المغرب وتونس والجزائر: لا مساس بالرواتب وتأجيل الترقيات وترشيد الإنفاق

01 ديسمبر 2020
ترشيد الإنفاق للحد من تداعيات كورونا (ياسين غادي/الأناضول)
+ الخط -

 

رغم الأزمة المالية الحادة التي تعاني منها 3 دول في المغرب العربي (المغرب وتونس والجزائر)، إلا أنها فضلت عدم المساس بالرواتب، مع الاتجاه نحو ترشيد الإنفاق.
ولم تتأخر الدولة المغربية في صرف رواتب الموظفين في الأشهر التي تلت الجائحة، إلا أنها اتخذت تدابير ترمي إلى تأجيل الترقيات في الوزارات والإدارات وترشيد بعض مصارف التسيير، وهو النهج الذي يتجلى أنها ستسير عليه في العام المقبل.
وسيكلف الموظفون في العام الحالي 12.9 مليار دولار، خارج المساهمات التي توفرها الإدارة من أجل التقاعد والمرض، حيث يتجلى أن تلك الأجور ارتفعت بنسبة 47 في المائة على مدى عشرة أعوام، وعند احتساب المساهمات برسم التقاعد والمرض، تقفز تلك الأجور إلى 15 مليار دولار.
وتمثل تلك الأجور 12.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام المتوقع برسم العام الحالي، أي أكثر من 34 في المائة من الموازنة العامة، و64 في المائة من الإيرادات العادية للدولة.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وقررت الحكومة في مسعاها لترشيد الإنفاق في العام الحالي تأجيل الترقيات في الوزارات والإدارات الحكومية، من أجل تسخير موارد الموازنة العامة للدولة لمواجهة تداعيات كورونا. واستثنى ذلك القرار من هذه التدابير الاستثنائية، الموظفين والأعوان التابعين للإدارات المكلفة بالأمن الداخلي ومهنيي قطاع الصحة.
وصنف وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون، عند حديثه عن تفاصيل موازنة العام المقبل، نفقات رواتب الموظفين ضمن النفقات غير القابلة للتقليص، بل إنها سترتفع بحوالي 850 مليون دولار.
ويتصور الاقتصادي المتخصص في المالية العامة، محمد الرهج، أن المغرب لم يجد صعوبات في صرف رواتب الموظفين منذ الفترة التي أفضت إلى العمل ببرنامج التقويم الهكيلي في الثمانينيات من القرن الماضي، حيث كانت شحت الإيرادات، ما دفع المملكة إلى الإمعان في الاستدانة.
وسجل في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن القانون التنظيمي للمالية الجاري به العمل حاليا يمنع توجيه القروض لتغطية نفقات التسيير ومنها رواتب الموظفين.
وفي الجزائر، تحولت أجور ومعاشات الموظفين من مُسكِّنٍ استعملته الحكومات المتعاقبة لإخماد غليان الجبهة الاجتماعية، إلى صداع في رأس للحكومة الحالية بقيادة عبد العزيز جراد، وذلك بسبب ارتفاع كتلة الأجور من سنة إلى أخرى، في وقت تشهد موارد البلاد المالية شحا كبيرا.
وحسب موازنة 2021، التي صادق عليها البرلمان، أخيرا، فإن أجور عمال القطاع العمومي ستكلف الخزينة العمومية 27 مليار دولار، من أصل 42 مليار دولار (5300 مليار دينار) المخصصة لميزانية التسيير، في حين بلغت كتلة الأجور 26 مليار دولار السنة الحالية من أصل 38 مليار دولار، مجمل ميزانية التسيير المحددة بـ4893 مليار دينار.
وفي السياق، يقول نائب رئيس البرلمان الجزائري وعضو لجنة المالية سابقا، محمد شريفي، لـ"العربي الجديد" إن "الحكومة الحالية تحصد ثمرة سياسة شراء "السلم الاجتماعي" التي اعتمدتها الحكومات السابقة، من خلال التوظيف العشوائي في القطاع العمومي مستغلة "البحبوحة المالية" التي كانت تحوز عليها الجزائر، إلا أن المعادلة انقلبت اليوم وتحولت أجور العمال إلى عبء في ظل شح الموارد وتعثر الاقتصاد الذي يعتبر غير منتج أصلا".
وحسب نفس المتحدث، فإن "الحكومة تضع الأجور أولوية ولن تغامر بتعطيلها". 

وفي تونس، تتجنّب السلطات الرسمية الحديث المباشر عن أزمة رواتب في الأفق خوفا من تأجيج الوضع العام في البلاد، غير أن مجمل المؤشرات الاقتصادية تنبئ بإمكانية وصول الدولة إلى مرحلة العجز عن تأمين أجور أكثر من 650 ألف موظف في القطاع الحكومي.
وتحتاج تونس وفق مشروع موازنة العام القادم إلى 20 مليار دينار (الدولار = 2.75 دينار)، لتأمين أجور الموظفين أي نحو 16.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
ولا يستبعد خبراء الاقتصاد أن تصل الحكومة إلى مرحلة العجز عن سداد الرواتب، قبل نهاية العام الحالي، بسبب شح الموارد.
وقال الخبير الاقتصادي، معز الجودي، إن توفير الرواتب يتوقف على مدى قدرة الحكومة على اقتلاع موافقة من البنك المركزي للتمويل المباشر للموازنة عبر شراء أذون الخزينة.
وأضاف الجودي لـ"العربي الجديد" أن تشبث البنك المركزي باستقلاليته، وعدم التمويل المباشر لعجز الموازنة، يضع الحكومة إزاء أزمة حقيقية لدفع رواتب الموظفين.
وبدأ برلمان تونس، الجمعة الماضية، مناقشة مشروع قانون المالية التعديلي لما تبقّى من السنة الحالية وسط اختلاف بين الكتل النيابية حول جموح المديونية ومخاوف من زيادة ضغوط الشارع.

المساهمون