الوقود يشعل نيران التضخم في مصر: غلاء النقل والغذاء

25 مارس 2024
زيادة أسعار الوقود ما بين 8% و33% (خالد الدسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الحكومة المصرية رفعت أسعار الوقود بنسب تتراوح بين 8% و33%، مما أثار جدلًا وغضبًا بين المستثمرين والمواطنين، وأدى إلى تصاعد معدلات التضخم إلى 35.7%، في ظل تحديات اقتصادية كبيرة تواجه البلاد.
- المستثمرون في قطاعات الصناعة والعقارات والسياحة وصفوا القرار بالمتعجل وطالبوا بانتظار تطبيق مرونة سعر الصرف، بينما حذر برلمانيون ومحللون من تأثير الزيادة على أسعار السلع الأساسية والخدمات.
- استجابة لزيادة أسعار الوقود، رفعت الحكومة أسعار حافلات الركاب وتذاكر السفر، مما أثار استياء السائقين وأدى إلى تأثر أسعار العقارات ومواد البناء، مما ينذر بتضخم ركودي ويدفع الحكومة للبحث عن مصادر دخل بديلة.

 

تسكب الحكومة المصرية نار الغلاء على الوقود برفع أسعار جميع مشتقاته ما بين 8% و33% دفعة واحدة، ما يصعد بمعدلات التضخم التي عادت إلى الصعود نحو مستواها القياسي الشهر الماضي، ببلوغها 35.7%، بعد هدوء نسبي استغرق شهرا واحدا، عن معدلاته التي سادت في النصف الثاني من عام 2024.
يتوقع محللون أن يتخطى التضخم مستوياته القياسية المحققة بنسب فاقت 40% منذ منتصف العام الماضي، مدفوعة بزيادة هائلة في أسعار الوقود والنقل، انتقلت آثارها السلبية فور تطبيقها إلى أسواق السلع الغذائية والعقارات والخدمات العامة والسياحة، واستباق الجهات الحكومية القطاع الخاص برفع أسعار المواصلات، والخدمات المرتبطة بهما.

أثار قرار رفع الأسعار غضبا بين المستثمرين في قطاعات الصناعة والعقارات والسياحة. ووصف أعضاء بجمعية رجال الأعمال المصريين القرار بأنه متعجل، مشيرين لـ"العربي الجديد" إلى ضرورة انتظار فترة من الوقت لاختبار مدى جدية الحكومة في تطبيق مرونة سعر الصرف، بما يسمح بدخول السلع ومستلزمات الإنتاج عند مستويات متراجعة للدولار، من مستوى فوق 70 جنيها إلى معدلاته المتراجعة نحو 45 جنيها.

تسعى الحكومة إلى دفع المواطنين إلى خفض معدلات استهلاك المواد النفطية، مع رفع معدلات تصدير الغاز الطبيعي إلى الخارج للحصول على العملة الصعبة المتراجعة من عوائد قناة السويس وتحويلات المصريين بالخارج والسياحة، بينما تزيد معدلات التضخم أزمة القطاعات الإنتاجية والأعباء المعيشية للأسر.

تبرر الحكومة قرار رفع الأسعار بأنه "تصحيح لأسعار المنتجات البترولية التي ترتفع عالميا تحت ضغوط هجمات الحوثيين على السفن بالبحر الأحمر".

ارتفاع أسعار السلع
حذر برلمانيون من خطورة رفع أسعار الوقود على أسعار السلع الأساسية والخدمات، في ظل تراجع كبير لمستويات الدخول وقيمة الجنيه، بما يرفع من معدلات الفقر والبطالة.
توقعت شعبة الدواجن بالغرفة التجارية ارتفاع أسعار الدواجن بنفس القيم التي زادت بها أسعار الغاز الطبيعي المستخدم لتدفئة عنابر الإنتاج بالإضافة إلى الزيادة التي بلغت 20% في أسعار النقل البري. عبر نقيب الفلاحين صدام أبو حسين عن خشيته من ارتفاع تكلفة أسعار غنتاج المحاصيل والخضر والفاكهة، مع الزيادة الكبيرة في سعر السولار، الذي يعتبر أهم مصدر لتشغيل الآلات الزراعية والنقل بالمحافظات.
توقع رئيس شعبة التموين باتحاد الغرف التجارية متى بشاي، في بيان صحافي، أن تزيد أسعار السلع ما بين 5% و12%، خلال الفترة المقبلة.

غلاء مواد البناء
يخشى عقاريون من أن تدفع أسعار الوقود إلى زيادة جديدة في أسعار منتجات مواد البناء والنقل والتشغيل، القائمة على استهلاك كميات كبيرة من السولار والغاز، وبخاصة الإسمنت والحديد والدهانات، مواكبة لزيادة هائلة في سعر الأخشاب والزجاج.
ارتفعت أسعار العقارات بنسبة 30% خلال الأسبوعين الماضيين متأثرة بقرار تعويم الجنيه، الذي أدى إلى تراجع في قيمته بنسبة 55% رسميا من مستوى 31 جنيها إلى 47 جنيها للدولار.
ويبدي رجال الأعمال مخاوفهم من أن تؤدي زيادة الوقود إلى تضخم ركودي بالأسواق، مع التراجع الكبير في قيمة الدخل الحقيقي للمواطنين، أثر على قدراتهم الشرائية، وزيادة تكلفة التشغيل التي أصبحت مع شح الدولار تمثل أهم العناصر التي تدفع المنتجين إلى تقليص الإنتاج والوظائف على مدار الأشهر الماضية.

زيادة أجرة المواصلات
بدأت الحكومة برفع أسعار حافلات الركاب داخل العاصمة والمدن الكبرى بنحو 11%، بينما زادت أسعار تذاكر السفر بين المدن بنحو 15%، على وسائل النقل العامة والخاصة فور صدور قرار لجنة تسعير الوقود. أجلت الحكومة رفع أسعار تذاكر السفر بالقطارات إلى حين انتهاء إجازات عيد الفطر، ولمدة 3 أسابيع.

استبقت الحكومة غضب سائقي القطاع الخاص وفرض رسوم النقل على سيارات الركوب الخاصة "الميكروباص بوضع زيادة 15% عن الأسعار السائدة، قبل الرفع الأخير لسعر البنزين والسولار، مع تطبيق نفس المعدلات على سيارات الأجرة "التاكسي" داخل المدن، ورفع قيمة فتح عداد التاكسي إلى 8.5 جنيهات، ليصل سعر الكيلومتر إلى 4 جنيهات بالقاهرة الكبرى، وفي الإسكندرية يبدأ من 9.25 جنيهات، بينما سعر الكيلومتر يبلغ 3.25 جنيهات.

يرفض السائقون الالتزام بالتعرفة التي فرضتها وزارة التنمية المحلية، مطالبين برفعها إلى نسب تتخطي 25% من قيمتها السائدة الأسبوع الماضي، مشيرين إلى تجاهل الحكومة ارتفاع أسعار زيوت السيارات وقطع الغيار المتصاعدة بشدة.
ورفعت سيارات النقل قيمة تكاليف الشحن بمعدل 20% اعتبارا من الأسبوع الجاري، بينما تمسكت سيارات النقل المتخصصة في نقل الخضراوات بين المزارع والأسواق وتسويق المنتجات الغذائية والصناعية برفع سعر النقل بنحو 25% دفعة واحدة.

استبقت الحكومة غضب سائقي القطاع الخاص وفرض رسوم النقل على سيارات الركوب الخاصة "الميكروباص بوضع زيادة 15% عن الأسعار السائدة، قبل الرفع الأخير لسعر البنزين والسولار


يبرر سائق النقل ياسر المحمدي لـ"العربي الجديد" الارتفاع الكبير في سعر تكلفة النقل بتحمل أصحاب السيارات فروق تكلفة زيادة سعر الزيوت وخدمات الصيانة التي تحتاجها السيارات. يشير المحمدي إلى ارتفاع أسعار زيوت التشحيم بنسبة 50%، خلال 3 أشهر، لافتا إلى ارتفاع تكاليف الصيانة وقطع الغيار التي ما زالت مرتبطة بسعر الدولار المرتفع عند 70 جنيها للدولار.

ترفض الحكومة تدبير الدولار لشركات السيارات وقطع الغيار، رغم توفره بالبنوك، حيث تعطي أولوية للسلع الغذائية والأدوية التي تطلبها الشركات والهيئات العامة، ما يدفع موردي قطع الغيار وزيوت التشحيم لتدبير الدولار من السوق الموازية أو البنوك مقابل عمولة تصل إلى 16%، حيث يبلغ سعر الدولار نحو 55 جنيها.

تحول سعر البنزين والسولار إلى أعلى وسم "تريند" في وسائل التواصل الاجتماعي، منذ قرار رفع الأسعار الذي صدر منتصف ليلة الجمعة الماضية. رغم توقع المواطنين ارتفاع أسعار الوقود، على مدار أسابيع مضت، إلا أن تعهد رئيس الجمهورية في احتفالات عيد الأم بعدم إضافة أية أعباء على كاهل الأسر في شهر رمضان واستعجاله صرف علاوة بالمعاشات ورواتب العاملين بالدولة والقطاع العام لمواجهة التضخم، جعلت الجمهور يستبعد القرار الذي باغتهم بعد الخطاب الرئاسي بساعات.

المساهمون