المغرب يتجه إلى خط وقاية جديد من صندوق النقد

06 ابريل 2022
كورونا ألحقت بالاقتصاد المغربي أضراراً كبيرة (Getty)
+ الخط -

يرجح أن يتجه المغرب نحو التفاوض مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على خط ثان للوقاية والسيولة، بعد الخط الأول الذي أسعف مالية المملكة عندما بدأ الفيروس في الانتشار في بداية الجائحة.
ودفعت الجائحة المغرب في إبريل/ نيسان من العام ما قبل الماضي بعد اشتداد الجائحة، إلى سحب الإيرادات التي يتيحها خط الوقاية والسيولة، حيث وصل إلى 2.15 وحدة سحب خاصة، أي حوالي ثلاثة مليارات دولار.
وعمل المغرب على السحب من ذلك الخط بهدف التخفيف من التداعيات الاجتماعية والاقتصادية للجائحة الصحية وتأمين رصيد كاف من النقد الأجنبي بهدف تخفيف الضغط عن ميزان المدفوعات.
وكان المغرب قد اختار في العام ما قبل الماضي التريث قبل التفاوض حول خط ثانٍ للوقاية والسيولة، إذ كان محافظ البنك المركزي عبد اللطيف الجوهري قد اعتبر أنّ السياق غير ملائم آنذاك بهدف تجديد خط السيولة والوقاية، معتبراً أنّه من أجل التفاوض على الخط يجب توفير بعض الشروط.

وذهب في تبريره للتحفظ على اللجوء لطلب الخط الثاني بكون المملكة تتوفر على ما يكفي من النقد الأجنبي من أجل تدبير الوضعية الحالية وما بعد كورونا، حيث كان ذلك الرصيد قد وصل إلى 295 مليار درهم في نهاية العام الجاري، ما يمثل ستة أشهر من واردات السلع والخدمات.
ودأبت السلطات العمومية في المغرب قبل الجائحة على التأكيد بأن خط الوقاية والسيولة، الذي أتاحه الصندوق للمملكة، يعتبر بمثابة تأمين يمكن اللجوء إليه من أجل مواجهة الصدمات الناجمة عن الأزمة العالمية أو ارتفاع أسعار بعض السلع مثل البترول، كما أنه يشكل نوعا من الضمانة لمتانة الاقتصاد الوطني عند الرغبة في الاقتراض من السوق الدولية.
وكان الصندوق قد وضع رهن إشارة المغرب خطا للوقاية في حدود 6.2 مليارات دولار في 2012، قبل أن يخفضه إلى 4 مليارات دولار ثم 3.5 مليارات دولار، حيث برر الصندوق ذلك الخفض بتحسن أساسيات الاقتصاد المغربي، بعد الإصلاحات التي انخرطت فيها الحكومة والتي همت التقاعد والعدم.
وربط الصندوق في الأعوام الأخيرة توفير ذلك الخط بإنجاز إصلاحات تتعلق بصندوق المقاصة ونظام التقاعد في الوظيفة العمومية، وتقليص الإنفاق العمومي عبر الموازنة، غير أنّ الحكومة كانت تؤكد على أنّ الخط غير مرفق بشروط، إذ لم تعد العلاقة مع الصندوق محكومة بظروف صعبة مثل تلك التي أفضت إلى التقويم الهيكلي في الثمانينيات من القرن الماضي.
غير أنّ الظروف الحالية الناجمة عن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، أعادت طرح مسألة اللجوء إلى طلب خط وقاية، إذ دفعت محافظ البنك المركزي أخيراً، إلى التأكيد على احتمال إعادة التفاوض حول خط للوقاية والسيولة مع صندوق النقد الدولي بهدف مواجهة الصدمات الخارجية.

تجاوزت المديونية العامة للخزانة العامة للمملكة، التي تشمل الدينين الخارجي والداخلي، نسبة 65 في المائة من الناتج الداخلي الخام قبل الجائحة،


وتجاوزت المديونية العامة للخزانة العامة للمملكة، التي تشمل الدينين الخارجي والداخلي، نسبة 65 في المائة من الناتج الداخلي الخام قبل الجائحة، إذ قفزت إلى 74.8 في المائة في العام الماضي، وينتظر أن تصل إلى 76.1 في المائة في العام الحالي.
ويؤكد الاقتصادي المتخصص في الاقتصاد الدولي علي بوطيبة، لـ"العربي الجديد"، أنّ الظروف الحالية، التي تخيم عليها تداعيات الحرب في أوكرانيا، تفرض على الدول التحسب لكلّ ما من شأنه أن يمس بوضعها المالي، وهذا ما يدفع المغرب إلى الحرص على تأمين رصيد من العملة يتيح له مواجهة التطورات المقبلة.
ويعتبر أنّ المملكة أمنت رصيداً من النقد الأجنبي في الفترة السابقة أتاح لها تجنب اللجوء إلى المضي في تعويم العملة وعدم الامتثال لتوصيات الصندوق الذي يلح على المضي في ذلك الاتجاه، مشيراً إلى أنّ الحصول على خط للوقاية والسيولة سيتيح للمغرب رصيداً يمكن استعماله إذا ما دعت الضرورة لذلك، كما يجنبه طرح سندات في السوق الدولية، بما يعنيه ذلك من شروط ترفع سعر الفائدة ومنحة المخاطر في ظل الحرب.
ويؤكد مصدر مطلع، لـ"العربي الجديد"، أنّ المملكة لم تستعمل إلى حدود اليوم وحدات السحب الخاصة التي تتجاوز ملياراً ونصف مليار دولار، مشيراً إلى أنّ رصيد العملة الصعبة الذي يتجاوز 30 مليار دولار مطمئن، غير أنّ الدولة ستلجأ مع ذلك للاقتراض.
ويسود نوع من التخوف لدى البنك المركزي المغربي، بعد تراجع الجائحة والمراهنة على التعافي من تداعيات الحرب في أوكرانيا بما أفضت إليه من ارتفاع أسعار المواد الأولية والمحروقات في السوق الدولية، إذ بدأت تأثيرات ذلك تظهر على مستوى التضخم الذي ينتظر أن يقفز إلى 4.7 في المائة. وإذا كان مجلس البنك يعقد اجتماعه كلّ ثلاثة أشهر، فإنّ المركزي المغربي لا يستبعد عقد اجتماع في أيّ لحظة من أجل إعادة النظر في التوقعات والقرارات التي يتخذها.

المساهمون