خفض البنك المركزي الألماني، اليوم الجمعة، توقعات النمو لعامي 2021 و2022، نتيجة الأزمة المتواصلة في سلاسل الإمداد وموجة تفشي كورونا الجديدة، في نكسة من شأنها أن تعترض الخطوات الأولى للحكومة الجديدة.
وتوقع البنك المركزي نمو إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 4.2% العالم المقبل، بالمقارنة مع 5.2% في توقعاته السابقة في يونيو/حزيران. أما بالنسبة للسنة الجارية، فخفض توقعات النمو من 3.7% إلى 2.5%.
كما نشر معهد "إيفو"، المعهد الاقتصادي الرئيسي في ألمانيا، مؤشره لمعنويات قطاع الأعمال الذي عكس تراجعا للمرة السادسة على التوالي في ديسمبر/كانون الأول.
وبلغ هذا المؤشر الذي يثير اهتمام المحللين، 94.7 نقطة بتراجع 1.9 نقطة في شهر، ما يكشف عن الصعوبات التي لا يزال أول اقتصاد أوروبي يواجهها.
وأرقام البنك المركزي مشابهة لبيانات وزارة الاقتصاد التي توقعت في آخر أرقام أصدرتها في أكتوبر/تشرين الأول زيادة إجمالي الناتج الداخلي 4.1% عام 2022. وأوضح البنك المركزي في بيانه أن "القيود الناجمة عن الوباء وأزمة سلاسل الإمداد تكبح النمو".
أزمة سلاسل الإمداد مستمرة في ألمانيا
هذا وتواجه ألمانيا منذ عدة أسابيع وضعا صحيا متدهورا مع استمرار تفشي وباء كوفيد-19، ما أرغم الحكومة على معاودة فرض قيود صحية تكبح الانتعاش الاقتصادي، فيما يثير ظهور المتحورة أوميكرون الأشد عدوى في أوروبا مخاوف من طفرة وبائية جديدة.
من جهة أخرى، تنعكس أزمة المواد في الأسواق العالمية على الصناعات التحويلية التي تعتبر قطاعا أساسيا في الاقتصاد الألماني. فقد أثار الوباء بلبلة في سلاسل الإمداد وتسبب بأزمة في المواد الأولية والمكوّنات، ما يعزز الضغوط التضخّمية.
وتوقع البنك المركزي وصول التضخم الذي يعتبر موضوعا حساسا لدى الرأي العام، إلى متوسط 3.2% عام 2021 و3.6% عام 2022. وتطاول الأزمة بصورة خاصة صناعة السيارات التي تعتبر ركيزة الاقتصاد الألماني وتسجل تراجعا في الإنتاج متواصلا منذ خمسة أشهر.
كذلك تراجعت الطلبيات الصناعية بنسبة 6.9% في أكتوبر/تشرين الأول بحسب البينات الرسمية بعد ارتفاع بنسبة 1.8% في سبتمبر/أيلول. وشهد الإنتاج الصناعي تراجعا منذ عدة أشهر فبقي دون مستواه ما قبل الأزمة الصحية رغم إحراز تقدما قدره 2.8% في أكتوبر.
وأوضح رئيس البنك المركزي المنتهية ولايته ينس فايدمان في بيان أن "الانتعاش سيتأخر قليلا".
توقعات بمزيد من التراجع للناتج الداخلي الألماني
وبعد تسجيل انتعاش بدأ في الربيع مع زيادة قدرها 2% في الفصل الثاني من السنة و1.7% في الفصل الثالث، يواجه الاقتصاد الألماني انكماشا في الشتاء.
وتوقع معهد إيفو تراجع إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 0.5% في الفصل الرابع. غير أن الوضع سيتحسن اعتبارا من "الربيع المقبل" بحسب البنك المركزي. إلا أن هذه الأوضاع الاقتصادية الهشة قد تعرقل خطط الائتلاف الحكومي الجديد برئاسة الاشتراكي الديمقراطي أولاف شولتز وبمشاركة الخضر والليبراليين.
فزيادة الاستثمارات العامة من أجل المناخ والبنى التحتية تشكل محوراً أساسياً في برنامج الحكومة التي ستحتاج إلى تحقيق نمو اقتصادي من أجل تمويله.
وصادقت برلين الإثنين على مبلغ إضافي قدره 60 مليار يورو في موازنة عام 2021، مخصصة لاستثمارات إضافية، ولا سيما من أجل المناخ.
وأوضح وزير المالية الجديد كريستيان ليندنر أن هذه الأموال سيتم اقتطاعها من "قسم" من الديون التي تم اقتراضها هذه السنة غير أنها "لم تستخدم".
وأثارت هذه الوسيلة الحسابية انتقادات المعارضة، إذ ارتفعت أصوات تساءلت حول قانونية مثل هذا التدبير. ويعتزم المحافظون في الاتحاد المسيحي الديمقراطي تقديم طعن لدى المحكمة الدستورية في كارلسروهه.
ولفت المحلل لدى "آي إن جي" كارستن برزيسكي إلى أن ألمانيا تنهي العام "في أسفل ترتيب النمو في منطقة اليورو"، ولا سيما بالمقارنة مع فرنسا التي يتوقع أن تسجل نموا يفوق 6%.
لكن برزيسكي أكد أن "لا داعي للقلق"، موضحا أن "تدابير الإنعاش الحكومية السابقة وسياسات الاستثمار المذهلة للحكومة الجديدة ستتحقق عام 2022" وستعود ألمانيا "بطلة النمو في أوروبا".