اقترض المغرب من السوق الدولية 3 مليارات دولار، وهي المرة الثانية التي تلجأ فيها المملكة إلى السوق الدولية في ظرف ثلاثة أشهر، وهو اقتراض ينتظر أن يساعد في محاصرة العجز في الموازنة ودعم رصيد النقد الأجنبي. وكانت الخزينة لجأت إلى السوق الدولية من أجل اقتراض مليار يورو على مدى خمس سنوات ونصف وعشر سنوات، في الوقت نفسه استدرجت تمويلات دولية متعددة الأطراف وثنائية.
ويتوزع المبلغ الجديد الذي حصل عليه المغرب بعد طرح سندات، على ثلاث شرائح، حيث تصل الشريحة الأولى إلى 750 مليون دولار على مدى سبع سنوات.
وتمتد الشريحة الثانية بقيمة مليار دولار على مدى 12 عاما، بينما تصبح مدة الشريحة الثالثة على مدى ثلاثين عاما، كما أوضحت ذلك وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة.
وجاءت معدلات الفوائد على الشرائح الثلاث التي أصدرت في سوق "اليوربوند"، على التوالي في حدود 2.375 في المائة و3 في المائة و4 في المائة. ويراد من هذا الإصدار تمويل عجز الموازنة الذي ينتظر أن يصل إلى 7.9 في المائة في العام الحالي، في ظل تراجع الإيرادات الجبائية وارتفاع الإنفاق. ويعود المغرب لإبرام قروض بالدولار الأميركي بعد سبع سنوات من الغياب، ما يمثل بالنسبة للوزارة نوعا من النجاح لدى المستثمرين، حيث إن طلباتهم وصلت إلى 13 مليار دولار.
وأكد وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، في العرض الذي قدمه للمستثمرين على الاستقرار السياسي للمغرب، وصمود إطاره الماكرو اقتصادي والإصلاحات التي أطلقها. وعرض أمام المستثمرين التدابير الاقتصادية والاجتماعية التي اتخذتها المملكة من أجل الحد من تأثيرات الأزمة الصحية وإنعاش الاقتصاد الذي خصص له 13 مليار دولار.
وكان محافظ البنك المركزي، عبد اللطيف الجواهري، عبر، في سبتمبر/أيلول، عن عدم تحمسه لإبرام اتفاق حول خط وقاية وسيولة جديد مع صندوق النقد، بعد استعمال الخط السابق في سياق الجائحة.
واعتبر أن الوقت الحالي غير ملائم من أجل تجديد الاتفاق، مشيراً إلى أن لدى المملكة ما يكفي من النقد الأجنبي من أجل تدبير احتياجات المرحلة الحالية وكذلك فترة ما بعد كورونا.
ويلاحظ الخبير الجبائي محمد الرهج أن المغرب يتطلع إلى اقتراض 11 مليار دولار من السوقين المحلي والخارجي، مؤكدا أن ذلك يبقى محكوما بحجم العجز الموازني الذي اتسع، بل إن العجز العادي، وهو الفارق بين الموارد والنفقات العادية اتسع لأول مرة منذ سنوات.
وتوقعت وزارة الاقتصاد والمالية أن ترتفع مديونية الخزينة إلى 76 في المائة من الناتج الداخلي الخام في العام الحالي، و75 في المائة في 2021، بعدما كانت المملكة تسعى إلى خفضه 60 في المائة.
واعتبرت مؤسسة " التجاري للبحث"، اليوم الأربعاء، أن هذا الاقتراض سيكون له تأثير يخفف الضغط على المالية العمومية، كما سيؤدي إلى زيادة رصيد المغرب من العملة الصعبة إلى 34.46 مليار دولار في العام الحالي.
وشددت المؤسسة، على أن هذا الإصدار الجديد، الذي حصل عليه المغرب بشروط تفضيلية رغم تراجع تصنيفه من قبل وكالة "فيتش"، سيتيح للخزانة تمويل حاجياته من دون ضغط إلي نهاية العام وبداية العام المقبل.
ويرى خبراء أن الأزمة الصحية أربكت جميع المعايير الخاصة بالمديونية والعجز، بل إن المؤسسات المالية الدولية لم تعد تلح على احترام تلك المعايير.
ولم يكفّ اقتصاديون عن التعبير في الأعوام الأخيرة عن تخوفهم من المديونية، حيث يؤكدون أن ذلك سيحمّل الأجيال القادمة أعباء كبيرة على مستوى سدادها ويؤدي للتضحية ببعض النفقات الاجتماعية. غير أن الاقتصادي رضوان الطويل، يرى أن هذه الرؤية تغفل دور الموازنة العامة كأداة لقيادة الاقتصادية عبر وظائف المخصصات وضبط الظرفية وإعادة التوزيع، مشددا على أن ذلك يتجاهل دور العجوزات في دعم النشاط ورفع النمو وخلق موارد التمويل.