المهاجرون الأفارقة في الجزائر... رحلة استغلال

16 مايو 2023
العمال الذين ليس لديهم وثائق رسمية يتعرضون للابتزاز من أصحاب الأعمال (فرانس برس)
+ الخط -

يتزايد عدد المهاجرين الأفارقة المتدفقين إلى الجزائر أملاً في الحصول على عمل يضمن لهم الاستقرار أو التمكن من العبور إلى الضفة الشمالية من البحر المتوسط نحو أوروبا، ما يجعلهم هدفاً للاستغلال من جانب المقاولين وأصحاب المزارع والورش الذين يفضلون تشغيلهم عوض الجزائريين نظراً لتدني أجورهم وعدم دفع أي تغطيات تأمينية عنهم.

في العاصمة الجزائرية لا تخلو ورش البناء والحدادة والمطاعم وغيرها من الأنشطة الإنتاجية والتجارية والخدماتية، من تواجد شباب من ذوي البشرة السمراء. في أحد مواقع بناء عمارات حكومية في منطقة "سيدي عبد الله" في الضاحية الغربية للعاصمة، والذي تحول إلى نقطة التقاء الأفارقة الباحثين عن عمل، قال الشاب موسى من النيجر لـ"العربي الجديد" إنه يمكث في الجزائر منذ 2016، مشيرا إلى أنه يتقاضى أجراً يومياً يقدر بنحو 800 دينار (7 دولارات).

عمر أنداي شاب من بوركينا فاسو يشتغل في ورشة بناء أخرى يروي لـ"العربي الجديد" يومياته بالقول "عادة نقف عند مفترق الطرق وننتظر فرص العمل، ومع حلول الساعة الثامنة حتى العاشرة صباحاً، يصل أصحاب الورشات والمقاولون للتفاوض معنا، بالرغم من وجود جزائريين معنا في نفس الشارع، لأننا نطلب أجراً أقل مما يطلبه الجزائريون بالإضافة إلى عدم اعتراضنا على طبيعة الأعمال المقترحة علينا، ومع مرور الوقت كوّنا شبكة علاقات مع المقاولين، وأصبحنا لا نقف في الطرقات، ويتم تشغيلنا عبر التواصل المباشر هاتفياً".

من جانبهم، يرى أصحاب ورش بناء، أن اللجوء إلى تشغيل المهاجرين الأفارقة فرض نفسه مقابل نفور الشباب الجزائري من العمل في مجال البناء والأشغال العامة، ومختلف الأنشطة والمهن، بالإضافة إلى ارتفاع أجرة اليد العاملة الجزائرية.

ويقول المقاول عز الدين بوكراع لـ"العربي الجديد" إن "متوسط أجر العامل الأفريقي لا يتعدى 25 ألف دينار (200 دولار) في الشهر، في حين يتراوح متوسط أجر العامل الجزائري بين 40 ألف دينار و50 ألفاً دون احتساب المبلغ الذي أدفعه شهرياً لصالح الضمان الاجتماعي والمقدر بـ 10 آلاف دينار عن كل عامل مصرح به".

ولم يعد قطاع البناء والأشغال العامة القبلة الوحيدة للمهاجرين الأفارقة، حيث أصبحت "الأيادي السمراء" أيضا مطلوبة في قطاع الزراعة، بخاصة في موسم الحصاد وجني المحاصيل، نظرا لتكلفتها الزهيدة، وسرعة إنجاز الأعمال الموكلة إليها باعتراف الجزائريين، بالإضافة إلى عدم تقيدها بحجم ساعات العمل المفروضة في قانون العمل والمقدرة بـ 8 ساعات يومياً أو 12 ساعة في نظام المناوبة.

وفي السياق، يقول المزارع سليم مازوني، من محافظة "البويرة" شرقي العاصمة الجزائرية إنه "يستعين بالأفارقة في عمليات جني محاصيل البطاطا مند سنتين، وذلك لعاملي الكلفة والسرعة، حيث إن المهاجر يعمل بأجر أقل بنحو 40% وبسرعة أكبر من العامل الجزائري، كما أن الظروف تجبر المهاجر غير الشرعي على العمل مهما كانت الظروف المناخية من أجل كسب المال، عكس الشباب الجزائري الذي يرفض العمل في الحرارة المرتفعة أو حين تتساقط الأمطار".

وبالرغم من تضارب الأرقام حول عدد الأفارقة الذين يشتغلون في الجزائر، إلا أن الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان تتحدث عن وجود 13 ألف عامل أفريقي يعملون بطريقة غير شرعية بعيدا عن حقهم في الاستفادة من الحماية الاجتماعية.

ولفتت الرابطة في تقريرٍ لها إلى أن "الإقطاعيين الجدد يستغلون مآسي المهاجرين الأفارقة الهاربين من ويلات الحروب والفقر في مشاريعهم سواء في ورشات البناء أو الزراعة مقابل أجور زهيدة، إذ يتعرض الأفارقة غير الشرعيين لاستغلال بشع في الوقت الذي يصل فيه ما يتقاضاه هؤلاء العمال إلى أقل من نصف الحد الأدنى من الأجر الذي يتلقاه العامل الجزائري، مع إيوائهم في مساكن دون المستوى حيث يتعرض العمال الذين ليس لديهم وثائق رسمية إلى التهديد بالإبلاغ عنهم لدى مصالح الأمن إذا تذمروا من وضعهم الراهن".

المساهمون