اليمن: انتعاش عقاري مشبوه يرفع أسعار مواد البناء

01 ابريل 2021
إقبال على الاستثمار في القطاع العقاري رغم تواصل الصراعات (محمد حمود/الأناضول)
+ الخط -

وصلت موجة الارتفاعات السعرية التي باتت تطاول كل شيء تقريباً في اليمن، إلى مواد ومستلزمات البناء، خلال الفترة الأخيرة، بعدما قفزت أسعارها بنسبة تزيد على 80% منذ نهاية العام الماضي، حسب تجّار لـ"العربي الجديد".
وبالرغم مما يشهده اليمن من معارك متصاعدة وتطورات متلاحقة على المستويين السياسي والدبلوماسي، تبرز الحركة العقارية التي عادت للازدهار أخيراً بعد فترة ركود استمرت طوال العام الماضي، لتثير الجدل بشأنها في هذه الظروف الصعبة، وهو ما يجعلها في نظر مراقبين محل شبهة يستغل فيها نافذون برزوا خلال الحرب الراهنة ما يمر به البلد حالياً من صراع وتوترات متصاعدة لضخ أموال طائلة ومشبوهة في العقارات وأعمال البناء.

قفزة في الأسعار
قفزت أسعار مواد البناء بصورة كبيرة تشمل جميع المواد والمستلزمات، إذ زاد طن الحديد من 420 ألف ريال إلى 550 ألفا (نحو 900 دولار) في صنعاء ومناطق في شمال اليمن، بينما وصل سعره في عدن وبعض المحافظات الخاضعة افتراضيا لسيطرة الحكومة اليمنية إلى 750 ألف ريال، إذ تشهد هذه المناطق انخفاضا واضطرابا متواصلا لسعر صرف العملة الوطنية والذي يتأرجح ما بين 850 و900 ريال للدولار خلال الفترة الأخيرة.

الخبير الهندسي، نجيب العديني، يشير لـ"العربي الجديد"، إلى تضافر مجموعة من العوامل التي ساهمت في خلق أزمة سعرية في قطاع مزدهر ونشيط ويستقطب عشرات من الأيدي العاملة.
ويتحدث العديني عن أزمة الوقود المتواصلة منذ العام الماضي، إضافة إلى تقلبات الأسواق العالمية وعدم استقرار أسعار الحديد والذي زاد سعره أخيراً، ما انعكس على الأسواق المحلية في اليمن.

زاد سعر كيس الإسمنت 50 كيلوغراما من 3200 ريال إلى أكثر من 4 آلاف ريال، في ظل أزمة كبيرة تشهدها بعض الأسواق اليمنية مثل صنعاء

فيما زاد سعر كيس الإسمنت 50 كيلوغراما من 3200 ريال إلى أكثر من 4 آلاف ريال، في ظل أزمة كبيرة تشهدها بعض الأسواق اليمنية مثل صنعاء نتيجة تراجع إنتاج مصانع الإسمنت، مثل مصنع عمران الحكومي الذي يغطي احتياجات العاصمة اليمنية وكثير من المدن والمحافظات في البلاد من هذه المادة، وانخفض بشكل كبير، حسب العديني.
في هذا السياق، يقول المقاول والخبير العقاري، يحيي الوصابي، إن أزمات متلاحقة كانت لها تأثيرات وتبعات كارثية على القطاع الصناعي بشكل عام في اليمن ومنها مصانع الإسمنت التي توقف بعضها عن العمل لعدم قدرته على توفير المازوت لتشغيل المصانع العاملة في هذا المجال.
ويرجع في حديثه لـ"العربي الجديد"، سبب الأزمة الراهنة في الجانب العقاري وأسعار مواد البناء إلى ارتفاع الطلب على هذه المواد مقابل عرض محدود وهو ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، وبالتالي ينعكس سلباً على مختلف العاملين في هذا القطاع من مقاولين وشركات وعمال نتيجة تضرر أعمالهم وتكبدهم خسائر فادحة تجبر البعض على تقليص أنشطته والأيدي العاملة.

تردي آلات البناء
من جانبه، يوضح الخبير المختص بأعمال البناء، غالب القدسي، لـ"العربي الجديد" أن تردي الآلات المستخدمة وعدم خضوعها للصيانة واستعمال معدات قديمة في قطاعات من أعمال البناء وخاصة تقطيع الحجارة للزينة، تؤدي إلى إنتاج منتجات لا تتوافق مع المواصفات والمعايير المطلوبة.
يتحدث القدسي عن كون هذه المعضلة من المشاكل المزمنة التي عانى منها اليمن طوال السنوات الماضية، وأفقد هذه المنتجات القدرة على التصدير والمنافسة.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وأوضح أن قلة العمالة الماهرة والمدربة وعدم امتلاك مشاغل خاصة تمتلك معدات حديثة، يؤديان إلى هدر نسبة كبيرة من خامات أحجار البناء والزينة عند عملية التقطيع بالطرق التقليدية.
وتشهد الأسواق عمليات انتشار عشوائية لـ"مناشير" أحجار البناء والزينة في جميع مراكز المحافظات في ظل تواجدها ضمن الأحياء السكنية، الأمر الذي يسبب إزعاجاً دائماً للسكان.

أوقفت الحرب الدائرة في البلاد منذ 5 سنوات تنفيذ مشاريع كان مخططا لها لإنشاء مجمعات صناعية تضم كافة المعامل والمشاغل و"المناشير"

وأوقفت الحرب الدائرة في البلاد تنفيذ مشاريع كان مخططا لها لإنشاء مجمعات صناعية تضم كافة المعامل والمشاغل و"المناشير" واختيار مواقع لتلك المجمعات خارج مراكز المدن، بعيداً عن التجمعات السكانية وربطها بالخدمات العامة الضرورية، بهدف تحقيق الاستفادة المثلى من الخامات والحد من التأثيرات السلبية الناتجة عن أنشطة إنتاج مواد البناء على المجتمعات.
وتستهلك صناعة أحجار البناء والزينة في اليمن كمية كبيرة من المياه، خصوصاً أثناء عملية التقطيع، خاصة وأن اليمن يعتمد أساساً في موارده المائية على مصادر المياه الجوفية، ومع استمرار عملية استنزاف تلك المصادر بدون وضع الحلول المناسبة، مثل إعادة استخدام المياه، فإن ذلك سيؤدي إلى تفاقم مشكلة الجفاف.
ويفسر الباحث الاقتصادي مراد منصور لـ"العربي الجديد"، أن معامل كثيرة اجتذبت رؤوس أموال طائلة ضمن توجه نافذين وأثرياء جدد وتجار حرب للاستثمار في القطاع العقاري، إذ تدور حركة أموال هائلة في مختلف المناطق اليمنية خصوصاً المدن الرئيسية حيث وجدت في هذا القطاع ملاذاً آمناً لتسييل أموال مجهولة المصدر.

وارتفعت هذه الحركة العقارية وأعمال البناء أخيراً بالتوازي مع تصاعد المعارك في مأرب ومناطق أخرى.

المساهمون