المواطن المطحون بين مؤتمر شرم ومنتدى الرياض

25 أكتوبر 2018
بن سلمان في احدى جلسات مؤتمر السعودية (فرانس برس)
+ الخط -

في يوم 15 مارس/آذار 2015 خرج علينا رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب، قائلا إن الحصيلة النهائية للاستثمارات والقروض التي حصلت عليها مصر في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي بلغت 60 مليار دولار، فضلاً عن تعهدات بدعم خليجي من 4 دول هي السعودية والكويت والإمارات وسلطنة عمان قدره 12.5 مليار دولار، أي أن الحصيلة الإجمالية 72.5 مليار دولار.

وسارع كبار المسؤولين في الدولة لزف نتاتج مؤتمر شرم الشيخ بالتفصيل للرأي العام الذي كان متعطشاً وقتها لسماع أي أخبار سارة، حيث أكدوا أنه جرى خلال المؤتمر توقيع عقود بقيمة 36.2 مليار دولار، والاتفاق على مشروعات ممولة بقيمة 18.6 مليار دولار والسداد على سنوات طويلة، بالإضافة إلى 5.2 مليارات دولار مقدمة كقروض من صناديق ومؤسسات دولية.

وقبل هذه التصريحات الرسمية بيوم واحد، ومع انطلاق مؤتمر شرم الشيخ كانت وسائل الإعلام المصرية تتحدث عن حصاد اليوم الثانى للمؤتمر وأن الحصيلة كانت كالتالي: 158 مليار دولار و778 مليون دولار ( لاحظ دقة الرقم) حصيلة 31 مذكرة تفاهم تم توقيعها بين المشاركين لإقامة مشروعات مصرية بالشراكة مع الأجانب.. اتفاقيات ضخمة في قطاعات الطاقة والبترول والإسكان، توقيع اتفاقية إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، اضافة إلى أن المؤتمر سيقدم "قناة السويس هدية مصر للعالم".

واليوم الخميس 25 أكتوبر/تشرين الأول 2018 خرج علينا وزير الطاقة السعودي خالد الفالح قائلا إن قيمة الصفقات الموقعة خلال مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض بلغت 56 مليار دولار، وأن السعودية تتوقع جذب استثمارات بأكثر من 1.6 تريليون ريال (427 مليار دولار) بحلول العام 2030 وذلك في إطار مساعيها لتعزيز قطاع الصناعة.

عقب انتهاء مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي خرجت الصحف المصرية بمانشيتات متقاربة أبرزها : "مصر تستيقظ الآن"، "المؤتمر نجح" و"فرحت مصر".

وبعدها انتظر المصريون تدفق المليارات على رؤوسهم وجيوبهم، وانتظروا قدوم استثمارات أجنبية ضخمة تؤسس مشروعات صناعية وزراعية وخدمية عملاقة، وتوفر فرص عمل لملايين الشباب، وتحد من الفقر والببطالة، وتساعد في زيادة الصادرات والحد من الواردات التي تستنزف موارد البلاد من النقد الأجنبي، فإذا بهذه الاستثمارات لم تأت بعد، وأن الصفقات التي تحدث عنها المسؤولون ما هي إلا خطابات نوايا ومذكرات تفاهم لا تساوي الحبر الذي كتب بها.

بل ووجد المصريون أنفسهم أمام موجة عاتية من زيادات متواصلة في أسعار السلع والخدمات، ورفع متواصل في معدلات الضرائب والجمارك والرسوم الحكومية، وتهاوي في قيمة العملة الوطنية بعد تعويمها في عام 2016، وخفض الدعم الحكومي المقدم للبنزين والسولار والكهرباء وغيرها من السلع الرئيسية المتعلقة بالمواطن البسيط.

وفي اليوم الذي أعلن فيه الوزير السعودي عن إبرام بلاده صفقات بـ 56 مليار دولار، كان يكشف في المقابل وفي نفس اللحظة عن أن الحكومة ستبيع قطاعات التعليم والحبوب والرعاية الصحية وتحلية المياه للمستثمرين خلال الشهور الستة المقبلة، وأن عملية البيع ستبدأ اعتباراً من الآن وحتى الربع الأول من 2019، وهو ما يعني أن المدارس والمستشفيات والصيدليات والمطاحن ومحطات تحلية المياه ستنتقل ملكيتها من الحكومة إلى القطاع الخاص بما فيه المستثمر الأجنبي المتعطش للربح السريع، وأن بيع هذه الشركات سيليه بالطبع زيادات متواصلة في الأسعار، وربما احتكار لبعض السلع والقطاعات الاستراتيجية والحساسة كما حدث في دول باعت قطاعات كشركات الاسمنت والأسمدة والبنوك والأغذية وغيرها.

هناك رابط بين مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي المنعقد في مارس 2015، ومؤتمر الاستثمار السعودي الذي اختتم أعماله اليوم الخميس، وهو أنه خلال المؤتمرين تم الاعلان عن ابرام صفقات بعشرات المليارات من الدولارات، والمواطن لم يستفد شيئاً من هذه المليارات التي لم تأت بعد، بل فوجئ هذا المواطن بزيادات في الأسعار.
المساهمون