- هناك جدل حول الأهداف الحقيقية للمشروع، حيث يرى البعض أنه يهدف إلى تشديد الحصار على غزة، مع تكلفة تقدر بـ35 مليون دولار تتحملها الولايات المتحدة.
- المشروع يشمل خططًا لربط الميناء بميناء لارنكا في قبرص لتفتيش المساعدات، مما يثير مخاوف من تشديد الحصار، بينما يُظهر أيضًا أهدافًا لتعزيز البنية التحتية اللوجستية والتجارية بين أوروبا والهند.
في الأسابيع الأخيرة، بدأت الولايات المتحدة وإسرائيل العمل على إنشاء الميناء العائم في غزة لإيصال المساعدات على مساحة 270 دونماً. وبحسب البنتاغون، من المفترض أن يبدأ الرصيف البحري العمل في أوائل شهر مايو/أيار، وسيسمح في المرحلة الأولى بنقل السفن و90 شاحنة.
فما كلفة الميناء العائم في غزة؟ وهل هو لدواع إنسانية حقاً؟
نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء أمس السبت، إعلانَ سيرِ العمل التحضيري لاستقبال الميناء العائم في غزة وذلك بعد أن أعلن البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية) الخميس أن الجيش الأميركي بدأ العمل ببناء الرصيف، ويحرص جيش الاحتلال الإسرائيلي والحكومة الأميركية على عدم التعليق على الرصيف الجديد بوصفه ميناء، لكنّ مصدراً سياسياً قال لموقع "كالكاليست" الإسرائيلي الشهر الماضي إن من الممكن أن يصبح الرصيف المؤقت، دائم لاحقاً.
وذكرت إحاطة البنتاغون يوم الخميس أن الميناء العائم في غزة يجب أن يبدأ العمل في بداية شهر مايو، وأنه في المرحلة الأولى سيسمح بنقل البضائع بمقدار حوالي 90 شاحنة يومياً وبعد ذلك 150 شاحنة يومياً. معنى هذه الأرقام هو أنه حتى بعد فتح الميناء، سيكون طريق البضائع الرئيسي إلى غزة الطريق البري الذي تمر عبره مئات الشاحنات هذه الأيام، في أعقاب الضغوط الدولية التي نشأت بسبب التقارير عن أزمة إنسانية ومجاعة في غزة.
وبحسب المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، ستغطي مساحة مشروع الميناء الأميركي في غزة حوالي 270 دونماً مخصصة لمصلحة التشغيل وعبور البضائع. وإنشاء الميناء العائم في غزة هو مبادرة أعلنها الرئيس الأميركي جو بايدن في خطابه عن "حالة الأمة" قبل شهرين، حيث أكد أهمية زيادة معدل تحويل المساعدات الإنسانية إلى غزة، سواء من البحر أم من البر عبر إسرائيل، ومن المتوقع نشر نحو 1000 جندي أميركي لتنفيذ المشروع.
وفي ما يتعلق بإنشاء الرصيف، زعم مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أنه هو من بادر إلى إنشاء خط المساعدات هذا في أكتوبر من العام الماضي، كما رحب الوزير يوآف غالانت بالمبادرة الأميركية وقال إنها "ستمكن من نقل المساعدات مباشرة إلى السكان ومن ثم تعزيز إطاحة حماس".
دور الميناء العائم في غزة
مراقبون وتقارير صحافية متعددة اعتبرت أن هذا الميناء لا يرتبط حقاً بالدواعي الإنسانية، وإنما بتشديد الحصار الإنساني وكذا الاقتصادي على سكان القطاع الذي يخضع لحصار مشدد أساساً منذ العام 2006. ويعتبر بحر غزة متنفساً اقتصادياً لسكان القطاع، حيث تنتشر المشاريع والمحال والمتاجر، في حين يشكل مصدر رزق آلاف الصيادين الذين يواجهون منذ سنوات مخاطر متعددة بسبب الاحتلال.
وسبق أن قال المهندس المدني الفلسطيني فتحي رياض لوكالة الأناضول إن "بناء الرصيف البحري يحتاج إلى مئات آلاف الأطنان من ركام المنازل المدمرة، وهذا يعني جمعه من جميع مناطق مدينة غزة باعتبارها الأقرب إلى الميناء الجديد".
وأضاف: "نقل هذه الأطنان من الركام يحتاج إلى عدد كبير من الشاحنات والجارفات العملاقة، ولا يمكن الاعتماد على ما هو متوفر من آليات في القطاع لدى الشركات المحلية لأنها ذات إمكانيات ضعيفة".
ويشير إلى أن عشرات الآليات الضخمة دخلت إلى غزة خلال الأسابيع الماضية وبدأت بالفعل بنقل كميات هائلة من ركام المنازل إلى الميناء الجديد.
وقال الخبير الأردني في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، هشام خريسات، لـ"الأناضول"، إن "هذا الرصيف تقدّر تكلفته الأولى بـ35 مليون دولار ستدفعها الولايات المتحدة، وعمق الغاطس للسفن في الرصيف لن يقل عن 17 متراً، لاستيعاب جميع سفن المساعدات".
الربط مع ميناء لارنكا
وفي 8 مارس/آذار، ندد المقرر الأممي الخاص المعني بالحق في الغذاء مايكل فخري بالاقتراح الأميركي لبناء الرصيف البحري. وقال فخري: "إنها المرة الأولى التي أسمع أحداً يقول إننا في حاجة إلى استخدام رصيف بحري. لم يطلب أحد رصيفاً بحرياً، لا الشعب الفلسطيني ولا المجتمع الإنساني".
ووصف فخري الاقتراح الأميركي بأنه "خبيث" جاء استجابة لمصالح انتخابية، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة تقدم في الوقت نفسه قنابل وذخائر ودعماً مالياً لإسرائيل.
ومن المقرر شحن المساعدات إلى الرصيف البحري من قبرص حيث سيقوم مسؤولون إسرائيليون بتفتيشها أولاً، كما يحدث حالياً على الحدود البرية، ما يعني المزيد من تشديد الحصار على أهالي غزة.
وفي منتصف مارس غادرت سفينة تحمل نحو 200 طن من الغذاء إلى غزة من ميناء لارنكا في قبرص في مشروع تجريبي لفتح طريق بحري جديد لإيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان القطاع الذين يعيشون على شفا المجاعة، نتيجة للإبادة الجماعية التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من خمسة أشهر.
وفي حين يتم التركيز على مسألة استخدام قبرص لتوصيل المساعدات، ذكر موقع "واي نت" الإسرائيلي أن التوتر مع حزب الله يهدد أمن ميناء حيفا، البوابة الرئيسية لشحن الحاويات إلى إسرائيل، ويمكن لميناء في قبرص أن يوفر نقطة شحن مؤقتة لإعادة توجيه البضائع إلى إيلات أو أشدود.
وخلافاً للتقارير الإخبارية، ليس الهدف الرئيسي من إنشاء ميناء قبرص نقل المساعدات إلى غزة كما تردد.
وقال مصدر مطلع على الأمر لصحيفة "إسرائيل اليوم" إن إسرائيل تعتزم أيضاً أن يكون ميناء لارنكا جزءاً من محور نقل بديل لربط أوروبا والهند عبر إسرائيل.
والشخص الذي يملك امتياز تشغيل ميناء لارنكا هو الملياردير الإسرائيلي ياكير غاباي، وهو رجل أعمال إسرائيلي يحمل الجنسية القبرصية، ويسيطر على كونسورتيوم Roundtown SA، أكبر شركة عقارية تجارية في ألمانيا، ويتولى مشروع ترميم الميناء والمرسى، بحسب "كالكاليست"، كما أن من كانوا حتى وقت قريب شركاء في امتياز تشغيل ميناء لارنكا هم الإخوة ناكش الذين يملكون أيضاً ميناء إيلات.