الهيدروجين الجيولوجي... كنز عُمان المستقبلي

05 أكتوبر 2023
عُمان توجه اهتماما كبيرا لتطوير قطاع الطاقة (Getty)
+ الخط -

 

يُعرف "الهيدروجين الجيولوجي" بأنه الهيدروجين المستكشف تحت الأرض، وتستهدف سلطنة عمان أن تكون أول دولة عربية تبحث إمكانية استكشافه من أعماق أراضيها، عبر الاستعانة بالخبرات الأميركية، ما ترجمه تنظيم وزارة الطاقة والمعادن لورشة عمل فنية بالتنسيق مع وزارة الطاقة الأميركية، في 24 سبتمبر/أيلول الماضي.
وينبعث الهيدروجين الجيولوجي بشكل طبيعي في عدة مناطق حول العالم، ناتجا من تفاعل المياه الجوفية مع المعادن الغنية بالحديد، مثل صخور الأوليفين، الموجودة بكثرة في دول، بينها سلطنة عمان، خاصة منطقة جبال الحجر.
وتتميز المنطقة بوجود صدوع ضخمة، قد تسمح بتسرب الهيدروجين إلى مواقع قريبة من سطح الأرض.
ويمكن للهيدروجين الجيولوجي أن يمثل مصدر طاقة أوليا منخفض التكلفة ونظيف، إذا ما تم استكشافه بكميات وفيرة من الأرض عن طريق الحفر، كما الغازات الأخرى.

جيل الطاقة الجديد
ويشير الخبير الاقتصادي المتخصص في اقتصاديات الطاقة، نهاد إسماعيل، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن الهيدروجين الجيولوجي "قد يقلب مشهد الطاقة العالمي"، واصفا إياه بأنه "بمثابة الجيل الجديد من مصادر الطاقة منخفضة الكربون".

ويوضح إسماعيل أن مناقشة استخراج الهيدروجين من باطن الأرض كانت لأول مرة في مؤتمر افتراضي عقد في يونيو/حزيران 2021 بحضور 500 عالم وخبير، لكنهم أجمعوا على أن هناك حاجة لمزيد من الدراسات والأبحاث حول الأمر؛ "لأنه من المبكر جدا وضع تقدير علمي موضوعي عن فعالية وجدوى الهيدروجين الجيولوجي".
لكن الخبرة الطويلة في إنتاج النفط والغاز ستساعد في عمليات الاستخراج المحتملة للهيدروجين بأقل تكلفة، وهي عمليات سيكون لها ميزة خاصة، بحسب إسماعيل، إذ إن الهيدروجين الجيولوجي لا يحتاج إلى ماء نقي كما هو الحال في إنتاج الهيدروجين الأخضر.
ويؤكد إسماعيل أن سلطنة عمان ستكون في طليعة منتجي الهيدروجين الجيولوجي حال ثبوت وجوده بكميات تجارية مجدية اقتصاديا، مشيرا إلى أن بعض الدراسات الأولية، أوردتها مجلة "ذا نيو ساينتست" الأميركية ترجح وجوده في أعماق الأرض والمحيطات لمدة تكفي قرونا من الزمان.
لكن إسماعيل ينوه، في الوقت نفسه، إلى الحاجة للمزيد من الدراسات لتقدير تكلفة إنتاج الهيدروجين الجيولوجي والفوائد المتوقعة منه.

هيدروجين منخفض التكاليف
وفي السياق، يشير الخبير الاقتصادي الأردني، عامر الشوبكي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن الهيدروجين الجيولوجي هو مرحلة جديدة يُنظر لها بعين التفاؤل لتخفيف كلفة إنتاج الهيدروجين، ومفتاح لمرحلة تحول الطاقة، خاصة بالصناعات ذات الاستخدامات الكثيفة للطاقة، والتي لا يمكن تغطيتها بمصادر الطاقة المتجددة.

يشير الخبير الاقتصادي الأردني، عامر الشوبكي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن الهيدروجين الجيولوجي هو مرحلة جديدة يُنظر لها بعين التفاؤل


فالعقبة الأساسية في إنتاج الهيدروجين هي التكلفة، ويُنظر إلى الجيل الأخضر من الهيدروجين تحت الأرضي على أنه الأمل، خاصة أن تكاليف إنتاج الهيدروجين الأخضر التقليدي تمثل 4 أضعاف تكلفة إنتاج الهيدروجين من الوقود الأحفوري، بحسب الشوبكي.
ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أن الهيدروجين الجيولوجي يتولد بشكل طبيعي في طبقات الأرض، وبتجاويف تحوي مياها جوفية تتلامس مع بعض الصخور التي تحوي كمية من الحديد وعناصر أخرى يتم التفاعل فيما بينها.
ولذا يُنظر لهذا الهيدروجين على أنه سيكون "مصدرا رخيصا" قد يذلل عقبات كبيرة أمام استخدام الهيدروجين كمصدر للطاقة في العديد من الصناعات، حسب الشوبكي.
وعن الأثر الاقتصادي لاستخراج الهيدروجين تحت الأرضي، ينوه الشوبكي إلى أنه يتعلق باستدامة استخراجه، باعتباره مصدرا متجددا على الأرجح، خاصة إذا ما استخدمت بعض التقنيات لتحفيز عملية التفاعل السابق ذكرها في باطن الأرض.
ومن هذا المنطلق، يأتي اهتمام سلطنة عمان بأن تكون لاعبا رئيسيا في تصدير الهيدروجين على المديين المتوسط والقريب، فهي تدرك أهمية الهيدروجين تحت الأرضي في مستقبل الطاقة العالمية من جانب، وتطمح إلى تعظيم إيرادات اقتصادها من جانب آخر، حسب الشوبكي.

المساهمون