النرويج تتحول للإنفاق الضخم على التسلح بعد عقود الرفاهية

09 ابريل 2024
مصنع لإنتاج قذائف المدفعية في النرويج (بيتر بيرنتشاين/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- النرويج تعلن عن خطة طموحة لتعزيز قدراتها الدفاعية بمبلغ 600 مليار كرونة على مدى 12 عامًا، ردًا على التوترات الجيوسياسية والحرب الروسية في أوكرانيا، مع التركيز على تحقيق هدف ناتو بإنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع.
- تخطط لتحسين جيشها بمدفعية بعيدة المدى، زيادة الدبابات وأنظمة الدفاع الجوي، وتوسيع التعاون العسكري مع الولايات المتحدة، إضافة إلى إعادة تفعيل قواعد عسكرية لتعزيز الوجود الغربي قرب روسيا.
- تنوي النرويج توسيع جيشها بإضافة مجندين وجنود احتياط، وزيادة الوظائف في وزارة الدفاع، مع تعزيز القدرات البحرية بشراء غواصات وسفن حربية جديدة، وإعادة تشغيل مطار في الشمال لتعزيز الجاهزية العسكرية.

تتبدل أولويات الإنفاق في النرويج على غرار العديد من الدول الأوروبية، بفعل استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا والقلق المتصاعد من اتساع رقعة الصراع، لتعلن الدولة التي ظلت لعقود تشهد إنفاقاً سخياً على رفاهية مواطنيها، أنها تخطط لإنفاق 600 مليار كرونة (حوالى 60 مليار دولار) على التسلح على مدى الأعوام الاثني عشر المقبلة.

يبدو أن البلد الإسكندنافي الذي يبلغ عدد سكانه نحو 5.6 ملايين نسمة، ذاهب نحو الاندماج في سياسات القارة العجوز في صرف المال على السلاح وتحديث "الدفاعات بصورة تاريخية"، وفقا لما أعلنته حكومة يسار الوسط برئاسة يوناس غار ستورا نهاية الأسبوع الماضي، وفق ما نقلت صحيفة أفتون بوستن النرويجية.

وتعتزم النرويج، وهي أحد الأعضاء المؤسسين لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، التي تشترك في حدود القطب الشمالي مع روسيا، تحقيق هدف الحلف المتمثل في إنفاق 2% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع هذا العام للمرة الأولى.

وتسعى الدولة إلى الوصول إلى وضع عسكري مختلف عن الفترة التي سادت الصرف السخي على "دولة الرفاهية"، وخصوصاً منذ نهاية الحرب الباردة، حيث بات الصندوق التقاعدي النرويجي ضخماً في البلد النفطي إلى حد الاستثمار خارج البلد، إلى جانب الصندوق السيادي الأكبر في العالم، والذي تقدر قيمة أصوله بنحو 1.4 تريليون دولار بعد أن حقق أرباحاً كبيرة في السنوات الأخيرة.

وأكد وزير المالية تريغفي سلاغفولد فيدوم، وفق تقرير للتليفزيون النرويجي "آر أن كيه" أن رصد الأموال ضرورة "لتأمين النرويج، والأمر يتعلق بتأمين الحفاظ على السلام وضمان أمن الناس (النرويجيين)".

وكانت أوسلو قد خصصت نحو 10 مليارات دولار في ميزانية العام الماضي للمسائل الدفاعية، بينما الآن تعود للتأكيد أنها ستواصل في السنوات القادمة صرف المزيد من المال على التسلح وتعزيز جيشها الصغير.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وتريد النرويج تعزيز جيشها بالتسلح بمدفعية بعيدة المدى وخاصة في أقصى شمال البلد، حيث يتعزز وجود الناتو والحليف الأميركي، ليس بعيداً عن أنظار القواعد الروسية العسكرية الحيوية عن منطقة فينمارك.

أضف إلى ذلك فإن النرويج تخطط لزيادة الدبابات وأنظمة الدفاع الجوي والمروحيات وعدد قوات النخبة المحترفة بزيادة التجنيد والتطوع بين صفوف شبابها.

إعادة التسليح بهذه المبالغ الضخمة ليست بعيدة عن التحالف الوثيق مع الجانب الأميركي، الذي وقع العديد من الاتفاقيات معها لأجل خلق ما يشبه قواعد عسكرية قريبة من الجانب الروسي في الدائرة القطبية الشمالية، مستفيدة من فرص الحرب في أوكرانيا بعد الغزو الروسي لها في 24 فبراير/شباط 2022.

وتعود بعض القواعد التي أغلقت في السابق، سواء في "القطبية الشمالية" أو على بحر الشمال، مثل جزيرة أندويا الصغيرة في الشمال، إلى التفعيل على ضوء زيادة سباق التسلح الغربي.

وباتت النرويج تحتل مكانة متقدمة في استراتيجيات "الأطلسي" في مناوراته المتواصلة منذ سنتين، وخصوصاً المناورة الأخيرة التي سميت "استجابة الشمال" بمشاركة 13 دولة من 32 في الأطلسي، لمواجهة "هجوم روسي" مفترض، والتي تستمر حتى مايو/أيار المقبل.

وستعزز النرويج إنتاج وشراء طائرات بدون طيار وسفن حربية جديدة، تحت تبرير "الاستعداد للأسوأ".

كما أن أوسلو ذاهبة أيضا إلى تعزيز غواصاتها بغواصات حديثة لرفع الاستعداد والجاهزية، بعد أن كشفت تقارير عن أن جيشها لم يكن مستعداً للبقاء على أهبة الاستعداد لأسابيع في حالة وقوع أزمة وصدام عسكري مع قوة خارجية.

كذلك تخطط للحصول على نحو عشر سفن كبيرة وثماني عشرة سفينة أصغر، وتأمين خمس فرقاطات جديدة ومروحيات مضادة للغواصات.

ولناحية عدد القوات المسلحة ستعمل النرويج، التي عُرف عنها إنفاقها بسخاء على رفاهية ورعاية مواطنيها، على توسيع الجيش بنحو 4600 مجند إضافي وحوالى 13 ألفا و700 جندي احتياط، وتوسيع الوظائف بحوالى 4 آلاف و600 موظف في وزارة الدفاع.

وستعيد أوسلو تشغيل مطار حيوي جرى إغلاقه في 2016 في أقصى الشمال النرويجي الذي عاد ليكتسب أهمية أطلسية، وتحديدا أميركية، بفعل أن الجيش الأميركي يستعمل المنطقة لمراقبة الغواصات الروسية، بما فيها النووية.

والحديث هنا عن منطقة استراتيجية للحلف الغربي (وهي كانت كذلك في فترة الحرب العالمية الثانية بين الحلفاء وألمانيا النازية)، وخصوصا أنها حيوية في مجال الربط بين جزيرة غرينلاند (دنماركية السيادة) وأيسلندا العضو في الناتو وبريطانيا، وفي طريق هام نحو شرق الشمال الأميركي.

هذا يعني أن المنطقة الممتدة من سفالبارد وهاميرفيست في المنطقة المسماة بيورنيجابت، حيث ينشط "أسطول الشمال" الروسي النووي ستكون تحت مراقبة غربية وعلى امتداد نحو 1300 كيلومتر.

المساهمون