النفط اليمني: انهيار مع تفاقم تبعات حرب السفن

10 فبراير 2024
أمام مصفاة عدن التي تواجه الأزمات (صالح العبيدي/ فرانس برس)
+ الخط -

انضمت أحداث البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن إلى العديد من العوامل التي تسببت في انكماش النفط اليمني، حيث انخفض متوسط الإنتاج اليومي من النفط من 61600 برميل في العام 2021 إلى أقل من 50 ألف برميل نهاية عام 2022.

نتيجة لذلك، توقع البنك الدولي حدوث انكماش في الاقتصاد اليمني بنسبة 0.5 في المائة عام 2023، مما يشكل تناقضاً حاداً مع معدل النمو البالغ 1.5 في المائة الذي شهده العام 2022، وبقاء عجز المالية العامة عند حوالي 2.9 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في العام 2023.

ويسود ترقب واسع في اليمن من تبعات أحداث البحر الأحمر على اليمن، حيث أعلنت شركة "توتال" الفرنسية، المستثمر الرئيسي في مشروع الغاز الطبيعي المسال في اليمن، توقفها عن المرور في البحر الأحمر حيث لم ترسل أي سفينة للمرور عبر باب المندب منذ عدة أسابيع، فيما ارتفعت تكلفة شحن الوقود من الشرق الأوسط.

بالمقابل، تسببت بعض التحديات مثل تقلبات أسعار العملة، وارتفاع التضخم، واشتداد الاضطرابات الاجتماعية في تراجع أداء القطاعات الاقتصادية غير النفطية. كما زادت الضغوط على المالية العامة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، ويعود السبب الرئيس لذلك، وفق الخبراء، إلى هبوط صادرات النفط اليمني.

انكماش النفط اليمني

حيث يشير التراجع الواضح في إيرادات الحكومة في النصف الأول من عام 2023 إلى احتمال حدوث انخفاض بنسبة 40 في المائة خلال العام الحالي. هذا التراجع المتزايد، ناجم في معظمه، بحسب الخبراء، عن انكماش القطاع النفطي، نظرًا لانخفاض الإيرادات الجمركية بسبب تحول الواردات عن ميناء عدن.

وفي مواجهة تراجع الإيرادات ورغبة منها في حماية المالية العامة، قامت الحكومة بتخفيضات كبيرة في أوجه الإنفاق. غير أن هذه التدابير بحسب تقرير البنك الدولي قد تفرض مزيدًا من التحديات، أمام الحفاظ على الخدمات العامة الأساسية وتعزيز النمو الاقتصادي على المدى الطويل.

الخبير الجيولوجي المتخصص في النفط والغاز والاستشاري في تنمية الموارد الطبيعية عبد الغني جغمان يؤكد في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن هناك تقويضاً للدولة في مناطق الحكومة المعترف بها دولياً والتي تبيع الوهم لليمنيين بمشاريع مجهولة المردود.

ويشرح أنه فيما يلاحظ الجميع ما يجري من شراكات ومشاريع استثمارية في دول مجاورة كما حدث في سلطنة عمان وشراكتها مع الكويت في مشروع مصفاة "الدقم" العمانية بطاقة إنتاجية 230 برميلاً يومياً، لا تزال مصافي اليمن معطلة، وما يتم الإعلان عنه من مشاريع ليس سوى صفقات فساد مشبوهة من تحت الطاولة لبيع حقول النفط اليمني بثمن بخس.

ويشير جغمان إلى تكرار ظاهرة الصراع على الموارد في مناطق الحكومة، والذي يعود من وجهة نظره إلى فشل إدارة الدولة في معالجة الاختلالات المالية والإدارية في القطاعات النفطية مع انهيار قطاع الكهرباء. ويأمل كثيرون أن يؤدي القرار الأخير لمجلس القيادة الرئاسي بتعيين وزير الخارجية والمغتربين أحمد عوض بن مبارك رئيساً جديداً للحكومة المعترف بها دولياً خلفاً لمعين عبدالملك، إلى وضع حد للجدل الدائر في مناطق إدارة الحكومة حول سياستها في وقف تدهور الاقتصاد والعملة المحلية، في ظل ما تشهده هذه المناطق من احتقانات واضطرابات بين المكونات المحسوبة على الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من قبل دولة الإمارات.

ضربة للاقتصاد

في السياق، يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز اليمنية محمد قحطان لـ"العربي الجديد"، إن توقف صادرات النفط اليمني والغاز التي تشكل نحو 90 في المائة من إجمالي الصادرات اليمنية شكّل ضربة قوية للاقتصاد اليمني وبالتالي تم استنزاف كل ما هو متاح من أرصدة للدولة بالعملات الأجنبية وصارت عاجزة عن تلبية التزاماتها الخارجية، وبالأخص تغطية متطلبات الواردات.

ويلفت إلى أن هذا الأمر أدى إلى مضاعفات عديدة على الوضع الاقتصادي؛ منها ارتفاع كبير للعجز في ميزان المدفوعات اليمني وصعوبة الاستيراد، وارتهان الدولة للمساعدات والمنح الخارجية وتدهور غير مسبوق للأوضاع الاقتصادية والإنسانية.

ويشدد الباحث الاقتصادي والمصرفي وحيد الفودعي، في حديث لـ"العربي الجديد"، على ضرورة البحث من قبل الحكومة اليمنية عن سبل لدعم الريال، ولن يتأتى ذلك إلا باستعادة أهم مواردها المتمثل في صادرات النفط اليمني ومحصلات ضرائب وجمارك السفن قبل تفاهمات الهدنة.

ويلفت إلى ضرورة الدراسة والبحث والتنسيق والإعداد والتنظيم والرقابة وضبط الإيرادات وتنميتها وترشيد النفقات وغيرها من متطلبات الإدارة الفعالة للسياسات الاقتصادية للبلاد.

بالمقابل، يرى البنك الدولي أن عام 2024 يحمل معه الكثير من عدم اليقين بشأن المشهد الاقتصادي اليمني بسبب القيود المفروضة على صادرات النفط اليمني والمفاوضات السياسية الجارية. ويعتمد استقرار الوضع الاقتصادي على استدامة تدفقات العملة الأجنبية والتطورات السياسية حيث يمكن تسريع وتيرة النمو الاقتصادي إذا كانت هناك هدنة دائمة أو تم التوصل إلى اتفاقٍ للسلام.

المساهمون