ما زال المغرب مستمراً في تنفيذ خططه الرامية إلى بناء السدود، رغم قلة التساقطات المطرية، التي أثرت في رصيد المغرب من المياه التي يمكن تخزينها بهدف استغلالها لتلبية الطلب. ويتساءل خبراء ري حول الجدوى من الاستمرار في بناء السدود رغم كلفتها الكبيرة وندرة المياه.
وتعتبر وزارة التجهيز والماء أن المضي في بناء السدود مرده إلى أن السنوات الجافة، قد تعقبها سنوات مع فائض في التساقطات المطرية، يمكن تخزينها في السدود، حيث يمكن أن تسعف في توفير مياه الشرب والسقي في المستقبل.
ولم يتجاوز ملء السدود إلى غاية أمس الاثنين 25 في المائة، مقابل 32.8 في المائة في الفترة نفسها من العام الماضي، حيث تقلص مخزون المياه في السدود إلى حوالي 4 مليارات متر مكعب، وهو ما يعزى إلى ضعف التساقطات المطرية.
فقد تراجعت التساقطات المطرية منذ بداية الموسم الزراعي إلى 43 ملليمتراً، مقابل 150 ملليمتراً في السابق، في الوقت نفسه، لم تأتِ الثلوج في مستوى قد يسعف في توفير مخزون من المياه.
ويعد المغرب من البلدان التي تعرف تراجعاً للموارد المائية. فبعدما أن كانت في سنة عادية في حدود 22 مليار متر مكعب، تراجعت إلى 3 مليارات متر مكعب في الأعوام الأخيرة، ما أفضى إلى استغلال المياه الجوفية.
ويدق العديد من المؤسسات ناقوس الخطر، حيث يُلاحظ أن حصة الفرد من المياه تراجعت من 2500 متر مكعب إلى 650 متراً مكعباً للفرد في سنة عادية، وهي حصة ينتظر أن تنخفض بفعل شح المياه، كي يصنف المغرب ضمن البلدان التي يرتقب أن تصل فيها إلى 500 متر مكعب للفرد الواحد.
وفي الوقت الذي يعرف المغرب في الموسم الحالي سادس سنة جافة، يستحضر وزير التجهيز والماء نزار بركة ما حدث في سنوات سابقة عندما جاءت التساقطات المطرية بكميات كبيرة.
ففي عام 2010، بلغ معدل ملء السدود 100 في المائة بفضل التساقطات المطرية، ما وفر مخزونا من المياه يلبي احتياجات خمسة أعوام بالطلب بغض النظر عن مستوى التساقطات.
ويتوفر المغرب على 155 سداً بقدرة تخزينية في حدود 20 مليار متر مكعب، غير أن المغرب ماض في تسريع بناء السدود، حيث توجد 18 أخرى جديدة في طور الإنجاز، مع تقليص مدة الإنجاز.
ويلاحظ الفني الزراعي ياسين أيت عدي أن حرص المغرب على المضي في سياسة تشييد السدود يتمثل في تقليص مدة بنائها، حيث أكدت وزارة التجهيز والماء أن السدود، المزمع بناؤها خلال ستة أو سبعة أعوام، ستخفض مدة إنجازها بستة أشهر أو عام.
ويحيل أيت عدي على المخطط الذي يراد من ورائه رفع وتيرة إنجاز "السدود التلية" إلى 120 سداً، وهي سدود تقام في الوديان، حيث يُبنى حاجز ترابي يؤدي إلى تحويل جريان المياه التي توظّف للسقي.
وتسابق الحكومة الزمن من أجل تجاوز النقص الحاد في الماء. هذا ما يدفع إلى الربط بين السدود، إذ تُشق طرق سيارة للمياه، بهدف تحويلها من السدود التي تتوفر على مخزون مهم إلى تلك التي تعاني من تراجعه.
ويأتي مضي المغرب في سياسة بناء السدود، التي انخرط فيها منذ عقود، في ظل السعي للاستفادة من المياه غير التقليدية، من قبيل تحلية مياه البحر التي ينتظر أن تنتقل من 140 مليون متر مكعب حالياً إلى 1.4 مليار متر مكعب في أفق 2030.