعم اعتداءات جيش الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه بحق أطفال غزة ونسائها وشيوخها وبنيتها التحتية التي أصبحت شبه مدمرة بالكامل.

من جهته، يعتبر رئيس "الجمعية اليمنية لحماية المستهلك" فضل منصور في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن مقاطعة منتجات الشركات الأميركية والإسرائيلية الداعمة لكيان الاحتلال هي من أهم الأدوات الاقتصادية المؤثرة سلباً في اقتصادات الدول المعنية، فضلاً عن كونها إحدى أهم الوسائل المتاحة للدول والشعوب العربية في مواجهة هذا العدوان البربري المتواصل من دون هوادة وبلا وازع لا من ضمير ولا من قانون دولي أو إنساني.

بدورها، أصدرت "الجمعية اليمنية لحماية المستهلك" بيانات عدة دعت فيها المستهلكين اليمنيين إلى مقاطعة شراء المنتجات الاستهلاكية الأميركية والإسرائيلية ومختلف الشركات والدول الداعمة للكيان الغاصب.

كما طالبت في الوقت ذاته، وفق منصور، بضرورة العمل على دعم الإنتاج الوطني، وإحلاله بديلاً من السلع التي جرى إيقاف استيرادها، لتتم من خلال ذلك تغطية طلبات واحتياجات المستهلكين المحتاجين إليها داخل اليمن.

كذلك دعت الجمعية عدداً من جمعيات حماية المستهلك العربية إلى أداء دور أكثر فعالية، من أجل مساندة حملات المقاطعة، ودعوة كل المستهلكين لمقاطعة بضائع ومنتجات الشركات الداعمة للكيان المحتل، باعتبار ذلك أحد الأسلحة المؤثرة في الانتصار لحقوق الشعب الفلسطيني.

وقد طالبت الجمعية اليمنية، و"جمعية المستهلك في لبنان"، و"الاتحاد اللبناني لحماية المستهلك"، و"جمعية حماية المستهلك بدمشق وريفها"، و"الاتحاد الوطني الجزائري لحماية المستهلك"، و"المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه"، في بيان مشترك سابقاً، جميع المستهلكين من أبناء الشعوب العربية والإسلامية إلى التضامن الكامل مع أشقائهم في فلسطين المحتلة، وذلك من خلال حض حكوماتهم على القيام بمسؤولياتها الإنسانية والدينية والقومية تجاه الشعب الفلسطيني المظلوم.

وتسعى الجهات المعنية في صنعاء لاستغلال هذه القرارات اليمنية الخاصة بحملات المقاطعة والمساندة للشعب الفلسطيني في غزة، والاهتمام الرسمي بتنمية الأنشطة الاقتصادية والإنتاجية المحلية، حيث أعلنت وزارة الصناعة والتجارة في هذا الخصوص، أن لديها خطة طموحة لتنمية الإنتاج المحلي، وتطوير الصناعات بمختلف أنواعها، خاصة الصناعات المتوسطة والصغيرة والأصغر، لما لها من أهمية اقتصادية في إيجاد نشاط اقتصادي واسع يستوعب الأيادي العاملة.

بدورها، تؤكد هيئة تنمية المشاريع الصغيرة والأصغر في صنعاء أهمية وضع خطة تعمل على معالجة المشاكل التي يعاني منها صغار المنتجين، وفق دراسات بحثية ميدانية.

أكرم شاهر، مسؤول في جمعية عاملة في دعم وتنمية الأسر المنتجة، يقول في هذا الخصوص لـ"العربي الجديد"، إن الإغراق الذي تتعرض له الأسواق المحلية في اليمن ساهم في إضعاف قدرات المشاريع الإنتاجية الأسرية والأعمال المهنية والحرفية والصناعات الصغيرة، إذ تعاني مختلف هذه الأنشطة الإنتاجية من تبعات الفوضى الحاصلة في الأسواق المحلية التي تغرق بالسلع والبضائع المستوردة من الخارج طوال السنوات الماضية، والتي استنزفت عملية استيرادها أموالاً طائلة تكشفت تأثيراتها مع اندلاع الحرب والصراع الراهن في اليمن، وما يشهده من أزمات اقتصادية ومالية طاحنة.

وتعاني الأسواق المحلية في اليمن من عملية إغراق واسعة، بسبب الاستيراد المفتوح بدون ضوابط ومعايير محددة، مع وصول الأمر إلى انتشار سلع ومنتجات مستوردة فائضة عن الحاجة، كثير منها تُعد في متناول الصناعات الصغيرة والمشاريع الإنتاجية المحلية والأعمال الحرفية والمهنية في عملية توفيرها، في حين تؤكد جمعيات ومنظمات متخصصة بالصناعات الحرفية والمهنية في اليمن افتقاد مجتمع الحرفين والمهنيين في اليمن للاهتمام بمنتجاتهم، وافتقادهم إلى المواد الخام التي تستند إليها أعمالهم، الأمر الذي تسبب في توقف نسبة كبيرة منها بشكل تدريجي خلال السنوات القليلة الماضية.

ويرى شاهر أن الوضع الراهن وتطورات الأحداث الأخيرة في المنطقة وتفاعل اليمن معها، تمثل فرصة مهمة لتصحيح كثير من المفاهيم والقرارات والتوجهات الخاطئة، وتغيير منهجية وسياسة التعامل مع القطاعات والمشاريع الإنتاجية الأسرية والصناعية والمهنية الواعدة، كما تمثل قرارات المقاطعة بالمقابل فرصة واعدة يجب استغلالها من قبل المنتجين المحليين لتطوير منتجاتهم، وتلبية احتياجات السوق المحلية من السلع والمنتجات التي بالإمكان تغطيتها وتوفيرها بدلاً من استيرادها.

يتطلب الأمر كذلك الأخذ بيد صغار المنتجين لتنمية قدراتهم الإنتاجية والتسويقية، عبر تعاون مشترك بين جميع الجهات ذات العلاقة في اليمن، لحل كل المشاكل التي تواجه الأسر المنتجة وصغار المنتجين، وترتيب أوضاعهم، وحماية منتجاتهم من الإغراق، وتدريبهم في مجالات التصنيع والإنتاج والتغليف والتسويق، وتسجيل علاماتهم التجارية.

ولجأ كثير من اليمنيين إلى مشاريع إنتاج الغذاء للتكيف مع الأزمات الاقتصادية والمعيشية، حيث ساهمت بشكل كبير في خلق نوع من التكافل الاجتماعي والاقتصادي، وتنمية أعمال وأنشطة إنتاجية، وإنعاش جزء من الحركة التجارية في الأسواق المحلية التي افتقدتها نتيجة الصراع الذي تسبب في مثل هذه الأزمات المعيشية والاقتصادية المتفاقمة بطرق مختلفة من فترة لأخرى.

وتشير تقارير اقتصادية إلى أن الاستثمار في دوافع التنمية سيمهد الطريق لتنمية اجتماعية، واقتصادية، مستدامة ومنصفة في اليمن، بمنهجية جديدة وفاعلة قد تفضي إلى تحسن مستدام في الأمن الغذائي، وخلق فرص عمل جديدة وكبيرة، وتخفيف الاختلالات التجارية، وتعزيز قيمة العملة الوطنية.

بدوره، يعتقد الباحث الاقتصادي علي قايد، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الفرصة مواتية لعمل عربي اقتصادي مشترك، يحدد آليات جديدة لزيادة التعاون التجاري، ووضع خطط اقتصادية واستثمارية مشتركة بين الدول العربية، لتنمية ما تتميز به كل دولة من قطاعات إنتاجية واعدة، والاستفادة من خبرات وتجارب كل دولة، وإيجاد مشاريع مشتركة في الكهرباء والزراعة والغذاء والمياه، لتنمية مثل هذه المشاريع والصناعات الصغيرة والمتوسطة في كل دولة.

المساهمون